أفغانستان والعراق

Saturday 18th of September 2021 10:58:54 PM ,
العدد : 5026
الصفحة : آراء وأفكار ,

 د. أثير ناظم الجاسور

قد نضطر في الكثير من الأحيان ونحاول الوصول إلى نتائج نراها ضرورية من خلال المقارنة بين نماذج على ارض الواقع تتلاقى وتختلف فيها الأهداف والمصالح في مختلف الاتجاهات، قد تختلف الصور والمشاهد هنا وهناك من حيث العوامل والسياقات التي تُسير الاحداث مع الدفعات التي تتلقاها من قبل القوى الفاعلة التي ترى في هذه المنطقة او تلك وهذه الدولة وتلك من الأهمية ان تعلب فيها الأدوار المناسبة التي تحدد درجات القوة والسيطرة والانطلاق لتنفيذ المشاريع،

فمن بديهيات هذه القوى انها عملت على مساحات الفوضى في دول الأهمية الاستراتيجية التي تتوافق مع تصوراتها وما يتطلبه التفكير الاستراتيجي للوحدة القرارية لهذه الدول بحجة التدخل تحت مسميات مختلفة التي تساعد على دعم عملية التدخل والتغيير ان تطلب الامر وهذا ما يدعو إلى مراقبة الاحداث العالمية، سيما وانها باتت متغيرة بسرعة مرعبة وعملية الصعود والهبوط أضحت واحدة من بديهيات هذا النظام التي اعتمدت بالدرجة الأساس على التغيير من الداخل سواء بتغيير الدول شكلاً ومضموناً او في التغيير الحاصل في تراتبية هذا النظام.

أفغانستان والعراق كانا ولا يزالان ضمن الاستراتيجيات الإقليمية والدولية كغيرهم من الدول والمناطق المهمة في هذا العالم قد تختلف الاهتمامات والاوليات حسب توجه كل قوة من القوى لكن في النهاية الهدف واحد، بين هذين البلدين مشتركات في التغير وعملية إدارتهما بعد التغيير فكليهما تم احتلاله من قبل الولايات المتحدة الامريكية مع اختلاف الحجج المسببة للاحتلال مما عزز الفوضى السياسية والاجتماعية في كليهما، بالإضافة إلى قيام الولايات المتحدة داخلياً بمساعدة الطبقة الحاكمة الجديدة في الشروع بالعمل وفق قواعد غير منطقية داخل كل منهما مما ساعد على ان تكون هذه الحكومات منبع للفساد المالي والإداري الذي ساهم في ضعف مؤسسات الدولة وترهلها جعلها دول هشة غير قادرة على مجاراة الأحداث والتحديات التي تلم بها، ايضاً ساهم احتلالهما على تعزيز وتقوية الهويات الفرعية التي تغلت بدورها اضعفت الهوية الوطنية بعد ان جعلت منها أساس العمل في المؤسسات الحكومية غير التقسيمات القبلية والعائلية، اما المؤثرات الخارجية فجعلت كل منهما ضحية التدخلات الإقليمية التي سيطرت على تفاصيل أساسية سواء في العمل على دعم مسمى على الاخر او التدخل في عملية إدارة الدولة غير اضمحلال السيادة.

في كلا البلدين تلعب محركاته الاجتماعية دور كبير في حركة التفاعل مع القضايا الأساسية قد تختلف بين البلدين تفاصيل معينه لكنها مهمة، لكن التشابه ان هذه المحركات بدلا من ان تقوي عمل الدولة ساعدت على اضعافها وفق لمتطلبات مصلحة هذه الجماعة او تلك، ايضاً للبلدين مراكز قوى تستمد قوتها من هذه المحركات التي ايضاً هي تستمد قوتها من خارج الحدود بمسميات الدين والطائفة والقومية، لكن هذا لا يعني ان فيهما محركات وتوجهات تعمل على إزاحة مجاميع الفكر الضيق او بالأحرى من يحاول ان يسيطر على عمل الدولة لكن هذا لا يعني ان الأصوات المعترضة لا تلقي اهتمام لعدم قدرتها على مجاراة مال وقوة المهيمنين على الحكم.

ما حدث في أفغانستان اليوم هو نتيجة طبيعية لكل الأخطاء التي مورست سواء من قبل الولايات المتحدة او النظام الحاكم مما أسهم في ترسيخ فكرة التغيير لدى الأفغان بالإضافة إلى عدم قدرة المؤسسات الأمنية منها ان تقف بوجه المتقدمين (طالبان) إلى جانب ضعف الدولة هناك الاعتبارات القبلية والدينية التي يحسب لها حساب في المجتمع الافغاني، بالرغم من الأفغان لا يحبذون طالبان وطريقة حكمهم وتطرفهم إلا ان الأوضاع ساهمت ان تكون أفغانستان على هذا الحال، في العراق وبسب السياسات المتبعة من قبل الولايات المتحدة سابقاً والحكومات الحالية رسخت ايضاً فكرة التغيير في العقلية العراقية قد تكون الفكرة مختلفة لكن النتيجة واحدة فلاتزال المؤسسات العراقية تقع تحت سيطرة الحاكم وحزبه او القوى المسيطرة وهذا ما يجعل منها غير قادرة على مجاراة الاحداث الخطرة وليل ذلك ما حصل عام 2014، وفي كل الأحوال مجرد ترسيخ فكرة التغيير او الشعور بعدم جدوى من يحكم ما هي إلا مسالة وقت وتنتهي مرحلة لتبدأ مرحلة أخرى.