باختصار ديمقراطي: العماري .. الموسيقار الجديد

Monday 6th of September 2021 12:45:19 AM ,
العدد : 5017
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

لم تقف نتيجة منتخبنا الوطني في أولى مبارياته ضمن التصفيات الحاسمة المؤهلة الى نهائيات كأس العالم قطر 2022 عند حدود اقتناص نقطة ثمينة من فم النمر الكوري الشرس على ارضه وتحت انظار جماهيره التي كانت تسانده من خارج أسوار ملعب كأس العالم في سيئول،

بل إن تلك النتيجة أفرزت جملة معطيات إيجابية تتمثل بالانضباط التكتيكي للاسود وجذوة روح التحدّي والثقة بالنفس والأهم الظهور الرائع للنجم القادم أمير العماري الموهبة الجديدة التي ترعرعت في ارض الاغتراب السويدية لتضيء وسط المنتخب وتحل لغز طال البحث عن إيجاد حلّه لمعالجة الفراغ الذي تركه المايسترو نشأت أكرم كصانع ألعاب هادئ وارتكاز صلب منذ اعتزاله اللعب الدولي.

ديك أدفوكات برهن عن عُمق نظرته الفنية وجرأته التي اكتسبها بثقة منذ سنيّ خبرته الطويلة مع عالم الكرة حين غامر بقلب من حديد وراهن على صواب اختيار العماري في أولى مبارياته المهمّة من دون تردّد ليُنفّذ بمعية رفاقه خطّة غلق منطقة العمليات وبعثرة أوراق المنتخب الكوري، فاصاب الخيار وخاصة بعد نجاح مرحلة الانسجام خلال الشوط الأول بين العماري وإبراهيم بايش وأمجد عطوان وبشار رسن وشيركو كريم لتتحوّل السيطرة والثبات في الشوط الثاني الى كابوس أصاب الكوريين ومدربهم بعد أن عجزوا عن اختراق الخطوط واكتفوا بالحيازة على الكرة التي كانت تستنزِف الوقت دون تأثير حقيقي!

الأداء العالي الذي قدّمه العماري لفت انتباه وسائل الإعلام العربية التي أشادت كثيراً بدوره في ضبط إيقاع وسط ميدان المنتخب ودقّة تمريراته ومساهمته في تعطيل الهجمات برغم صلابة الفريق المنافس ومهارة لاعبيه المحترفين وهو ما يؤكد وجود مواهب كروية عراقية مغتربة غير مكتشفة لم يجرِ التحرّك عليها واستقطابها بشكل سليم لتسهم في تعضيد المنتخبات الوطنية.

لقد أعادت خطوة أدفوكات قضية طالما عانينا منها على مرّ سنوات طويلة حين وضع أغلب المدربين السابقين للمنتخب الوطني حجاباً بينهم وبين الدعوات التي كانت تطالب باستقطاب اللاعبين المغتربين وتدعيم خطوط المنتخبات الوطنية وخاصة بعد نجاح تجربة ضم ياسر قاسم وأحمد ياسين وجستن ميرام وريبين سولاقا لتتوقف بعدها أي محاولة لاكتشاف المزيد منهم بل إن آخر من قاد المنتخب الوطني السلوفيني كاتانيتش مارس دوراً غريباً حين تعمّد إبعاد كل المغتربين ورفض تحت أي سبب الاستفادة منهم أو توظيفهم لخدمة الأداء في وقت كان يعاني كثيراً من وجود خلل واضح في مراكز بعض اللاعبين وخاصة التي كان يشغلها جستن ميرام وأحمد ياسين.

المسألة تحتاج الى وقفة ودراسة معمّقة من قبل وزير الشباب والرياضة والهيئة التطبيعيىة وفقاً لاتجاهين، الأول احتضان أمير العماري ودعمه لمواصلة اكتساب الثقة بالنفس وتحرير مكنونات مهاراته الفنية وتوظيفها داخل الميدان من خلال تمتين مساحة التعاون مع زملاءه وتسريع حالة الانسجام بينهم وخلق بيئة حاضنة للجميع من دون تفرقة، والاتجاه الثاني هو الانطلاق نحو البحث والتقصّي عن كل المواهب المغتربة برؤية علمية لا تتأثر بحملات الدعاية وحملات مواقع التواصل الاجتماعي أو تسير وفقاً لمزاجية البعض من المحسوبين على لجنة المغتربين، وبالتالي رفد أجندة مدربي المنتخبات الوطنية بكل المعلومات الخاصّة بهم لتكون مرجعاً لهم في تقييم المستوى والإقرار على من هو أصلح عندها سنضمّ من الغرب سفّاحاً وساحراً آخرين كما كسبنا اليوم موسيقاراً جديداً كالمبدع العماري.