العمود الثامن: على باب السفير وقائد المعارضة

Sunday 15th of May 2022 12:30:01 AM ,
العدد : 5182
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

في منتصف السبعينيات كتبت الروائية والفيلسوفة الأمريكية سوزان سونتاغ بحثاً عن الصورة وعلاقتها بالواقع، وكانت تؤكد أن الصورة وحدها القادرة على كشف ما يخبئه الآخرون.. لا أريد أن أصدع رؤوسكم بالكتب والفلاسفة، ولكن ماذا أفعل ياسادة ونحن نعيش واقعاً مليئاً بالصور المؤلمة التي تذكرنا مرة ومرتين وثلاثاً بما يجري حولنا من خراب وفساد سياسي وانتهازية .

قبل أيام امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بصور لساسة ومسؤولين ورجال دين عراقيين ، وهم يقفون بانتظار أن يصلهم الدور ليقدموا التحية للسفير الإيراني الجديد.. وقبل أن يتهمني البعض بأنني جوكر وعميل للإمبريالية، أؤكد أن من مصلحة العراق أن تكون له علاقات ود وتعاون مع كل دول الجوار بلا استثناء، ولكن ياسادة لم نقرأ أو نسمع من قبل أن وفوداً سياسية ذهبت باتجاه سفارة بلد من البلدان لتسجل حضورها أمام السفير.. كان هذا المشهد يحدث في العراق الملكي عندما كانت شؤون وشجون العراق تدار من قبل المندوب السامي البريطاني، ويبدو ان البعض يحتاج دائما الفى مندوب سامي . لا أريد أن أثقل عليكم بالحديث عن الصور خصوصا ونحن نشاهد صورة علي حاتم السليمان يجلس في استوديو إحدى الفضائيات مقدماً نفسه باعتباره رئيساً لاتحاد المعارضة العراقية . وأتمنى أن لا يتصور البعض أنني أسخر من الرجل، فبإمكانكم مشاهدة العلم الذي يضعه الشيخ وراءه، وسيشاهد كيف أن الشيخ يمتلك روحاً فنية فوضع جزءاً من نصب الحرية على علم اتحاد المعارضة.. مسكين جواد سليم، ظل يعزف لمدينته عزفاً منفرداً على الفن وعلى الحياة. عاش في قلب بغداد وأزقتها، تسحره بفوضاها ويومياتها وسرعة تقلباتها من حال إلى حال، وفي النهاية لا احد يتذكره إلا في ايام الاحتجاجات ، ضاع متحفه ولا احد يعرف اين ولد ومات اشهر فنان عراقي ، المهم ان نحافظ على بيت حسين الشهرستاني لتعرف الاجيال ان في هذا البيت عاش رجلا استطاع ان يبع الوهم لملايين العراقيين وبمليارات الدولارات .

ومنذ وقت بعيد، صارت صور ساستنا يتنقلون بين انقرة وطهران في حلقات من مسلسل لا يريد ان ينتهي.وفي ظل الفوضى التي يراد لها أن تعم وتنتشر، هناك من يدافع عن حق تركيا في قصف العراق، وهناك من يجد ان صواريخ ايران تسعى لبناء عراق صاحب سيادة .

ياسادة العراقي يحتاج ليكون ساذجاً تماماً وربما فاقداً للذاكرة لأقصى درجة ليصدق أن حاتم السليمان يريد ان ينقذ العراق ، وأن الذين يقفون على باب السفير الايراني يسعون لبناء عراق مزدهر .، فالناس تدرك جيداً أن بعض السياسيين ساهموا ويساهمون في تقديم العراق على طبق من فضة إلى دول العالم كافة.