الطفلة رحمة ليست الأخيرة.. العنف ضد الأطفال يتصاعد في العراق

Sunday 6th of February 2022 11:58:33 PM ,
العدد : 5121
الصفحة : سياسية ,

 متابعة / المدى

فيما يبدو مسلسلا متناسلا وطويل الأمد، تتواصل جرائم وحوادث العنف ضد الأطفال العراقيين، بما فيها العنف المدرسي الممارس بحقهم من قبل من يفترض أنهم معلمون ومربون. وفي أحدث أمثلتها، تعرضت الطفلة رحمة 8 سنوات، لضربة على رأسها من قبل معلمتها في إحدى مدارس مدينة الموصل محافظة نينوى، والتي فقدت على إثر مضاعفات تلك الضربة القدرة على المشي، التي تسببت لها بشلل في أطرافها السفلية، حسب ما صرحت به أسرتها.

وتعهد وزير التربية العراقي، علي الدليمي، عبر الاتصال بالهاتف مع التلميذة رحمة، أنه سيتكفل بعلاجها لحين تمكنها من العودة لمقاعد الدراسة، وفق بيان صدر من وزارة التربية العراقية.

كما وجه وزير التربية مدراء الإشراف في نينوى وباقي المحافظات، بالنزول للمدارس بشكل ميداني لتوجيه الملاكات التدريسية بضرورة حماية أبنائنا الطلبة والتلاميذ والتعامل معهم بشكل تربوي وأبوي، مشددا على أن رسالة التربوي العراقي الإنسانية ستظل تحتل المقام الأول في عملنا، من أجل الحفاظ على صورة العراق الناصعة في المجال التربوي والعلمي، حسب بيان التربية العراقية. وأثارت هذه الحادثة البشعة، غضبا واسعا بين أولياء أمور الطلاب العراقيين ورواد الشبكات والمنصات الاجتماعية في البلاد، الذين اعتبروا ما حدث "إرهابا تربويا" بحق أطفال صغار لا حول ولا قوة لهم.

وانتقدوا التعاطي الحكومي مع هذه الجريمة، حيث بعد مرور نحو 3 أسابيع من وقوعها وبفعل انتشار أنباء حدوثها فيما بعد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قامت وزارة التربية العراقية بإصدار بيان حول الواقعة، دون أن تتخذ إجراءات عقابية صارمة بحق المعلمة التي اعتدت على الطالبة الطفلة، التي طالبوا بمحاكمتها وليس فقط الاكتفاء بوقفها عن العمل، وكأنها ارتكبت خطأ اداريا بسيطا ولم تتسبب بإعاقة لطفلة بعمر الورود.

وتعليقا على تكرار العنف المدرسي بحق الأطفال في العراق، يقول علي البيدر، الكاتب والباحث العراقي: "ثقافة الضرب المتجذرة يبدو أن لوثتها انتقلت من المجتمع للمدرسة في العراق، وهي تدل على عدم نضج متشربيها وممارسيها من الكوادر التدريسية والتربوية، وعلى عدم صلاحهم وأهليتهم للاضطلاع بمهمات التعليم والإرشاد".

ورغم أن لدى وزارة التربية إجراءاتها وتوجيهاتها الصارمة عادة فيما يتعلق بمنع حوادث الضرب للتلاميذ وإهانتهم من قبل المعلمين العراقيين ومعاقبة من يقوم بذلك، كما يوضح البيدر، مضيفا :"لكن في المقابل ثمة بين صفوف المعلمين من يرى في الضرب والتقريع وسيلة للتربية والتقويم في حين أنها وسيلة منافية لحقوق الطفل والإنسان، وتسهم في ترهيب الطلاب الصغار وتنفيرهم من المدرسين وتاليا من العملية التعليمية".

ويضيف الباحث العراقي: "المنظومة التعليمية العراقية برمتها بحاجة لمراجعات عميقة وتحديثها معنى ومبنى، حيث تم سن ووضع العديد من قوانينها ونواميسها وأنظمتها قبل عقود في زمن النظام السابق، والتي كانت تتسم بالقسوة والعنف وأقرب في منهجيتها إلى الانضباطية العسكرية منها لتأطير وقوننة العملية التربوية والقيمية المدنية".

من جانبه، يقول المواطن العراقي إبراهيم علي، "مع الأسف مع شيوع مثل هذه الاعتداءات على الأطفال في المدارس من قبل معلميهم، بتنا نخشى من إرسال أبنائنا لها والتي تكاد تتحول لنقيض ما يفترض بها أن تكون من أماكن للتعليم والتربية".

ويضيف: "هذه الممارسات تنتشر غالبا بل وفقط في المدارس الحكومية العامة التي تعاني اجمالا من اهتراء بناها التحتية ومن ضعف كوادرها التدريسية والإدارية وعدم كفاءتها، بينما تقل وتكاد تنعدم مثل هذه الظواهر المشينة في المدارس الخاصة، وهذه لا يستطيع غالبية أولياء الأمور ارسال أبنائهم للتعلم فيها نظرا لارتفاع تكلفتها المادية".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قد حذرت في شهر أيلةل/سبتمبر الماضي، من تبعات العنف المتمادي ضد الأطفال العراقيين، والذي يبلغ مستويات خطيرة، حيث ذكرت المنظمة في تقاريرها أن 4 من بين كل 5 أطفال في العراق، يتعرضون للعنف والضرب في المنزل أو المدرسة.

وطالبت يونيسيف، الحكومة العراقية بتكريس آليات رصد ومتابعة لمرتكبي جرائم العنف والقتل بحق الأطفال وتقديمهم إلى المحاكمة، فالأطفال في العراق، بحاجة ماسة إلى حماية وضمان حقوقهم، وتوفير بيئة آمنة خالية من العنف وملائمة لتطوير قدراتهم وقابلياتهم على أتم حال.

وأكدت المنظمة الأممية، بأنه ما من شيء يبرر العنف ضد طفل صغير، كما أن هذه الظاهرة لا بد من منعها وكبحها.