موسيقى الاحد: الخصيان والكونتراتنور

Saturday 2nd of July 2022 11:25:17 PM ,
العدد : 5217 (نسخة الكترونية)
الصفحة : عام ,

ثائر صالح

يقسم الصوت البشري تقليدياً حسب التردد من الواطئ حتى العالي عند الرجال باص (قرار)، باص باريتون، باريتون (وسيط) ثم تنور (صادح)،

أما عند النساء فهو آلتو (كونترالتو)، ميتزوسوبرانو ثم سوبرانو. وتتألف الفرق الغنائية من هذه الأصوات، وتوجد فرق رجالية أو نسوية أو مختلطة، على العموم ينتشر تعبير (SATB) في الموسيقى ويرمز إلى كورس من سوبرانو وآلتو وتنور وباص، وهي التركيبة التقليدية لكورس مختلط.

وهناك فرق غنائية تتألف من الأطفال، فقد استعمل المؤلفون كورس الأطفال كثيراً، مثلا عند باخ عندما كان يريد التعبير عن جوقة الملائكة. يكون صوت الطفل صافياً وحاداً قبل البلوغ، ويفقد الأولاد صفاء صوتهم عند البلوغ ويتغير ليتخذ طبيعة جديدة. لذلك عمدوا إلى تعطيل عملية البلوغ الجنسي عند الأطفال الذين يمتلكون صوتاً جميلاً عن طريق إخصائهم، وكان ذلك شائعاً في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر لهذا الغرض، وقبلها كانت الظاهرة معروفة في بيزنطة لغاية القرن الثالث عشر على الأقل. بذلك تكونت فئة خاصة من المغنين هم الخصيان (بالإيطالية كاستراتو castrato وبالجمع castrati). لكن كيف كان صوت الخصيان يستعمل في ذلك الوقت؟ سنعجب لو نعلم أن المؤلفين أسندوا إليهم الأدوار الرئيسة، فأسند هندل دور جوليو قيصر إلى سنسينو (واسمه الأصلي فرانشسكو برناردي) إلى جانب أدوار عديدة أخرى. واشتهر فارينلّي (كارلو بروسكي) كذلك. وكثيراً ما كان المؤلفون يبدعون في ثنائيات الكاستراتو والآلتو أو السوبرانو، أبرز وأجمل الأمثلة هو ثنائي نيرون وبوبيا في اوبرا “تتويج بوبيا” التي ألفها كلاوديو مونتفردي سنة 1646، فيتداخل الصوتان ليؤلفا مزيجاً صوتياً مثيراً مليء بالإثارة والحسية، فصوت الكاستراتو الحاد كان يعتبر قمة الرجولة والذكورية في ذلك الوقت، ولا يزال هذا الأمر صحيحاً اليوم أيضاً إن تعلق الأمر بموسيقى البوب. فأغاني فريق بي جيز وصيحات جيمس براون وانتقالات ديفيد باوي إلى طبقات عالية تصنف في هذه الخانة. لكن هذا الصوت لا يزال غريباً على أذن عشاق الموسيقى الكلاسيكية بعض الشيء، فقد نعجب إن سمعنا صوتا رجالياً يعلو على صوت الألتو أو الميتزسوبرانو.

أما اليوم انتشرت طبقة جديدة هي طبقة كونتراتنور (كاونتر تنور، كونترتنور)، وفيه يعتمد المغني على الصوت الصادر من الرأس، بتقنية معروفة منذ زمن طويل تسمى فالستّو (الصوت المزيف) للوصول إلى طبقة تعلو الصوت الطبيعي بأوكتاف (ديوان) واحد وقد يقارب مدى صوت المتزوسوبرانو النسوي الوسيط. وعادة ما يكون صوت الكونتراتنور الطبيعي من طبقة باريتون أو تنور.

من أشهر مغني طبقة كونتراتنور اليوم المغني الألماني أندرياس شول والفرنسي فيليب جاروسكي والكرواتي ماكس جنتشيتش والأمريكي ديفيد دانيلز وغيرهم. وهم في الغالب يؤدون أعمال غنائية من عصر الباروك، لكن المؤلفين الموسيقيين المعاصرين أخذوا يؤلفون أعمالا لهذه الطبقة. مثلا استعمل فيليب غلاس صوت كونتراتنور لشخصية أخناتون في اوبراه بنفس الاسم.