باختصار ديمقراطي: اتحادات السُبات العميق!

Sunday 6th of February 2022 11:32:53 PM ,
العدد : 5121
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

ترقد العاب القوى العراقية بزاوية مُظلمة في أحد مخابىء الرياضة العراقية التي كثُر بها الراقدون من اتحادات العاب مختلفة لا نسمع بها غير صراخات التنافس والصراع في مواسم الانتخابات أو أوقات المُطالبة بعطايا الدولة من تخصيصات مالية تدعم خزينتها، لكنها تدخل في صمت مُريب حين تحين البطولات ويحصد الناجحون ثمار جهودهم تاركين للفاشلين سلاّت الحُصرم!

يعيش اتحاد العاب القوى هذه الفترة في حيرة من أمره بعد توارد أخبار عن محاولته تمديد عقد رعايته من أحد المصارف بعدما اخفق في استثمار الأموال الكبيرة التي منحها المصرف في تطوير اللعبة أو تحقيق نتائج حقيقية على المستوى الخارجي تسهم بذات الوقت في التسويق والترويج للجهة الداعمة كحق مشروع في استثمار متبادل بين الطرفين.

إن صحّت تلك الاخبار بكل تفاصيلها فإن الاتحاد المذكور قد وضع نفسه في أكثر من مأزق يبدأ أوّلاً عن مصير الأموال السابقة التي استلمها وكيفية التصرّف بها ومحصّلة النتائج التي خرج بها خلال تلك التجربة، وثانياً مسؤوليته عن فشل تجربة وزارة الشباب والرياضة التي شرعت الى اعتماد مشروع تحفيز الشركات والمصارف في رعاية الاتحادات لتوفير الدعم المالي من أجل تأمين موارد اضافية لتطوير الألعاب، وبالتالي فإن تبديد تلك الأموال من دون تحقيق طفرة أو انجاز هو رسالة مُقلقة لبقية الجهات الداعمة بعدم وجود منهج وتخطيط لنجاح التجربة.

المسألة الأهم، هو خواء خزينة الاتحاد للمرحلة القادمة وعودته الى نقطة الصفر بالاعتماد على التخصيصات من الميزانيّة العامة التي كان يشكّل عليها قلّتها وعدم إيفاءها بتغطية النفقات والمشاركات الخارجية، وكانت سبباً في تردّي النتائج وتراجع مستوى اللعبة خارجياً، لكن الواقع يتحدّث بلغة عقلانية لا تقبل التشويش وتخطّي المنطق، فحال اللعبة يكاد يكون على نسق واحد لم يتغيّر سواء في زمن الاعتماد على التخصيصات الحكومية أو إمتلاء خزينة الاتحاد بأموال الرعاية من أحد المصارف وهو ما يؤكد أن السبب لا يكمن في توفير الأموال بقدر ما يتعلّق بمن يديرها ويخطط بعلمية لتوجيهها نحو مقاصدها الحقيقيّة واستثمارها باتجاه اكتشاف الأبطال وتحقيق الانجازات على مستوى خارجي مُعترف به وليست المشاركة ببطولات ترفيهيّة لا جدوى منها غير الدعاية الإعلامية.

من حق الجميع أن يتساءل بكل شفافية :اين نحن من تاريخ العاب القوى العراقية وابطالها على المستوى العربي الآسيوي والتي كان رئيس الاتحاد الحالي د.طالب فيصل أحد الاسماء التي يشار اليها بالبنان في وقت يعجز اتحاد يقوده بطل سابق في انتاج نظير له في الموهبة والانجاز!

أليس من المفترض أن تحرص إدارة الاتحاد على التمسّك بذلك التاريخ والمحافظة عليه من خلال ارتفاع مؤشّر التطوّر وهم الأعرف بخبايا ومتطلّبات اللعبة التي تعتمد على القاعدة الشبابية وانتاج البطولات المدرسية وتوفر الملاعب النموذجية والمنشآت الرياضية الداعمة لها؟ لماذا لم نستثمر فترة الوفرة المالية في بناء الملاعب الخاصة او تنشيط الرياضة المدرسية بالتعاون مع وزارتي التربية والتعليم العالي لاكتشاف المواهب؟

باختصار..العاب القوى والألعاب الفردية الأخرى في أغلب دول العالم تمثل منجماً يدرُّ الذهب والسُمعة والانتشار في وقت تعجز السياسة أو الاقتصاد عن منحها تلك المكانة، لذلك فهي تعمل لسنوات طويلة لتجهيز الابطال واحتضان المواهب للتنافس والتفاخر بهم في المحافل الدولية الرسمية لحصد الألقاب والميداليات العالمية، وحين نشاهد العاب القوى العراقية لازالت تحت تأثير التخطيط العقيم والمشاركات الخجولة وعجزها عن المحافظة على فرصة استثمار مشاريع الرعاية التي تدعم خزينتها فإن المستقبل لا يبدو أنه سيتجه نحو رؤية شمس التطوّر والانجاز، فهناك لازالت جوانب قاتمة ومحيّرة لطبيعة العمل ورؤيته للمرحلة القادمة، الأمر يحتاج الى نظرة شاملة لألعاب القوى وأخواتها، وما يجري خلف جدران إداراتها بدلاً من التركيز على كرة القدم وكأنها الوحيدة التي تختصر بها الرياضة بينما البقية تغطُّ في سبات عميق!