جون أبديك .. الكاتب في الخريف .. الكتابة عن الشيخوخة

Sunday 2nd of December 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2664
الصفحة : عام ,

جون أبديك ،، كاتب أمريكي شهير ، بدأ بالكتابة عن الشيخوخة ، وانتهى بالكتابة  عنها .

يعبّر جون أبديك في مقاله ( الكاتب في الخريف ) ضمن كتاب ( فتنة الحكاية - ترجمة غادة حلواني ، ضمن منشورات الدوحة 2012 ) ، انه بدأ حياته كاتبا عن الشيخوخة والعجائز ، كما في قصصه التي كان  يصف بها جدته أثناء موتها السريري ، وقد أرسل قصصه الأولى إلى مجلة ( نيويوركر ، التي عمل بها فيما بعد  محررا ) غير ان المجلة أعادت له قصته الأولى مع ملصق عليها برفض نشرها ، استمر جون أبديك الكتابة عن الشيخوخة وكان يعيد إرسالها إلى المجلة ، والمجلة تكرر رفضها للنشر، وأخيرا كتبت له المجلة الآتي ( اسمع .. لا ننشر قصصا عن الشيخوخة ، لكن ابعث مرة أخرى ) .

ويتساءل الكاتب  في نهاية حياته ، انه ما عاد يكتب إلا عن شيخوخته ، مما أعاد إلى ذهنه رفض الآخرين لقراءة ما يكتب وما ينشر ، يقول (( الآن قصص الشيخوخة على وشك أن تصبح القصص الوحيدة التي سأحكيها ، فخبرتي الوحيدة عن التقدم في العمر )) ، انه تساؤل منطقي ، إذ انه بدأ حياته في الكتابة عن الشيخوخة وانتهى بالكتابة عليها في روايته الأخيرة ( المتقاعد ) ، نشرت عام 1990 ،  وفي كلا الحالتين  فان المتلقي لا يفضّل القراءة عن الشيخوخة ، وقد ذكر ذلك  بالحديث مع نفسه (( كاتب متقدم في العمر يشعر برضا غير ضئيل عن رف من الكتب خلفه ، تنتظر قراءها المثاليين لاكتشافها ، سوف تصمد أكثر منه قليلا ، فبالنسبة له ، متعة صنع الكتب ، أي الومضة الأولى من الإلهام ، شهور الصبر من البحث وصنع الحبكة ، ونسخة الطبع الأخيرة ، واستكشاف الغلاف ، والتجارب الطباعية ، وأخيرا الصناديق من الناشر تحوي الكتاب بثقلها الحلو ، ورائحة صمغ تجليد الكتاب ، هذه المتعة تظل نعيم الإبداع المدوخ ، وسط الخلايا العصيبة المتناهية الصغر ينسل بينها الأمل غير العقلاني بأن آخر كتاب قد يكون الأفضل )) .

كتابته عن الشيخوخة في سن مبكر ، انعكس بطبيعة الحال على حياته فيما بعد ، في البداية كانت سيرة ذاتية عن الآخرين ، لكنه فيما بعد كتب سيرة ذاتية عن نفسه وهو مسن ، غير ان حجم وقيمة الكتاب لا تتناسب ونسبة القرّاء ..

وعلى كل ّ حال يبقى جون أبديك ، كاتبا له الشأن في كتابة أحداث مجتمعه و العالم ، من حرب وسلام ، و عن فرح وحزن ، وما شابه ، ويظلّ ارثه الروائي والأدبي إرثا ينضم للائحة الكتّاب الكبار من أساتذته الذين يفضلهم ، أمثال هيمنجواي وفوكنر وفرست واليوت وغيرهم .