موقع إخباري: عوائد النفط ترتفع.. لكن هل سيستفيد العراقيون منها؟

Thursday 10th of February 2022 12:02:19 AM ,
العدد : 5124
الصفحة : سياسية ,

 خبراء: الفساد يعيق تنفيذ مشاريع ضرورية يحتاجها البلد رغم توفر الأموال

 ترجمة / حامد احمد

تقترب عوائد مبيعات النفط في العراق من معدلات تاريخية عالية، حيث وصلت في شهر كانون الثاني الماضي الى 8.27 مليار دولار، وتتجه عوائد النفط المالية، اذا ما استمرت أسعار النفط بالارتفاع، بطريقها الى كسر الرقم القياسي الذي سجل في شهر نيسان من عام 2012 عندما وصلت العوائد المترتبة على مبيعات النفط الى 8.8 مليار دولار.

ويشير المحلل، سجاد جياد، من مؤسسة سينجري فاونديشن للدراسات، الى انه مع وجود سوق نفط قوية ومعدلات انتاج مستقرة للنفط في العراق «فان عوائد النفط قد تصل الى اكثر من 9 مليارات دولار بالشهر».

ويقول ان هذا سيوفر للعراق أموالا اكثر خلال شهر واحد فقط والتي تفوق ميزانية السودان المقترحة لعام 2022 بأكمله، وهو بلد تزيد نفوسه عن نفوس العراق بمليوني شخص. وتفوق أيضا ميزانية سوريا لعام 2022 بأكمله بمقدار 4 مليارات دولار تقريبا.

مع ذلك فان، احمد الطبقجلي، زميل لدى المجلس الأطلسي للدراسات، ليس متفائلا من ان هذه العوائد الضخمة ستنفق بحكمة.

ويقول الطبقجلي في حديث لموقع ذي ناشنال الاخباري «الحكومات السابقة كانت تنفق العوائد على مرتبات واستحقاقات تقاعدية. ولكن من الصعب جدا تقليص مبالغ هذه النفقات».

ويشير خبراء الى ان تزايد معدلات العوائد المالية يتم هدرها من قبل الأحزاب السياسية التي تملأ قوائم مرتبات الوزارات باسماء اتباعهم وانصارهم.

في العام 2018 أنفق العراق على رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين ما يعادل خمسة اضعاف ما انفق على قطاعات ضرورية ملحة من قطاع المياه والكهرباء والرعاية الصحية. في ذلك العام تسببت ازمة مياه ناجمة عن بنى تحتية متهالكة في البصرة بتسمم ما يقارب من 100,000 شخص، وتسببت بضجة سياسية في البرلمان.

ولكن هذه الازمة لم تؤد بالحكومة الى ان تخصص مبالغ تركنها على جانب من اجل تطوير بنى تحتية عامة. وكان مقترح لعام 2018 بتجميد التعيينات كان من شأنه ان يوفر مبالغ لتطوير بنى تحتية جديدة قد توقف تنفيذه وسط احتجاجات واسعة مطالبة بفرص عمل ووظائف.

لحد السنة الماضية بقيت الرواتب الحكومية عند مستوياتها العالية المتطرفة وتشكل 77% من قيمة الميزانية.

في هذه الاثناء فان احد مشاريع المياه المهمة في البصرة، مشروع الشعيبة، تقوم الأمم المتحدة بتمويله، رغم ان ميزانية العراق لعام 2021 بلغت 89 مليار دولار. بالمقارنة مع الجزائر، التي يبلغ نفوسها 43 مليون نسمة، كانت ميزانيتها لعام 2021، تقدر بحدود 58 مليار دولار.

رغم هذا التوجه المتواصل للبلد، فان عضو البرلمان حسين عرب متفائل من ان الحكومة الجديدة قد تكون شيئا مختلفا.

ويقول عرب «نحتاج الى ان نعرف أول مرة رؤية الحكومة الجديدة فيما يتعلق باحتياجات البلد وكيف ستدير ميزانية العوائد التي لدينا الان».

هناك وزارة للتخطيط في البلد التي من المفترض ان تنسق مع وزارة المالية لتقييم احتياجات الانفاق المطلوبة للبنى التحتية. ولكن ضغط من البرلمان غالبا ما يعيق جهود صياغة الميزانية، مع قول بعض أعضاء البرلمان بان تقليص الرواتب خط أحمر.

ويقول عضو البرلمان عرب «الحكومات السابقة فشلت على نحو كبير في تخصيص أموال للزراعة والصناعة والخدمات العامة، وان هذا ما سندعو للنظر به في الحكومة الجديدة».

واستنادا الى وزارة التخطيط فانه بعد عقد تقريبا من بلوغ ميزانية العراق أوجها عام 2012، فان البلاد بحاجة الان الى ما يزيد على 15,000 مدرسة.

يقول عرب ان البرلمان يخطط لمناقشة الميزانية بشكل دقيق هذه المرة آخذين بنظر الاعتبار التحديات الضخمة التي تواجه البلد الان.

عمر النداوي، باحث مختص بالشأن العراقي ومدير برنامج بمركز تمكين السلام في العراق، يتحدث مشيرا الى المؤسسات الحكومية التي تسيطر عليها الأحزاب السياسية «المشكلة هي انه بعد اجراء انتخابات، فان الفائزين سيكون لهم مناصرون ومؤيدون يتطلب تكريمهم ونفقات تسترجع. هذا يعني ان الفائزين سيحتاجون للدفع الى مزيد من التعيينات في القطاع العام ومزيد من العقود التي يشوبها الفساد ومزيد من الظروف الملائمة لاتباعهم لإزاحة المنافسة وتركين القطاع الخاص. ولهذا فانه طالما هناك تدفقات كافية من المال، فانه لا يوجد من يضطر لإدخال قرارات صعبة مثل تقليص الإعانات المالية او تجميد التعيينات».

إشارة النداوي الى الفساد هو تحد آخر سيئ الصيت. ففي العام 2012 على سبيل المثال شرع العراق بخطة طموحة لبناء 1,200 مدرسة جديدة. ولكن تم توقيف المشروع بسبب تحقيقات بشبهات فساد طالته وفقا لتقرير هيئة الجريمة المنظمة والفساد ولم يكتمل سوى 10% من المشروع فقط.

ويقول الطبقجلي «كانت هناك مشاركة متدنية في الانتخابات، هذا يضع الحكومة تحت ضغط كبير لتلبية احتياجات الشعب».

الباحث جياد يقول ان هناك تحديا آخر بالنسبة للعراق يتمثل بخطورة الجمود السياسي الذي من شأنه ان يؤخر الميزانية ويلحق ذلك الضرر بجميع قطاعات الاقتصاد. في العام 2014 و2020 ادى الجدل السياسي لعدم تمرير ميزانية.

ومضى جياد بقوله «ليست هناك في الوقت الحالي ميزانية لعام 2022 في العراق، ولهذا فنحن ننفق الان وفق ميزانية 2021 على معدل شهر بشهر». مشيرا الى قانون يحدد الإنفاق في حال غياب إقرار ميزانية جديدة.

من المتوقع ان يصل عدد نفوس العراق بحلول العام 2030 الى 50 مليون نسمة، ما يشكل ذلك مزيدا من الضغوطات والتحديات على الحكومة في توفير وظائف وخدمات عامة.

عن موقع ذي ناشنال الإخباري