العمود الثامن: ماذا بقي من الديمقراطية ؟

Monday 26th of July 2021 11:31:39 PM ,
العدد : 4989 (نسخة الكترونية)
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

تحولت صفحات الفيسبوك في بلاد الرافدين التي تنعم بـ " ديمقراطية " خالصة ! ، إلى ساحة صراع بين مؤيدي قرارات الرئيس التونسي، وأنصار الحفاظ على المؤسسات المنتخبة، واختفت أزماتنا المستعصية ، توفير الكهرباء، ومواجهة وباء كورونا، والقتل بكواتم الصوت، واكتشفنا أن صناديق الانتخابات هي وحدها التي تقرر مصير ملايين الناس، ولم نلتفت إلى ما يفعله البرلمان العراقي من خراب "ديمقراطي".. ونسينا ما نهب من أموال، لننشغل بسؤال أيهما أنفع لتونس برلمان حركة النهضة أم قرارات "السي سعيد"؟

الذين يقلبون صفحات الديمقراطية، لا يريدون أن يلتفتوا للحاضر قليلاً. في بلد مثل العراق يمتلك ثروات هائلة صنفته أمس مجلة "فوربس" الأمريكية، بأنه واحد من أبرز الاقتصاديات العربية، بناتج محلي يصل إلى "191" مليار دولار عداً ونقداً، في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن العراقي أن يحتفل باليوم الذي يتخلص فيه من المولدات والبطالة ومن شعارات عالية نصيف.

منذ شهور تدور في تونس معركة بين حزب النهضة الذي ينتمي إلى جماعة الأخوان المسلمين، وبين قوى سياسية ترفض أن تصبح تونس رهينة لخطب أردوغان وتنظيم الأخوان الدولي، فيما قررت الأكثرية من الشعب التونسي إعادة الاعتبار للدولة المدنية وإشاعة العدالة الاجتماعية.

سيقول البعض يارجل، صدعت رؤوسنا بالكتب والتغني بمقولات روسو وفولتير، واليومت تقف مع انقلاب ضد الشرعية، أيها السادة على مدى ثمانية عشر عاماً عشنا مع مجالس نواب منتخبة ليس لديها شيء تقدمه للعراقيين، مهمتها اعلان الحرب على النساء وحقوقهن، واعلاء شأن كل فاشل وانتهازي وسارق .

العراق المديون للعالم بـ"عشرات المليارات" وشعبه الذي يُطلب منه التقشف وشد الأحزمة، ويعيش الآلاف منه في خيام التهجير ومثلهم في دروب الغربة يريد له باسم صناديق الانتخابات ان يظل رهين امزجة البعض ممن يعتبرون الرفاهية والتنعم باموال البلاد مسوح بها فقط لمشعلي الحرائق من النواب .

ظلت الناس تأمل بسياسيين يعلون مبدأ الحوار السلمي، شعارهم القانون أولاً وأخيراً، لكنهم وجدوا أمامهم عقلية سياسية تتعامل مع الجميع باعتبارهم أعداء للوطن وعملاء للخارج، كانت الناس تأمل بسياسيين يخرجون البلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم ساسة ومسؤولين يريدون إعادة البلاد إلى زمن القرون الوسطى وعهود الظلام.

‎التغيير ليس صناديق انتخابات فقط، بقدر ما هو تفكيك بنية ترى في كرسي البرلمان حقاً شرعياً، وهذا لن يتم بمجرد تنظيف الواجهات، بينما يبقى العفن يحتل أركان الوطن، ويعيد إنتاج الفاشل كل مرة بوجه جديد وبشعارات وخطب جديدة .

ايها السادة اتركوا شعب تونس يقرر مصيرة وتحسروا على مصيركم الذي اصبح رهينة بيد كل فاشل .