قصة 100 مقال: رحلتي مع المدى

Sunday 7th of August 2022 11:02:34 PM ,
العدد : 5238
الصفحة : آراء وأفكار ,

 سعد سلوم

كانت المدى منبرا مختلفا، بالنسبة لي. ليس بسبب طبيعة خطابها او هويتها فحسب، بل أولا وأخيرا، لصلتي الحميمة مع العاملين فيها، منذ صدورها وتأسيسها: زهير الجزائري، حيدر سعيد، أحمد سعداوي، قاسم محمد عباس، علي حسين، عدنان حسين، سرمد الطائي، علاء المفرجي، سهيل سامي نادر وأخرون.

لهذا كانت المدى، بالنسبة لي، ومنذ 19 عاما، منبرا متاحا لمًا لا يمكن نشره في صحف اخرى، لا سيما قبل شعبية فيس بوك والوفرة المبتذلة للمنصات الراهنة.

نشرت 100 مقالا في المدى -حسب تقديري- طوال السنوات 19 الماضية. ولكل مقال قصة، وأثر.

أذكر أول مقال عن استهداف المدنيين في ما يسمى (حرب تحرير العراق!) نشر في الصحيفة عام ٢٠٠٣ في بدايات تأسيسها. وهو مقال حمل عنوان (كبش الفداء العراقي)، عندما كان حيدر سعيد يحرر صفحة اراء وأفكار. وكان حيدر يظن أن فيه تحاملا كبيرا على السياسة الأميركية، لكنه دفعه للنشر لقوة النص ونقديته. في وقت لم يكن فيه من السهل ان تنشر ما يستشف منه نبرة عدائية ضد الأميركيين وسياستهم في العراق أنذاك.

مقالي التأبيني عن الراحل جلال ذياب والذي أطلقت فيه لقب (مارتن لوثر كنغ البصرة) نشر في المدى بعد أيام قليلة من أغتياله، على الرغم من طول المقال، وتذمر عدنان حسين من عدد كلماته، لكنه أحتل صفحة كاملة من الصحيفة في اليوم التالي. ومن يومها بدأت رحلة النشر عن قصة الأفروعراقيين وجلال ذياب في الصحف العربية والعالمية. ولولا ذلك المقال ما كانت القصة لتتخذ منحى معروفا كما هي الحال اليوم.

مقالي (أنا إيزيدي) الذي أعلنت فيه اعتناقي الإيزيدية بعد الإبادة الجماعية في سنجار. وايضا مقال (سبايا القرن الحادي والعشرين) عن إستخدام النساء كسلاح في حرب التطهير العرقي ضد الإيزيديين. كانا من أكثر مقالاتي تأثيرا في المدى. يضاف اليهما مقالي المتسلسل (من ميان خاتون الى نادية مراد) وغيرها من المقالات عن الإيزيديين التي لا يحضرني عناوينها ولا عددها، قبل وبعد الإبادة الجماعية. ومنها يالطبع مقال تنويرية عن قضايا الإبادة الجماعية والتعددية والمواطنة الحاضنة للتنوع.

سلسلة المقالات التي أعدت فيها قراءة تواريخ المجتمع العراقي الفرعية، كانت تجد مساحة واسعة في المدى، وجذبت عددا من القراء لم أكن أحلم به، من قبل، مثل: أعادة قراءة تاريخ الطائفة اليهودية في العراق (9 مقالات)، وإعادة قراءة تاريخ الطائفة البهائية في العراق (8 مقالات)، ومحنة البهائيين في الشرق الأوسط (9 مقالات)، وايضا مقالات متسلسلة عن الشبك (4 مقالات)، وعن الأفروعراقيين (3 مقالات) وعن المندائيين (3 مقالات). أعتقد بإن تلك المقالات كانت تأسيسية بمعنى من المعاني من خلال إشراك جمهور أوسع، بما كنت أقدمه من خلال كتب ومؤلفات أخرى. وأدين بالفضل لإهتمام علي حسين ودأبه على نشرها ومتابعتها دون كلل.

المقال عن عودة الزرادشتية بعد اختفائها 16 قرنا، والذي حمل عنوان (هكذا تكلم زرادشت في كردستان). كان إيذانا باهتمام لاحق لتحليل دينامية موت وانبعاث التنوع في العراق والشرق الأوسط. نشر عام 2015 ثم اختفى من ارشيف المدى بسبب سياسة التحديث لموقعها الالكتروني.

سلسلة المقالات التي وثقت الحراك الاحتجاحي في العراق، والذي انطلق بعد الربيع العربي (10 مقالات). كانت محاولة لوضع العراق في مشهد الثورات العربية وديناميك التغيير من الداخل في مقابل التغيير من الخارج.

مقالات أخرى حللت فيها ووثقت سير وأفكار كل من: البابا فرنسيس، هاني فحص، بطرس حداد، لويس ساكو، عبد الجبار الرفاعي، يوسف توما، احمد القبانجي، هناء ادور وأخرون... كانت تجد لها متسعا في نافذة المدى الرحبة على مختلف الأفكار والألوان.

مقالات تبشر بنمط رشيد لادارة التنوع والمواطنة من منظور خلاق مثل سلسلة مقالات الدولة والتعددية في العراق المعاصر وسلسلة استراتيجية التنوع الخلاق

ولا أنسى بهذه المناسبة، سلسلة المقالات السنوية عن إحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن والإيزيديين والتي تجاوزت (10 مقالات) خلال السنوات الماضية، ضمن مراجعة سنوية اجربها من خلال المدى لمتطلبات عدالة الضحايا وشروط المصالحة وإعادة بناء الثقة.

من دون المدى، يصعب علي تخيل نشر هذه المقالات في أي منبر أخر. لذا، من باب الأمانة والإعتراف بالجميل، أنشر هذه الشهادة الموجزة.