كلاكيت: الهجرة.. عراقياً

Wednesday 27th of October 2021 11:45:44 PM ,
العدد : 5052
الصفحة : الأعمدة , علاء المفرجي

 علاء المفرجي

فيلمين عراقيين مهمين عن ظاهرة الهجرة، وهي تتساوق مع افلام الهجرة التي اجتاحت السينما العالمية في الوقت الحاضر، خاصة بعد موجتها الكبيرة في أوربا عام 2014.. الفيلما العراقيان هما (اوربا) للمخرج حيدر رشيد، و(بلا وطن) للمخرج الكردي تورج أصلان.. والذان سنلقي عليها ضوءا فييما بعد.

فالهجرة غير الشرعية هي الهجرة التي تتم بطرق غير قانونية للصعوبة الكامنة في سلك طريق الهجرة الشرعية .. وقد ازدادت هذه الظاهرة انتشارا في السنوات الاخيرة بسبب قساوة القيود التي وضعتها الدول المستقبلة لهكذا نوع من الهجرة، اضافة الى المخاطر المحتملة التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين. وقد ازدادت حالات هذه الهجرة ابتداءً من منتصف سبعينات القرن المنصرع بعد الاكتفاء النسبي للايدي العاملة في اوربا، وكان ذلك السبب في تبني اجراءات قانونية صارمة للحد من هذه الهجرة.. وتقف اسباب كثيرة لهذه الظاهرة منها التباين الاقتصادي بين الدول ، وقلة فرص العمل وانخفاض مستوى المعيشة وايضا الصراعات الاهلية التي يشهدها الشرق الاوسط ودول البلقان وغيرها.

وشهد العامان الأخيران انتاج عدد من الافلام الوثائقية والروائية التي تتناول هذه الظاهرة من جوانب مختلفة، سنحاول ان نتوقف عند البعض منها.

فيلم (تيرافيرنا ) للمخرج كرياليس الذي عرض في مهرجان دبي - الجسر الثقافي - من جهة ان موضوع الفيلم يمثل تعبيرا حقيقيا عن فكرة هذه الفعالية التي تسعى الى قهر الحواجز والعوائق الثقافية بين البشر وايضا كونها تجسيدا لشعار المهرجان بوصفه "ملتقى الثقافات والإبداعات" .

و (تيرافيرنا ) بالنهاية هو احد اهم الافلام التي زخرت بها دورة المهرجان هذا ، ويعد مخرجه كرياليس اسما بدا يكرس حضورا لافتا في سينما كان لها دور كبير في صياغة تاريخ السينما العالمية، وفي جعبته حتى الان ثلاثة افلام روائية طويلة كانت كافية لكي تلفت اليه انظار الجمهور والنقاد في كل مكان، حيث استطاعت ان تعتلي منصات الجوائز في مهرجانات سينمائية مهمة وآخرها فيلمه هذا الذي سبق له ان فاز بجائزة التحكيم الكبرى لمهرجان فينيسيا السينمائي الاخير.

يأخذنا فيلم كرياليس الى جزيرة صغيرة من جزر صقلية المنسية، يعمل سكانها ويعتاشون على صيد السمك، والبحر هو عالمهم الحقيقي الذي تتجلى عنه قوانينهم وعلاقاتهم الإنسانية، هو حدود لعلاقتهم بالعالم، وكان من الطبيعي ان تؤثر الفورة الاقتصادية على هذا العالم المستكين، ليكتشفوا من خلالها نشاطا جديدا يتمثل بانتباه السياح لجزيرتهم وهو ما يعني مصدرا اخر للرزق ، لكنه هذه المرة ينال من قيم اجتماعية راسخة.. وقضية اخرى تتجلى عنها هذه الفورة والتي تتعلق بكون الجزيرة هدفا للمهاجرين غير الشرعيين، خاصة وان إيطاليا تشهد الان اكبر موجة من موجات هجرة المهاجرين غير الشرعيين وهو الأمر الذي قلب حياة هذه الجزيرة رأسا على عقب..

تتركز احداث الفيلم عن عائلة تمثل نموذجا لحياة اناس الجزيرة تنشغل بهمومها اليومية، واحلام افرادها، ولكن الاقدار تضعها امام حدث سيغير مجرى هذه الحياة بالنسبة لها عندما (تتورط) في ايواء عائلة مهاجرة ، فيهيمن القلق والخوف عليها ، بين الاستجابة لقوانين البلد التي تحرم التعاطي مع هذا الموضوع ، والدافع الإنساني المتجذر في تقاليد البحر التي تحكم الجزيرة منذ سنين طويلة. وفي تصاعد سلس للأحداث نكون امام قضية تشغل هذه العائلة تتنصر فيها بالنهاية إنسانية البشر عندما يقرر الابن خوض تجرية انقاذ العائلة المهاجرة الى النهاية.

وبالرغم من ان هذا الفيلم ليس الوحيد الذي يناقش مثل هذه القضية ، لكنه ينفرد بكون خطابه لا يخفي انحيازه في التعاطف مع محنة البشر في الحصول على حياة افضل.

يتبع