الفضاء الرياضي عنصر فعال نحو بلورة وعي وطني

Tuesday 31st of January 2023 11:57:10 PM ,
العدد : 5360 (نسخة الكترونية)
الصفحة : آراء وأفكار ,

د. نور خالد علي

الرياضة معطى وحدث اجتماعي يتفاعل معها الجميع تفاعلاً ايجابياً، بغض النظر عن الجندر والخلفيات الدينية والثقافية والاجتماعية و السياسية والاقتصادية. إذ تحظى جميع الألعاب الرياضية باهتمام واسع في أغلب دول العالم ويتفاعل معها الجمهور بناءً على معطياتها التي تترجم على ارض الواقع.

فأن الرياضة تُعبر عن واقع المجتمع وتُمثل تطلعات افراده، من ثم ترسم صورة عن وعيهم الذي يبرز بشكل واضح عن طريق تشجيعهم ومتابعتهم المستمرة للأحداث الرياضية، لاسيّما وهم يبحثون عن جامع وطني يشترك به الجميع، وخير جامع لهم هو (الفضاء الرياضي) على نحو خاص عالم كرة القدم، فالرياضة بشكل عام تُعبر عن أحدى آليات بناء السلام وحل النزاعات، التي تُساهم في بلورة وعي وطني فعال ينعكس على أفراد المجتمع، فالوعي لا يحدث من فراغ وإنما يتشكل من عدة زوايا منها، فردية، وبيئية، وإجتماعية، وثقافية، ودينية، وسياسية، واقتصادية. فأي حدث مهما كان نوعه أو تصنيفه يُمكن أن يصنع وعي، لذلك تقول نائب الآمين العام للأمم المتحدة "أمينة محمد" "تتمتع الرياضة بالقدرة على التوفيق بين شغفنا وطاقتنا وحماسنا حول قضية اجتماعية. وهذا بالضبط هو الوقت الذي يُمكن فيه رعاية الأمل واستعادة الثقة. من مصلحتنا الجماعية تسخير القوة الهائلة للرياضة لتُسهم في بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع فأن للرياضة القدرة على تغيير العالم، فهي حق أصيل وأداة قوية لتقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز التنمية المستدامة والسلام والتضامن والاحترام." لذلك فأن المشاركات المجتمعية في الفعاليات الرياضية تؤدي إلى تكوين وعي اجتماعي قوي وفعال للمجتمع. فالمساهمة مثلاً في عملية التنظيم للبطولة يصب بمصلحة الجميع ويرسم ملامح استقرار وتقدم المجتمع وهذا يُعزز لدى الفرد شعور بالانتماء والهوية الوطنية، وهذا ما لاحظنا في المجتمع العراقي أثناء استضافته لبطولة (كأس خليجي 25) التي أقيمت في محافظة البصرة حيث جمعت اطياف المجتمع العراقي كافة الأمر الذي ترك أثر كبير في نفوسهم. وأن هذه البطولة كحدث رياضي أنست الشعب العراقي همومه ومشاغله السياسية والاقتصادية التي طغت على الواقع الاجتماعي للفرد من اغتراب وعدم الشعور بالأمان والانتماء وفقدان الشغف والأمل في الحياة، وإعادة البسمة على الوجوه ولحظات الفرح والامل وذكرتهم بكأس أسيا عام 2007 الذي حصد فيها المنتخب الوطني كاس البطولة انذاك.

إذً الوعي صناعة فردية ومجتمعية يتكفل به الجميع. فالفرد العراقي تفاعل مع احداث كرة القدم بشكل واضح وتجسد هذا التفاعل في سلوكياتهم وأفعالهم أمام الأخر المُتمثل في دول الخليج المشاركين في البطولة، الأمر الذي ساهم في بلورة صورة عن السلم المجتمعي، فضلاً عن انعكاسها الكبير الذي يفتح افاق كبيرة على تنمية الجانب الاقتصادي والتنموي الذي يُعدّ عنصر مهم والعراق بأمس الحاجه لهُ، من أجل اتاحة الفرص للرياضة كعنصر اساس في التطور والتقدم. في ظل ما مر به المجتمع من حروب ونكبات انعكست على الفضاء الرياضي وجعلتهُ يتوقف فترة من الزمن، فالوعي الوطني مهم جدا لبناء مجتمع مواطنة قوي.