العمود الثامن: بيان مضحك لوزارة الداخلية

Wednesday 22nd of September 2021 11:39:22 PM ,
العدد : 5030
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

في كل يوم تسجل لنا الديمقراطية العراقية، المسلّحة منها وغير المسلّحة، أولويات كثيرة و"مهمة"، فهي أول دولة تمارس السياسة من أجل الضحك على الناس، واللعب على مشاعرهم، لأنهم يعتقدون أنّ هذه البلاد منذورة لمهمة أكبر، وهي الحفاظ على "شذوذ" بعض الأجهزة الامنية وتحكمها بحياة المواطن، وإلا ما معنى أن يتعرض مواطن للموت في مركز شرطة،

من دون أن يحاسب ضابط التحقيق؟، بل وجدنا المسؤولين في الداخلية يبررون الحادث، ويجدون الأعذار للضابط الذي يجب أن يحجز في مستشفى للأمراض النفسية. ولم تكن هذه الحادثة الأولى، ولن تكون الاخيرة، ففي كل مرة تقدم لنا وزارة الداخلية "مشكورة" عرضا "همجياً" هدفه سلب آدمية المواطن العراقي.. سجناء يتعرضون إلى أبشع أنواع التعذيب، ومواطنون يهانون في مراكز الشرطة التي تحولت إلى إقطاعيات يمتلكها ضباط بمباركة وزارة الداخلية. قبل يومين ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر لا يحدث إلا في العراق، فقد أفرجت الجهات الأمنية في محافظة بابل، عن شاب متهم بقتل زوجته، لكن تبين لاحقاً أنها على قيد الحياة، وسط حالة من الغضب ، لنكتشف ان جريمة الشاب كانت أنه تجرأ وقدم بلاغاً إلى مركز الشرطة عن فقدان زوجته، ولم يكن يدري أن هناك ضابطاً عصابياً، يتلذذ بتعذيب الآخرين وتحقيرهم، ولأن الشرطة لا مجال عندها للبحث عن الحقيقة، فإن أقصر الطرق هو إقامة حفلة تعذيب حتى يعترف هذا المواطن .

ما بين بيان وزارة الداخلية الكوميدي والذي أكدت فيه أنها ستقف على الأسباب الرئيسة التي دفعت هذا الضباط إلى القيام بهذه الإجراءات بحق مواطن عراقي، وبين بشاعة القصاص من مواطن، جريمته الوحيدة أنه دخل مركز شرطة، تعيش الناس اليوم في ظل أفراد وأجهزة يعتقد كل منهم أن له الحق في تنفيذ قانونه الخاص، قد تكون هناك جرائم تستحق العقاب، لكن المؤكد أن العقوبة يجب أن تأتي بأمر من القضاء، لا بأمر من ضباط يعتقدون أنهم فوق القانون وفوق الشرائع، عندما يصر البعض على تنفيذ قانونه الخاص، فأغلب الظن أننا ننجرف إلى هاوية لا نهاية لها.

لعل الأخطر في واقعة تعذيب الشاب وتعذيبه ، ليس أن أفراداً من الشرطة قرروا أن يكونوا هم الدولة وهم القانون، بل هو تبريرات وزارة الداخلية المضحكة على مثل هذه الأفعال الإجرامية.

لقد عملت البشرية منذ عقود على اختراع اسمه القانونر الذي هو عقد اجتماعي بين المواطنين جميعاً، ينتقل من خلاله المجتمع من حالة الفوضى ، إلى حالة النظام والتحضر والعدالة التي تطبق على الجميع، وهذه هي الضمانة الوحيدة لاستمرار الحياة، ومن دون ذلك سيتحول المجتمع إلى غابة يفرض فيها القوي قانونه الخاص على الضعفاء.