العمود الثامن: طائرة بايدن الورقية

Saturday 26th of June 2021 09:59:02 PM ,
العدد : 4973 (نسخة الكترونية)
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

وأنا أتابع تصريحات المسؤولين الأمريكان حول أفغانستان والمعارك التي تخوضها حركة طالبان لابتلاع الدولة، أتذكر روايات الكاتب الأفغاني خالد حسيني عندما قدم للقراء صوراً مأساوية لما جرى لبلاده من صراع دموي للاستحواذ على الحكم.

الطبيب الذي وجد نفسه بحاجة إلى إعادة رواية تاريخ حياته، كتب عن أفغانستان، ولم يخطر له وهو ينتهي من روايته الأولى "عدّاء الطائرة الورقية" أنه سيحظى بناشر. كانت أفغانستان بلداً بعيداً عنه، مجهولاً للعالم حتى ظهرت طائرات بن لادن في سماء أميركا في أيلول عام 2001. عارضت زوجته نشر الرواية بعدما قرأتها، خوفاً من أن يفهم ما كتبه زوجها خطأ، وقالت له إنها تخشى أن يعتقد البعض أنه يستغل مأساة شعبه لمنفعته الشخصية. ولم يتخيل أحد أن "عدّاء الطائرة الورقية" ستبيع أكثر من ثلاثين مليون نسخة وتترجم إلى 70 لغة، رواية صادمة تقدم حقيقة الحركات السياسية التي تتاجر بالدين. ولان الحكاية لاتنتهي يقدم روايته الثانية "ألف شمس ساطعة" ويصدمنا في المشهد الذي يروي فيه حكاية حارس حكومي سمع صراخاً في في أحد المنازل، وعندما دخل المنزل شاهد عناصر طالبان يغتصبون ثلاث فتيات. بعد ذبح إحداهن عض المقاتل إصبعها كي يقطعه ويحصل على الخاتم الذي تضعه.

بعد عشرين عاماً من المأساة والقتل والتهجير وجدت أمريكا أن هذا زمان طالبان، وأن البيت الأبيض مع بناء الدولة على طريقة الملا عمر حيث العودة إلى العصور الوسطى، وقتل الآلاف بالعبوات والسيارات المفخخة، ورفض أي شيء اسمه قانون، وتوفير مكان آمن في أفغانستان للجماعات المتطرفة، فالحركة التي قتلت واستباحت وحزّت الأعناق، وطاردت حتى تلاميذ المدارس، أصبحت في نظر السيد بايدن حركة ديمقراطية من حقها أن تتبادل السلطة ولو بأحزمة ناسفة.

في العراق المغلوب على امره سنجد بايدن يتحين الفرص لنفض يده مما جرى في بلاد الرافدين ، فهو لا يعتقد ان العراق يعيش المرحلة الأصعب والأخطر في تاريخه ، وهي مرحلة الانقلاب على التغيير الذي حصل بعد عام 2003 حيث توقعت الناس التي عاشت عقوداً من الدكتاتورية والتسلط بأنها ستفتح الأبواب والنوافذ للمستقبل، حتى قررت امريكا ان هذه البلاد تحتاج لكل ما هو فاشل ومزيف وعشوائي . سيتهمني البعض بأنني أحاول أن أنسج سيناريو من الخيال، ولكن الحقيقة تقول إن السيناريوهات التي يضعها بعض السياسيين، تثبت بالدليل القاطع أننا أمام معالجات درامية استطاع أصحابها وبمهارة أن يواروا ملفات مهمة مقابل انشغال الناس بانقطاع الكهرباء وصعود الدولار ، وكورنا التي تحاصر الفقراء ، مع غلق كامل لكل ملفات البناء والتنمية وتطوير قدرات الناس وتأسيس دولة المواطنة.

هل تشعر أميركا بالذنب؟ وهل يعرف ساستها أنهم أدخلونا في متاهة الطائفية، وكانوا مشاركين وشهوداً على الخديعة؟