حذّر من خرق سقف حريّة الإعلام الرياضي .. وليد الشبيبي:انتقاد المُتلاعب بمصير الرياضة ليس تشهيراً .. ومنتحل صفة إعلامي يعاقب بالحبس!

Wednesday 12th of January 2022 11:33:39 PM ,
العدد : 5104
الصفحة : رياضة ,

 مشكلة القضاء مع منشورات (فيسبوك) فنيّة .. والمُشرّع مطالب بقانون الجرائم الإلكترونية

 بغداد / إياد الصالحي

أكّد المحامي الرياضي وليد محمد الشبيبي، أن هناك حد فاصل بين حريّتي الرأي والإعلام المكفولتين بموجب المادّة 38 من الدستور وقانون حماية الصحفيين رقم 21 لسنة 2011، وبين التجاوز على الآخرين بداعي التشهير والسَّب والقذف العلني، داعياً السلطة التشريعية إلى اصدار قانون النشر والجرائم الإلكترونية لمعاقبة منتحلي صفة الإعلام في مواقع التواصل الأجتماعي وغيرها.

وأضاف الشبيبي في حديث لـ "المدى" :في قطاع الإعلام، توجد جنبتان مدنيّة وجزائيّة من الناحية القانونية، وتستحق المدنيّة التعويض بشرط وجود فعل لجريمة، وعندما تُعرض قضيّة من هذا النوع على القاضي، فإنه يُحيلها الى خبير النشر، والأخير يُقرّر إن كان نقد الإعلامي للمسؤول بصفته الوظيفيّة أم يوجد تجريح شخصي وتشهير به وبعائلته؟

وبيّن :"أما في حالة انتقاد مسؤول رياضي مقصّر باتخاذ قرار تلاعب بمصير الرياضة مثل مشاركة منتخب يمثل العراق في مهمّة وطنيّة، يخرج الإعلامي ليُحمّله تبعات ذلك، فهذا ليس تشهيراً ولا قذفاً، لكون المسؤول يتحمّل الضرر النفسي الذي سبّبه سلوكه الإداري لأكثر من 40 مليون عراقي".

لوائح النقابة

وأوضح :"يُمكن لنقابة الصحفيين أن تضع لوائح وأنظمة لا تُخالف قانون الصحفيين رقم 68 لسنة 1965، ولا تتجاوز على قانون نافذ بما في ذلك قانوني (حماية الصحفيين والعقوبات) أي لا تخرج عن هذا الإطار وسقفه المُحدّد، وبالأخص حدود المادة 38 من الدستور العراقي كون الأنظمة الداخلية لأيّ كيان هي تفسير لتطبيق قانون وليس العكس".

وبشأن أحكام جرائم السَّب والقذف العلني، قال "تحكمها المواد 433 و434 و435 و436 من قانون العقوبات، وكذلك الابتزاز والتهديد حسب المواد 430 و431 و432 من القانون ذاته، فالبعض يُهدِّد المسؤول بإظهار ملفّات تدينه ومؤسّسته بالفساد، لكنّه لم يُظهرها كما توعّدهُ، وربما كان قصده التهديد والابتزاز، وهذا ما تفصل به المحكمة".

ملكيّة المعلومة

ونبّه الشبيبي بخصوص جرائم النشر في موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) :"إن مشكلة القضاء العراقي هنا فنيّة بحتة، وتكمن في عدم سيطرته على مُلكية المعلومة، كون الموقع خارج العراق ولا يُمكن وضع اليد على بياناته بسهولة لسرّيتها وعدم جواز كشفها حسب سياسة اصحاب الموقع، والسرّية ذاتها مهمّة عندنا لو كنّا بمحلّهم ما لم ينجم عن كشفها وقوع جريمة، فلابدّ أن تصبح مُتاحة أمام الأجهزة المُختصّة المُراد أن تحقّق فيها".

وتابع :"كما لا يُمكن للأدلّة الجنائيّة أو أجهزة الأمن المختصّة أن تصل الى البيانات في الأغلب، باستثناء التوصّل الى خيوط الجريمة من خلال صاحب المنشور نفسه عند التحقيق معه عن أسباب التشهير أو السَّب والقذف بالشخص الآخر أو المؤسّسة أو أيّة مجموعة".

سقف المسؤولية

ولفت إلى أن "هناك فرق بين الإعلامي والمواطن العادي، وقانون حماية الصحفيين عزّز حقوقه وأضفى حماية مُضاعفة له عن الثاني، وفي نفس الوقت رفع من سقف المسؤولية عليه، أي زيادة في الحماية مقابل عقوبة مشدّدة إذا ما خرق سقف حرّيته في العمل".

وأضاف "الإعلامي صاحب السلطة الرابعة يفترض أن يكون لديه وعي وإدراك يجعله يفرز الغثّ عن السمين، وألاّ يستخدم حرّيته الشخصيّة للتجاوز على حريات الآخرين والتشهير بسُمعتهم فذلك يُعد خرقاً لقانون عقابي بما فيه قانون العقوبات العراقي بتوصيف (السب والقذف) بشكل علني كون الإعلامي لديه قناته وصحيفته وإذاعته التي يرسل من خلالها رسائله الى الجمهور".

التشهير والانتقاص

وأكد أن "حرية الإعلام أحياناً فيها تجاوز على حرية الآخرين، وهنا يأتي دور المسؤولية الجزائيّة وحتى المدنيّة بشكل تعويض بما سبّبه من ضرر نفسي وأدبي ومادّي، مثلما يتحدّث إعلامي عبر برنامج تلفازي عن مسؤول رياضي أو يكتب صحفي في جريدة أو موقع عن رئيس اتحاد مثلاً ويخرج عن إطار حريّة الإعلام ويدخل في منطقة التشهير والانتقاص منه ويوجّه له اتهامات تجعله تحت انظار محيطيه في العمل أو بين أفراد عائلته أو التجمّع الاجتماعي الذي يتواجد فيه محل شُبهة ويهزّ ثقتهم به ويشوّه سمعته ويقلّل من حظوظ تسنّمه أية وظيفة حينما يُجرّده من صفة النزاهة".

الحذر والوعي

وأشار الى أن :المادة 38 تمثّل حماية دستورية للإعلامي، ومن دونها لا يمكنه العمل بحرية لتشخيص مكامن الخلل في المؤسّسات الرياضيّة وفقاً لضوابط العمل الصحفي، وفي الوقت ذاته تبقى حريّة الإعلامي كالسيف إن لم يستطع استخدامه بحذر ووعي تامّين مثلما قصد المشرّع ذلك في الدستور والقانون سيعود وبالاً عليه ويُحاكم بتهمة التشهير ظنّاً أنه استخدم حقّه في النقد البنّاء"!

انتحال صفة

وتساءل الشبيبي "هل كل من ينتقد في المواقع ويظهر في البرامج هو إعلامي حقيقي يُشمل بالحقوق والواجبات؟ لا، وهنا يفترض أن تأخذها نقابة الصحفيين دورها، وتحقّق في إدعاء البعض، هل ينتمون الى شريحة الإعلام وتشرّبوا بأخلاقيات وفكر وأصول المهنة وقواعدها؟ أم ليسوا من خريجي كلية الإعلام أو أحد المعاهد الأكاديميّة المتخصّصة أو ممّن يمتلكون خبرة عقدين أو ثلاثة من العمل الاحترافي اليومي، وراح ينشِئون منصّات إلكترونيّة تحمل تسميات (الإعلامي والصحفي) وبذلك ينتحلون الصفة، ولا يدرون أن قرار مجلس قيادة الثورة المنحل 160 لسنة 1983 أكد أن كل شخص ينتحل صفة في الوظائف المدنيّة العامة أو يتدخّل ضمن أعمالها من دون صفة رسميّة أو موافقة من جهة مختصّة مثل انتحال صفة إعلامي وهو لم يتخرّج من كلية إعلام أو لم يُعتمد من نقابة الصحفيين أو أية هيئة نقابيّة تتبنّى هذا الموضوع فإنه أرتكب جريمة ووقع تحت طائلة الحبس من سنة الى خمس سنوات".

قانون الجرائم

ويرى المحامي الرياضي "ضرورة أن يشدّد المُشرّع القانوني بإجراء التعديل على قوانين العقوبات الحالية أو يصدر قانون النشر والجرائم الإلكترونية، فأغلب قضايا التشهير والقذف تشكو الإعلام الإلكتروني، لسهولة النشر عبر تطبيقات الموبايل أو الكومبيوتر، بينما قبل عام 2003 لا يجرؤ أي إعلامي الكتابة في الصحف بأسلوب تهجّمي ضحل ضد أي شخص".

خروقات الإعلام

وخلص الشبيبي الى القول "أن خروقات وسائل الإعلام في الصحيفة والتلفاز والإذاعة، يتحمّلها الإعلامي ورئيسه صاحب الوسيلة، بمسؤولية مشتركة أمام القضاء، مثلما أكّد المُشرِّع في المادة 80 من قانون العقوبات، وهذا الأمر نافذ قبل عام 2003، ولم تدخل شبكة الانترنيت للخدمة في البلد حينها، ويجري الحُكم في ضوء ذلك حسب نوع الشكوى، فالجنبة الجزائيّة تتمثّل في الغرامة أو الحبس (24 ساعة – 5 سنوات) أو كلا العقوبتين، أما الجنبة المدنيّة فيتم التعويض عن الضرر الذي أحاق بالمُجنى عليه، علماً أن أشدّ العقوبات لمثل هذه القضايا التي تصدرها المحاكم اليوم بحق الجاني فقد درجت على معاقبته بالحبس لمدة سنة أو ستة أشهر مع وقف التنفيذ، شريطة ليس لديه صورة قيد (اصحاب سوابق) في الأدلة الجنائيّة".