طبول الحرب لا تسمع في كردستان.. والمدن العربية غارقة في التشدد والأزمات

Tuesday 4th of December 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2666
الصفحة : سياسية ,

يقف العراقيون أمام مفارقة كبيرة يعجزون عن إيجاد تفسير واضح لها، بحسب ابو سامر المتقاعد الستيني الذي يتحدث معلقا على خبر أوردته إحدى الصحف بشأن اختيار مدينة أربيل عاصمة للسياحة العربية.
ويواصل ابو سامر تعليقه متسائلا "بماذا نهتم، بطبول الحرب التي يقرعها البعض، ام ببقايا الامطار التي اغرقت شوارعنا؟".
 وفيما يهدد التوتر المتصاعد بين بغداد واقليم كردستان باندلاع مواجهات مسلحة بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة، يبذل العديد من الزعماء جهودا حثيثة لتطويق الازمة وإبعاد شبح الحرب التي باتت تلقي بظلال ثقيلة على البلاد.
وفي هذا الاطار، اعلن يوم الاثنين عن وصول رئيس الجمهورية جلال طالباني الى بغداد، للتشاور مع زعماء الكتل للخروج بحل يرضي جميع الاطراف وينهي حالة التشنج المتواصلة منذ مطلع تشرين الثاني على خلفية تشكيل عمليات دجلة وتحريك بعض قطعاتها باتجاه كركوك.
كما يحاول رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي بدوره إخماد فتيل الأزمة من خلال مبادرة تقضي بسحب قوات الطرفين ونشر قوات محلية بديلة في المناطق المتنازع عليها تأخذ بعين الاعتبار التوازن القومي.
لكن الصورة في اقليم كردستان لا تشي بأجواء الحرب التي يرتفع صوتها في العراق العربي، لاسيما في العاصمة بغداد. فمدن الإقليم الكبيرة تشهد بشكل يومي فعاليات ثقافية واقتصادية دولية للتعريف بمستوى استقرار وتطور بلغه الإقليم الذي نجح في تطوير تجربته في الحكم على خلاف باقي مناطق العراق الأخرى.
وتحتضن عاصمة كردستان منذ الاثنين مؤتمرا دوليا للطاقة، وهو المؤتمر الثاني للنفط والغاز الذي يعقد على ارض الإقليم وبمشاركة مسؤولين وخبراء محليين ودوليين.
وفي كلمته خلال حفل الافتتاح، تحدث رئيس حكومة الاقليم نيجيرفان بارزاني عن ان "احتياطي الإقليم، من الطاقة البالغ 45 مليار برميل من النفط الخام و3 ترليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي، جعله محط أنظار العالم"، مشيرا الى ان "اسم كردستان أصبح مدوناً على خارطة إنتاج الطاقة العالمية".
مدينة اربيل لم تكن محط أنظار العالم في مجال الطاقة فحسب، فقد اختارتها الجامعة العربية عاصمة للسياحة العربية للعام 2014 أيضاً، خلال اجتماع وزراء السياحة العرب الذي عقد اخيرا في العاصمة المصرية القاهرة. اذ أعلن نايف فايز، وزير السياحة الأردني، الذي ترأس الاجتماع "اختيار اربيل لتكون عاصمة للسياحة العربية وفق المعايير العشرة التي أعلنتها الجامعة العربية، وكانت مدينة اربيل منطبقة عليها جميع هذه المعايير وتم اختيارها من قبل الوزراء العرب المشاركين في الاجتماع".
ونافست مدينة اربيل امارة الشارقة في دولة الامارات المتحدة على هذا الوصف. وتم اختيار الشارقة لتكون عاصمة للسياحة العربية للعام 2015، وفقا للمعايير نفسها التي انطبقت على عاصمة اقليم كردستان العراق.
الانجازات لم تكن حكرا على اربيل، فقد قرر برلمان اقليم كردستان، الذي تتسم جلساته عادة بالهدوء بخلافه نظيره الاتحادي، إعلان مدينة السليمانية عاصمة ثقافية للاقليم، اذ ينحدر منها شيركو بيكس، ابرز الشعراء الكرد المعاصرين، وهي تتميز بطابعها الثقافي والادبي على باقي مناطق الاقليم.
وتنافس اربيل الكردية مدن العراق العربي في احتضان واستضافة نجوم الفن في العالم العربي. فقد بات امرا مألوفاً ان تشهد اعياد رأس السنة والاضحى والفطر حفلات يحييها مطربون ومطربات عرب كاللبنانيتين اليسا ونانسي عجرم بالاضافة الى النجم التركي ابراهيم طاطلس، فيما قدم الكوميديان العربي سمير غانم فيها احدى مسرحياته العام الحالي.
وتحدثت الصحف المصرية، امس الثلاثاء، عن قرب وصول النجم المصري الشهير عادل امام الى مدينة اربيل لتكريمه على مسلسله الأخير "فرقة ناجي عطا الله" الذي قام بتصوير عدد من حلقاته فيها.
لكن الأزمة بين بغداد وكردستان لها ملامح أخرى في الجانب الاخر من العراق العربي، وبينما تغادر الجيوش من الوسط والجنوب باتجاه خطوط التماس في المناطق المتوترة، لا يبدو حال الشركات الاستثمارية الأجنبية بعيداً عن أعراض هذا التأزيم.
وقام مواطنون قبل ايام في محافظة ذي قار بالهجوم على شركة بتروناس الماليزية، التي تعمل على استثمار حقل الغراف النفطي، بحجة انتهاك حرمة شهر محرم وذكرى عاشوراء المقدسة.
بدوره دعا جلال الدين الصغير، القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي والنائب السابق في البرلمان، الى طرد الشركة الماليزية ومحاسبتها بشدة "بعد الاساءة البالغة" للاعراف الدينية والعشائرية و"استهتارها" بمشاعر الجمهور الحسيني، بحسب بيان وزعه مكتب الصغير على وسائل الاعلام.
وحث الصغير وزير النفط العراقي على "اتخاذ موقف عاجل لرد الاعتبار لجماهيرنا الحسينية بعد الاهانة البالغة التي تعمد موظفو الشركة من الاجانب وبعض العراقيين من سكان محافظات اخرى توجيهها عبر احتفالهم الماجن".
وفيما ينهي ابو سامر مطالعة صحيفته، يوصي صديقه بالاستعداد لأمطار كثيفة تنتظرها العاصمة بغداد كالتي شهدتها خلال الأسبوعين الماضيين، ويدعوه لملء المدافئ بما يلزم من النفط.
وأظهر أحدث مسح عالمي أجرته مجموعة ميرسر للاستشارات أن العاصمة النمساوية فيينا ما زالت أفضل مدينة يمكن العيش بها في العالم بينما حلت العاصمة العراقية بغداد في المركز الأخير.
وللمرة الثانية، وضعت مجموعة ميرسر للاستشارات العاصمة العراقية بغداد في آخر سلم المدن من حيث جودة المعيشة.
وبحسب التقرير، الذي نشرته وكالة رويترز، فقد تصدرت فيينا التي يبلغ عدد سكانها 1.7 مليون نسمة، المسح للعام الرابع على التوالي بفضل ما تتيحه من حياة ثقافية غنية ورعاية صحية شاملة وتكاليف سكن معقولة إلى جانب هندستها المعمارية التي تعود إلى زمن امبراطورية هابسبرغ.
وحلت مدينة دبي في المركز الثالث والسبعين في القائمة وصنفت على أنها أفضل مدينة للعيش بها في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا.
لكن هذه المنطقة تضم 15 مدينة جاءت في المراكز العشرين الأخيرة في الترتيب ومن بينها نواكشوط وصنعاء والخرطوم بينما تذيلت بغداد القائمة.