العثور على أكثر من 11 ألف ضحية أعدمهم داعش في بادوش ومواقع أخرى في نينوى

Wednesday 16th of June 2021 10:55:08 PM ,
العدد : 4967
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ تميم الحسن

بعد نحو 4 سنوات على كشف مقبرة جماعية في شمال الموصل تم التعرف على اقل من ثلث الضحايا الذي أعدمهم "داعش" بعد ايام قليلة من سيطرته على المدينة في صيف 2014. وبحسب شهادات سكان وناجين من المجزرة، فان التنظيم ساق المئات من سجناء "بادوش" شمال غرب الموصل الى حفلات قتل جماعية قرب احد الوديان.

وقبل اسابيع قليلة بدأت السلطات العراقية بمساعدة أطراف دولية بفتح المقبرة، فيما يتوقع وجود مقابر اخرى غير مكتشفة.

ولا يوجد رقم دقيق لاعداد ضحايا المدنيين في الموصل بين 2014 الى 2017، التي تتراوح بحسب التقديرات بين 10 آلاف و40 الف.

لكن بحسب الجثث المكتشفة في نينوى حتى الان، فقد زادت عن الـ11 الف ضحية، وجدت جثثهم في 7 مواقع مختلفة في المحافظة.

وفي العاشر من تموز 2017، أعلن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، اكتمال استعادة الموصل من "داعش"، بعد حملة عسكرية بدأت 17 تشرين الاول 2016 بدعم من طيران ومدفعية قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

في سجن بادوش

وقال حسين حاجم، وكان وقت سيطرة "داعش" على الموصل مسؤولا في المدينة، في اتصال مع (المدى) ان "داعش اقتحم سجن بادوش في شمال غرب الموصل، وعزل السجناء القادمين من جنوب البلاد".

وكان السجن يضم 2500 نزيل، اغلبهم محكومون بقضايا جنائية، حيث تم نقل المتهمين بالارهاب من السجن، قبل 3 ايام من اقتحام التنظيم للموصل.

واضاف حاجم، والذي كان حينها قائممقام الموصل، انه "كان هناك سجناء نساء ورجال من الناصرية، والنجف، والكوت، وهؤلاء اعدموا في مكان قريب من الحادث".

وفي 2016 اعلنت وزارة العدل انها شكلت لجنة لتدوين شهادات الناجين من مجزرة سجن بادوش في محافظة نينوى لتوثيقها وتقديمها الى الجهات المختصة.

وبحسب المسؤول السابق في الموصل ان "السجناء توقعوا حين اقتحم المسلحون بادوش بانهم سيفرجون عنهم، ولم يكونوا يعتقدون انهم يساقون الى حفلة اعدامات".

وفي عام 2017 قالت قوات الحشد الشعبي، التي كانت تساند الجيش في عمليته العسكرية لاستعادة السيطرة على الموصل إن رفات عراقيين "كانوا يرتدون بدلات السجن" عُثِر عليها في قبر جماعي قرب "سجن بادوش".

ويتوقع بحسب شهادات السكان والناجين من تلك المجزرة، ان "داعش" قتل في تلك الحادثة نحو 600 نزيل.

وأعلنت بيانات حكومية مطلع الاسبوع الحالي، رفع رفات 123 شخصاً من ضحايا "بادوش" من أجل مطابقة عينات من الحمض النووي مع ذويهم الذين لا يزالون يجهلون مصيرهم. ومنذ أسابيع، تجري في بغداد ومحافظات أخرى عملية أخذ عينات دمّ من ذوي ضحايا المجزرة، فيما قال محافظ نينوى نجم الجبوري في تصريحات صحفية ان "هناك آلاف العوائل التي تنتظر مصير أبنائها المفقودين".

"داعش" تسابق لقتل الضحايا

وكانت شهادات عن ناجين من الحادث اكدت ان "داعش" قتل السجناء عند مجرى قديم لمياه الامطار قريب من سجن بادوش.

وقال احد الناجين، في 2014 – بعد ايام قليلة من اكتشاف الجريمة- ان حراس السجن "فروا" وخرج السجناء بشكل تدريجي من ساعة 5 الى 9 صباحا.

وكان السجناء حينها يسمعون اصوات اطلاق رصاص قبل ان يدخل المسلحون ويطلبون منهم الوقوف بطوابير، كل طابور 10 اشخاص.

وبحسب نصر عباس، وهو احد الناجين من الحادث والذي عرض شهادته امام محطات التلفزيون، فان "المسلحين كانوا يتسابقون على قتل السجناء".

عباس كان محكوما عليه بالسجن المؤبد لكنه رغم ذلك فضل تسليم نفسه للسلطات، يقول في شهادته :"بعض المسلحين قال انه جاء بسلاحه الخاص ويريد ان يقوم بالقتل بنفسه". لكن الاوامر حينها، بحسب ما سمع الناجي، قد صدرت لاشخاص معينين لتنفيذ عمليات الاعدام، ولكن "داعش" سمح للبعض بالتنفيذ بسبب اصرارهم على القتل.

رمى عباس بنفسه بسرعة الى اسفل الوادي بعدما سمع اصوات الرصاص، وتكدست بعد ذلك الجثث فوقه، وقال "مجموعتي كانت تضم 495 شخصا وهناك مجاميع اخرى غيرها اعدمت ايضا". وهرب المئات من الناجين من المجزرة الى اربيل ومناطق اخرى في نينوى قبل ان يسلموا انفسهم او يتم اعتقالهم، بحسب بيانات سابقة لوزارة العدل.

وبحسب تقديرات مسؤولين في نينوى فان مافعله "داعش" والعمليات العسكرية تسبب بمقتل 10 آلاف مدني، لكن هوشيار زيباري وزير الخارجية السابق، قال قبل سنوات ان "عدد الضحايا في نينوى وصل الى 40 الف".

مقابر الضحايا

صائب خدر وهو عضو في لجنتي القانونية والشهداء والضحايا في البرلمان، يؤكد لـ(المدى) ان "بادوش" واحدة من عدة مقابر مكتشفة واخرى غير مكتشفة حتى الآن.

وبحسب ماتوصلت اليه (المدى) من شهادات مسؤولين وسكان في نينوى، فان هناك 5 آلاف جثة يعتقد انها موجودة داخل انقاض المدينة القديمة في الموصل (انتشل العدد الاكبر منها).

الى جانب 300 جثة لقتلى قرى القيارة جنوب الموصل اعدمهم "داعش" في حمام العليل قرب كلية الزراعة جنوب الموصل حين انسحب التنظيم من هناك (عثر حتى الآن على 165 جثة). بالاضافة الى 300 جثة يتوقع انها موجودة في منطقة "الخسفة" وهو منخفض طبيعي في جنوب الموصل.

وكذلك 2500 ضحية في مقابر في تلعفر، و141 جثة في سنجار ضمن احد المقابر التي فتحتها السلطات، والتي يصل عددها الى 71 مقبرة. وبحسب مؤسسة الشهداء في العراق فأن إجمالي مواقع المقابر الجماعية التي تم فتحها حتى الآن بلغ 105 مقابر من أصل 210 تعود لحقبة النظام السابق، ثم فترة الإرهاب و"داعش".

ويقول صائب خدر وهو نائب عن نينوى ان "اغلب المقابر الجماعية يتم اكتشافها من شهادات السكان" التي كانت ترى عمليات الاعدام ولم تبلغ عنها الا بعد رحيل "داعش".

ويؤكد خدر ان "مجلس النواب خصص 2 مليار دينار لمؤسسة الشهداء لغرض الكشف عن المقابر"، لكنه يشير الى ان هذه العملية "تحتاج خبرات وكوادر عراقية اكبر ومشاركة دولية".