المدى تسترق السمع داخل مفاوضات الأحزاب الشيعية:تحالف الحكيم والمالكي فـي اقتراع المحافظات صعب جداً

Saturday 15th of December 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2677
الصفحة : سياسية ,

أفادت مصادر سياسية ودينية رفيعة تحدثت إليهم "المدى" بان محاولات رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي توسيع تحالفاته قبل انتهاء الموعد القانوني لتسجيل القوائم في مفوضية الانتخابات لاقتراع مجالس المحافظات في نيسان المقبل، تواجه مصاعب جمة وتترك "ائتلاف دولة القانون" في حيرة، فيما رجح مصدر مقرب من المجلس الاعلى الاسلامي ان يفشل المالكي في كسب اي طرف شيعي قوي كحليف يخوض معه الانتخابات.

ويبدو ان المجلس الاعلى لم يحسم خياره بشكل نهائي بعد من موضوع التحالف مع المالكي، ويوجد داخله اكثر من رأي ضمن سجال داخلي حساس، لكن معظم الاطراف ترجح ان النتيجة الاخيرة لن تكون الاصطفاف مع المالكي في الاقتراع المقبل.

بعض المصادر في النجف وبغداد تؤكد، ان مشروع تحالف المجلس الاعلى وحزب الدعوة الذي كان من المفترض اعلانه قبيل وضع اللمسات الاخيرة على قوائم اقتراع مجالس المحافظات اصبح "برسم الالغاء" مشيرة الى ان زعيم المجلس عمار الحكيم بعد مشاورات مطولة مع قيادات المجلس الاعلى و"نصائح" تلقاها من الاوساط الدينية مؤخرا "طرد الفكرة من رأسه" ولن يتحالف مع المالكي.

وتحدثت انباء عن نية الحكيم الموافقة على مقترح للمالكي بخوض انتخابات مجالس المحافظات المقررة سوية ، لشعور زعيم ائتلاف دولة القانون بأنه اصبح "وحيدا ومعزولا" اثر ازمات حافلة مع جميع شركائه.

لكن المصادر اخبرت "المدى" بأن الحكيم يستعد لاعلان رفضه هذا المقترح ومحاولة التنسيق مع اطراف اخرى "شيعية وغير شيعية" لتعويض خسائر انتخابية مني بها المجلس طيلة الاعوام الثلاثة الماضية، حيث يتحالف احمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني وجواد البولاني وزير الداخلية السابق والمعروف بمعارضته للمالكي، مع الحكيم حاليا في كثير من المحافظات، ويقال ان هناك "مفاجآت اخرى" ستتمخض عنها السجالات الساخنة داخل الاحزاب الشيعية وبينها وبين احزاب اخرى سنية في بعض المحافظات المختلطة طائفيا.

وتوضح المصادر "ان اوساط المتدينين في انحاء العراق نصحت الحكيم بعدم التحالف مع المالكي، لانه يدير سياسة لا تخدم مستقبل العلاقات بين طائفتي المسلمين وبين العرب والاكراد، ولانه لم يصدر ردودا مقبولة على الانتقادات المتواصلة التي تسجلها اوساط رجال الدين والمؤمنين حيال سياساته".

وعما اذا كان ذلك يعني ان الحكيم تسلم اشارة من مرجعية النجف تنصحه بترك التعاون مع المالكي، قالت المصادر "ان المرجعية تحرص ان تبقى خارج بورصة الانتخابات، لكن اوساط المؤمنين التي يعتمد عليها الحكيم كثيرا في كل انتخابات، ابلغته بأن المرجعية لا تخفي سخطها حيال اداء المالكي، وان الناخب المتدين لن يصوت لصالحه ولا لحلفائه لان الناخبين المتدينين تلقفوا اشارات وكلاء المرجعية عبر خطب الجمعة وغيرها كما فهموا سر رفض النجف استقباله طيلة الاعوام الثلاثة الماضية".

وظهر المالكي خلال اقتراعين مهمين نظما في ٢٠٠٩ و٢٠١٠ بوصفه متدينا معتدلا يتصالح مع العلمانيين، الا ان سلسلة من الازمات جعلت مراكز قوى مهمة في الوسطين العلماني والديني "تنظر له بعين الريبة" على حد تعبير المصادر التي قالت ان "الحكيم وقيادات حزبه مثل كل اطراف التحالف الوطني، تشعر ان المالكي بدأ يورط نفسه بمآزق لا حصر لها وان سفينته حين تغرق ستتطلب من اسلاميي الشيعة تهيئة بدلاء لحزبه يتسمون بالاعتدال والقبول العام، وعلى هؤلاء ان لا يغرقوا في سفينة دولة القانون التي اتسعت ثقوبها في الفترة الاخيرة". ويمتلك المجلس الاعلى طاقما فريدا من القيادات المخضرمة التي تحظى بسمعة جيدة ومقبولية كما اعاد في الاونة الاخيرة هيكلة العديد من تنظيماته ونجح في تحديث الكثير من برامجه في مشروع يراهن انه سيزيد مكاسبه على المدى البعيد ويعزز عملية مراجعة قام بها في الاونة الاخيرة.

مصدر مقرب من دائرة صنع القرار في المجلس الاعلى قال لـ"المدى" ان الجدل لم يحسم داخل حزبه بشأن التحالف مع المالكي، واوضح "هناك من يريد ان يرى مشهدا يوحد القوى الشيعية، كحال السنة والاكراد الذين سيتوحدون. وهناك من يعترض ويعتقد ان انتقادات المرجعية الشديدة للمالكي يجب ان تكون سببا لعدم التحالف معه، وهناك صوت شيعي شعبي يسألنا: كيف تريدون التحالف مع حاكم بقي سبعة اعوام في منصبه وفشل في تحسين حياة الناس، وراح يدير ازمات البلاد بطريقة غير حكيمة". وتابع "السجال مستمر، لكن اعتقد في النهاية ان مشروع التحالف مع المالكي سيفشل، لا لأن قيادات المجلس ستتفق على رفض المالكي، ولكن لان المالكي يخشى صعودا آخر للمجلس الذي اخذ ٣٣ في المائة من اصوات الناخب الشيعي خلال ٢٠١٠". ويقول خبير في شؤون الاحزاب الشيعية ان "المالكي يريد ان يتفرغ لتشويه صورة المجلس والصدر والجلبي كي لا يحصلوا ثانية على نحو 45 في المائة من اصوات الناخبين الشيعة، واذا قبل بالتحالف مع المجلس مثلا فإنه لن يتاح له فتح النار على الحكيم وتسقيطه سياسيا".

ويرى نائب شيعي قريب من السجالات الدائرة داخل الاوساط الحزبية حول شكل التحالفات المقبل "ان المالكي مرعوب من النسبة التي طالب بها المجلس في قوائم الاقتراع، وهي تقريبا ٤٠ في المائة من المرشحين للفوز".

ويوضح "المجلس يقول للمالكي: لقد حصلنا في 2010 على 33 في المائة من اصوات الناخبين الشيعة، لكن آلية توزيع المقاعد جعلنا نحصل على نصف المقاعد التي حصل عليها الصدريون الذين كانوا اقل اصواتا منا، وعليك ان تحتسب هذه النسبة في اي تحالف جديد تقترحه".

ويضيف النائب "المجلس غير مستعد للدخول في تحالف مع المالكي والحصول على 10 في المائة مما يخصصه لهم في القوائم، والحكيم لن يقبل بأقل من 30 بالمائة على الاقل، والسؤال هو: هل المالكي مستعد لتقديم هذا الثمن للمجلس؟ والجميع يشك في ذلك"، خاتما بالقول " المالكي اصبح وحيدا بسبب حلم الزعامة الذي تملكه، وهو حلم اكبر من كل المقاسات المحلية وموازين القوى الداخلية".