باختصار ديمقراطي: فرحة الشرطة المؤجّلة!

Sunday 20th of February 2022 11:45:00 PM ,
العدد : 5131 (نسخة الكترونية)
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

مبارك لنادي الزوراء افتتاح ملعبه الصغير بطاقته الاستيعابية الكبير برمزيّته ودلالاته التي تمثّل استحقاق فعلي لأحد وأهم الأندية الجماهيرية بعد معاناة لسنوات طويلة اجتمعت بها الاسباب بين تلكؤ الشركة المنفّذة تارة وبين ضُعف التخصيصات الماليّة تارة أخرى حتى أشرقت أخيراً شمس الإنجاز النهائي لتنير سماء الكرخ!

أفراح الكرخ بملعب النوارس تكاد تثير الاحزان بتوأمة الرصافة وهي تحتضن ركائز المدينة الرياضية لنادي الشرطة، يُقابلها بذات الحزن مرتسم ملعب الجوية "الافتراضي" الذي باتت كاشباح هجرتهما روح الإصرار والعمل الدؤوب، مع صمت غريب من الجهات ذات العلاقة لتبرير أسباب التوقف لانجاز تلك الصروح برغم سيل الوعود التي اطلقت في حينها بوفرة التخصيصات المالية واكتمال الترتيبات الإدارية واللوجستية الخاصة بالمشروع.

على الأرض، فإن مشروع المدينة الرياضية لنادي القيثارة الأقرب للتنفيذ عطفاً على اكتمال كل عوامل المباشرة بالعمل من الاتفاق على المخطّطات ورصد التخصيصات المالية وتوفر الأرض المناسبة والتعاقد مع الشركة المنفّذة حيث وضع حجر الأساس لها عام 2014 وباشرت الشركة بهدم الملعب القديم إيذانا بالشروع لبناء تلك المدينة على انقاضه ليتوقف المشروع فجأة ويدخل في سُبات عميق لمدة ثماني سنوات ولحد الآن فلا احتفظ النادي بملعبه البسيط والتاريخي ولا ذرفت عيون جماهيره دموع الفرح بملعبه الجديد!

استوقفني منشور الخبير أحمد عباس أمين سر اتحاد الكرة الأسبق على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، حول قضية المدينة الرياضية لنادي الشرطة حين طرح نموذجاً فريداً في الرغبة والتحدّي وحُب النادي برغم شحّة الأموال وضُعف الدعم وبساطة وسائل التنفيذ، فساق مثالاً حيّاً دامغاً لقصّة بناء أوّل ملعب لنادي الشرطة حين شرع الخبير الكروي د.عبد القادر زينل الذي كان يشغل في حينها منصب مدير ألعاب الشرطة ببناء الملعب، ويقول عباس (أنجز الملعب بجهود ذاتية، ولم يُكلّف الدولة ديناراً واحداً وأظنّ أن هناك من قام بتوثيق مراحل انجاز هذا الملعب الذي أشرف عليه زينل ميدانيّاً، وأصبح أحد الملاعب المُعتمدة في اتحاد الكرة، وهذا الملعب كان نتاج جهد وعرق د.زينل ورجاله).

مقارنة غريبة تطرح تساؤلات كثيرة بين رجال تبني بسواعدها كخليّة نحل لا توقفها الأموال ولا الظروف إلا أنها تتّفق على مبدأ واحد لا خلاف عليه هو عشقهم للنادي الذي كان يمثّل جُزءاً من حياتهم الخاصّة وبيتهم الثاني، في وقت يتم رصد الأموال واستقطاب كُبرى الشركات لتنفيذ المشروع، لكنها تعجز عن تجاوز المعوّقات وطرح الحلول لحل أي خلاف يؤثّر على سير العمل طيلة ثماني سنوات كاملة مضت وكأنّ شيئاً لم يكن!

بغضّ النظر عن التبريرات التي تساق من قبل الجهات المعنيّة بالأمر، إلا أن المنطق يفرض نفسه بالقول أن وزارة الداخلية بثقلها الاعتباري وامكانياتها المادية التي كانت ولا تزال خير مموّل لأنشطة نادي الشرطة والداعمة بسخاء له والحريصة على إرضاء جماهير القيثارة الواسعة يمكن أن تطرح ملف المدينة الرياضية على طاولة البحث والمناقشة وتتبّع مسار الانجاز لهذا المشروع الحيوي بشقّيه المالي والإداري ووضع اليد على مواطن التلكؤ والاخفاق وأسبابه وإيجاد الحلول السريعة له لمعاودة العمل به والاشراف عليه وفقاً لجدول زمني مُحدّد يحفظ الأموال والحقوق ويمنع التلاعب أو الاتفاف على فقرات العقد المُبرم لأي سبب كان.

باختصار...إن عملية بناء المُنشآت الرياضية للأندية لا يمكن أن تختصر بالرغبة المجردة أو بطرح الوعود وإنما هي مسؤولية جمعية تستند الى دراسة واقعية تجتمع بها كل مقوّمات ومتطلّبات التنفيذ تبدأ من توفير الأموال التي لابدّ أن تكون مؤمّنة بالكامل وتنظيم العقود القانونية المُلزمة للشركات والجهة المستفيدة وتهيئة الأرض بمُلكيّة غير مُتنازع عليها وانتهاءً بتشكيل لجان الاشراف والمتابعة وخاصة من المؤسّسات التي تتبع لها تلك الأندية، ولو كانت انقاض ملعب زينل حاضرة لاخبرتنا كيف بسحر العزيمة والإصرار أن نبني ملاعب حتى بلا أموال!