مباراة المالكي والدباغ الباراسيكولوجية

Wednesday 21st of November 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2656
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

من حالفه الحظ واطلع على البيانات الثورية التي اصدرها المشير الركن نوري المالكي، ردا على الفريق الركن علي الدباغ يدرك جيدا اننا نعيش في ظل ادارة سياسية فقيرة الخيال، حتى وهي تسرق اموال الشعب وتتاجر بمعاناته.

عقليات فقدت القدرة على الاقناع بعد ان نفد رصيدها من الألاعيب والمغامرات المضحكة، فصارت تكرر فصول مسرحية كوميدية ساذجة تذكرنا بفيلم عادل امام الشهير "مين فينا الحرامي " طبعا مع الفارق الكبير بين ابداع فني قدمه ابطال الفيلم المصري وبين فصول ساذجة من مسرحية لايراد لها ان تنتهي اسمها "مو اني الحرامي".

في الايام الماضية ظل الناطق الرسمي علي الدباغ يهل علينا من على شاشات الفضائيات ثلاث مرات يوميا على الأقل، حيث يظهر الرجل بالصورة والصوت وأحيانا بالصوت فقط على فضائيات متعددة كل ليلة، ورغم كثافة الحضور الإعلامي للسيد الناطق فقد ثبت بالدليل القاطع أن أحدا في العراق لا يثق على الإطلاق في تصريحاته، بدليل أن الرجل ومنذ الكشف عن فضيحة الأسلحة الروسية وهو يقسم بأغلظ الايمان بانه لا ناقة له ولا جمل في كل ما حدث، ولم يكتف بذلك بل فجر لنا بالامس مفاجأة من العيار الثقيل حين اخبرنا بانه كان يشم رائحة فساد في الصفقة، وانه وبمساعدة قواه الباراسيكولوجية استطاع الكشف عن خفايا الصفقة واسرارها وقبل اربعين يوما من سفر المالكي وخبرائه الى روسيا ففي تصريح يضاف الى سجل الكوميديا الحكومية اخبرنا الدباغ بانه: "اول من حذر رئيس الوزراء من احتمالية وجود فساد في الصفقة قبل اربعين يوما من الذهاب الى روسيا"، ولكن للأسف هذه المرة لم يوافق رئيس الوزراء على النهاية الكوميدية التي كتبها الناطق الحكومي فقرر ان يكتب المشهد بنفسه وتكون النهاية بكلمات وكيله: "لا تصدقوا علي الدباغ" فهو لم يخبرني بوجود ما وصفه بشبهات فساد في صفقة السلاح مع الجانب الروسي"، وكي تكتمل فصول السيرك الذي نصبته الحكومة فقد يخرج علينا احد الكومبارس ليخبرنا بان السيد المالكي يمتلك قدرات باراسيكولوجية تفوق التي عند الدباغ بمئات المرات، فقد شم الرجل وقبل أربعمئة يوم من وصوله قصر الكرملين، بان عددا من الأعضاء في الحكومة الروسية يخططون لسرقة اموال الشعب العراقي.

والسؤال الآن من نصدق السيد المالكي الذي يريد للصمت ان يلف هذه الصفقة، وان تنشغل الناس بمعارك قوات دجلة وبأزمة البنك المركزي ام الدباغ الذي يتحفنا كل يوم بتصريح لاعلاقة له بما قبله وما بعده؟

المشكلة الحقيقية التي كشفت عنها التصريحات الاخيرة تثبت لنا أننا مازلنا نعيش عصر السياسي الموافق والمعارض في الوقت نفسه، الطيب والشرير، العالم والجاهل، سياسي لا يرغب في أي تغيير من أي نوع، وأن التغيير بالنسبة له كارثة يجب مواجهتها قبل أن تقع، وأزمة يجب العمل على وأدها وهي في المهد، ولهذا يحاول البعض منهم ارتداء قناع الثورية والدفاع عن حقوق الفقراء والتغني بشعارات مشروخة عن محاربة الفساد، ناسين أن بضاعتهم هذه غالبا ما تكون رديئة ومتهرئة، فضلا عن انها لم تعد تُصدق.

للأسف ان الذين يصطنعون الأزمات كل يوم يتوهمون بان ردود أفعال الناس سوف لن تتغير، ولهذا يجب ان يسحقوا اراداتهم ويدجنوا وعيهم، من خلال افتعال معارك وهمية، والنفخ في نار الازمات، على نحو يكشف إلى أي حد لا يعترفون بوعي الناس ويعتبرونهم قطيعا من الاغبياء.

لعلنا نتذكر ما قاله المالكي والدباغ في عشرات قضايا الفساد وسرقة المال العام، وهي قضايا اثارها الاعلام، رغم ان ابسط قضية فساد في اي دولة تحترم نفسها لا تسقط فيها الحكومة فقط، بل يحدث زلزال يهز اركان الدولة بأكملها.

المباراة الحوارية الشهيرة التي حدثت امس بين المالكي والدباغ، لا تختلف كثيرا عن ألاعيب تجار السوق، الذين يقومون باخفاء السلعة كي تصبح عزيزة ليبيعوها بأغلى الاثمان، فهاهم مصرون على سحب الامان والاستقرار من البلاد، من اجل ان يدفعوا العراقيين جميعا للرضوخ لمخططاتهم والاعيبهم المسرحية.

عفوا السادة اصحاب فضيحة الاسلحة الروسية: لن نثق بقدراتكم الباراسيكولوجية.