نوري المالكي..تحليل سيكوبولتك لثمان سنوات من حكمه

Saturday 18th of June 2022 11:25:09 PM ,
العدد : 5207
الصفحة : آراء وأفكار , د.قاسم حسين صالح

 د.قاسم حسين صالح

(1)

توطئة

في 15/6/2022 اعلن السيد مقتدى الصدر انسحابه من العملية السياسية بعد موافقة رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي على استقالة نواب الكتلة الصدرية الثلاثة والسبعين بعد ازمة سياسية استمرت اربعة اشهر من الانتخابات التشريعية،

عمد فيها الثلث المعطل الذي يقوده الأطار التنسيقي الى الحيلولة دون تشكيل حكومة اغلبية وطنية كن قد دعى لها التيار الصدري.ومع تعدد اسباب انسحاب مقتدى الصدر ما اذا كان قرارا فرديا او تشاوريا مع مستشاريه، او انه يريد ان يمنح الفرصة لمن وصفهم بالفاسدين لتشكيل حكومة يرى انها لن تدوم ستة اشهر، او انه يخطط بطريقة (نخبطها ونشرب صافيها)،او ان امرا او طلبا او تهديدا جاءه من جهة خارجية وانسحب مضطرا..فأن الجو السياسي خلا للأطار التنسيقي لتشكيل الكتلة الأكبر، وان السيد نوري المالكي يعمل الآن لأن يكون هو رئيس وزراء الحكومة المقبلة.

المالكي..هل يصلح ثالثة؟

كان السيد نوري المالكي قد كلفه رئيس الجمهورية الراحل جلال الطالباني في(نيسان 2006) لرئاسة حكومة تنهي حالة جمود سياسي استمر شهورا بعد حكومة اياد علاوي المؤقته(2004-2005)وحكومة ابراهيم الجعفري (2005-2006)،وتولى رئاسة الحكومة لثمان سنوات(2006 – 2014) واجه فيها احترابا طائفيا وحربا داعشية شرسة.

ومع ان المالكي ما كان معروفا سياسيا او ذا شأن قبل عام (2003)،وانه كان يعمل في مكتب حزب الدعوة بدمشق ويستلم راتبه من هذا الحزب،فان انصاره يرون فيه انه سياسي محنك وجريء وشجاع، يكفيه انه صادق على حكم اعدام صدام حسين، ورفض السماح للقوات الامريكية بالبقاء في العراق بعد عام(2011).وانه انضم الى حزب الدعوة الاسلامية في سبعينيات القرن الماضي واصبح قياديا فيه في الثمانينات، وعمل بعد(2003) متحدثا رسميا باسمه واتلاف احزاب الشيعة والائتلاف العراقي الموحد..ويعد من انشط السياسيين العراقيين بعد(2003)،حيث استطاع الأنفصال عن الأئتلاف العراقي الموحد وتكوين ائتلاف جديد بأسم (ائتلاف دولة القانون)تمتع بقاعدة شعبية واسعة بين جماهير الشيعة،مكنته بالحصول على 89 مقعدا في انتخابات 2010 بفارق مقعدين عن ائتلاف (العراقية) الذي يقوده أياد علاوي. ويحسب له ايضا انه واجه احداث عنف طائفي هددت وحدة البلاد وتمكن من تجاوز تهديدات خطيرة كادت ان تؤدي الى التقسيم واخرى كانت تستهدفه، فان ما يحسب عليه هو في رأي خصومه ومحللين انه ارتكب ما يعد جرائم يعاقب عليها القانون اخطرها انهم يحملونه سقوط الموصل وفاجعة سبايكر وشيوع الفساد، فضلا عن اعترافه هو بالفشل السياسي ويغلفه بصيغة الـ (نحن) الشركاء.

ويتهم المالكي انه استخدم السلطة والمال في انتخابات اكد مراقبون انها رافقتها حملات تزوير وهدايا وشراء ضمائر ووعود ليبقى على كرسي الحكم ثانية.وهناك ما يؤكد ذلك، فحين جرى ترشيح حيدر العبادي (2014) لرئاسة مجلس الوزراء،وقف المالكي بالضد منه،واصفا اياه بأنه يمثل نفسه لا حزب الدعوة الذي هو أمينه.بل ان الامر وصل الى (تجييش) حزب الدعوة ضد ترشيح العبادي،وحملة (تثقيف) بأنه لا وجود للشيعة الا بوجود المالكي،مصحوبة بتهديد احدى القياديات فيه بقولها (ستكون شوارع بغداد دمايات ان ترشح احد غير المالكي).

وكان لهذا المأزق بعد سيكولوجي - سياسي خلاصته ان المالكي رأى في صاحبه العبادي أنه غدر به،واطاح بطموحاته التي صورت له انه زعيم من نوع فريد، واشعرته بخوف سياسي يهدد مكانته ان نجح العبادي فيما لم ينجح هو فيه.وهذه حقيقة ادركها العبادي نفسه حين شعر يومها بمخاوفه التي دفعته الى التصريح علنا في كربلاء(يريدون يقتلوني..خل يقتلوني). وكان العبادي متحررا من (عقدة الخليفة) يوم سلّم رئاسة الوزراء بسلاسة لخلفه عادل عبد المهدي،فيما هي ما تزال تسكن في اعماق السيد المالكي الذي ما يزال يتصرف بها كما لو كان رئيس دولة في استدعائه بمكتبه لوزراء حكومة الكاظمي.

وثمة حقيقة مؤسفة ان الغالبية المطلقة من حكاّم العراق هم من جيل تجاوزه الزمن،ومع ذلك فان سيكولجيا الخليفة(البقاء على كرسي الحكم الى يوم يخصه عزرائيل بالزيارة) تتحكم بهم مع انهم اثروا..بملايين ومليارات وقصور ومولات وشركات،وان عليهم ان يتركوا الأمر لجيل الشباب، وتلك حقيقة يعترف بها السيد المالكي ويدعو في تصريحاته الى ان يتركوا قيادة البلد للشباب (لأنهم فشلوا وأنا منهم!- نص عبارته)..ولكن افعاله حتى في زمن حكومة الكاظمي تؤكد النقيض، والمفارقة الأكبر..انه يسعى الآن لرئاسة الحكم في العراق!.