رأي بالأجنبي: أوروبا.. قارة ((عجوز)) بعد الوباء..

Wednesday 28th of April 2021 10:48:28 PM ,
العدد : 4933
الصفحة : آراء وأفكار ,

 جوليان ديمون*

ترجمة: عدوية الهلالي

بعد أزمة اللقاح والزلزال الاقتصادي الناجم عن الوباء ، حان وقت الأزمة الديموغرافية. ففي حين أن المفوضية الأوروبية يجب أن تستجيب بالفعل لتوبيخ الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن نقص المعروض من اللقاحات في القارة ، وبشأن المبلغ الذي يعتبر الآن منخفضاً للغاية من خطة التعافي والبالغ 750 مليار يورو ، فإن هناك تحدٍ آخر يلوح في الأفق: وهو انخفاض معدل المواليد..

لقد سجلت جميع البلدان الأوروبية ، انخفاضاً واضحاً في معدل المواليد منذ بداية الوباء ويعد هذا تدهوراً ديموغرافياً يصعب محوه، إذ أدت الأزمة الصحية إلى تسريع الاتجاه الديموغرافي لانخفاض المواليد في أوروبا.

بعد مذبحة الحرب العالمية الأولى ، كانت العشرينيات (1920-1929) وليمة دائمة للإبداع والمتعة. ثم أصيبت بجروح خطيرة فجأة في ظل الأزمة الاقتصادية ، كما أدى صعود النازية وظلال الحرب العالمية الثانية إلى إغراقها في غموض أكثر مأساوية ...

ويضاف إلى هذه المقارنة التاريخية المزعجة ، حقيقة تم اكتشافها الآن، وهي تسارع الشيخوخة في القارة الأوروبية ، حيث يصاحب الزيادة في عدد الوفيات بسبب فايروس كورونا انخفاض واضح في عدد المواليد، في كل مكان في القارة الأوروبية ، ولا سيما في بلدان الجنوب (إيطاليا واليونان وإسبانيا) ، إذ أدى انخفاض المواليد في عام 2020 إلى نسف فرضية الحبس التي أدت إلى الرغبة في إنجاب أطفال، فمن الواضح أن القلق وانتشار البطالة وانعدام الرؤية الاقتصادية للسنوات المقبلة قد أضر بشكل خطير برغبتنا الجنسية، لذايمكن أن تصبح أوروبا عجوز بالفعل ، بعد صدمة كوفيد ، أوروبا العجوز جداً.

وفي الوقت الذي تواجه فيه القارة تحديات جيوسياسية خطيرة ، يعد هذا التحول الديموغرافي علامة حمراء أخرى، مثال على ذلك اليابان ، حيث إن معدل المواليد فيها هو واحد من أدنى المعدلات في العالم وحيث سيمثل أكثر من 65 عاماً 40 ٪ من السكان في عام 2050 ، مايوضح أن قوة الشيخوخة تفقد تأثيرها وديناميكيتها الاقتصادية بلا هوادة، فلا يزال مستوى البطالة في الأرخبيل من أدنى المستويات في العالم.

كما أن الموقع الجغرافي لأوروبا ،والوجهة الطبيعية لهجرة السكان الأفارقة الأصغر سناً ، يجعل من الضروري أيضاً مواجهة التهجين المعلن بشكل متزايد، إن الأزمة الصحية ، باختصار ، هي معجل بنيوي لكسور ونقاط ضعف العالم ..لذلك ، وأكثر من أي وقت مضى ، هناك حاجة ملحة ، بالنسبة لبلدان الاتحاد الأوروبي وشركائه ، لطرح هذه الأسئلة ووضع التخطيط في قلب جميع مبادراتهم الاقتصادية ، الصناعية ، الاجتماعية والستراتيجية فضلاً عن اللقاحات، وسيكون أسوأ شيء إذا أدى هذا الانخفاض في معدلات المواليد إلى تقليل تفكير الحكومات في المستقبل. وننسى أن مصير أوروبا العجوز جداً يعتمد ، أكثر من أي وقت مضى ، على خصوبة الأجيال الشابة من الأوروبيين.

وتواجه معظم الدول الأوروبية نفس التشخيص: فقد تفاقم الانخفاض في عدد المواليد خلال العام الماضي. ويجب أن يأخذ المخرج من الأزمة الصحية هذا التراجع الديموغرافي في الاعتبار..إذ يؤكد التقرير المتعلق بتأثير التغيرات الديموغرافية المستندة إلى أرقام "يوروستات" أن معدلات المواليد تكاد تكون شبه سارية في القارة الأوروبية..وأدت الأزمة الصحية إلى تسريع الاتجاه الديموغرافي لانخفاض المواليد في أوروبا..

نُشر التقرير على الإنترنت في حزيران عام 2020 ، وتم تحديثه بعد عام من انتشار الوباء وعمليات الإغلاق ، ومع الديناميكيات الجارية ، تصبح الصورة واضحة للغاية: صورة أوروبا التي تحتاج بالفعل إلى توابيت أكثر من حاجتها الى أسرّة الأطفال ..

* بروفسور وعالم اجتماع