شبـــاب يتوقفـــون عـــن الــدراسة بعد الإعدادية للبحث عن عمل

Saturday 22nd of December 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2684
الصفحة : شباب وجامعات ,

بغداد/المدى
    يضطر بعض الشباب المنحدر من أسر فقيرة إلى التوقف عن متابعة دراستهم بعد الحصول على الباكلوريا بسبب الشروط التي تضعها المدارس والمعاهد العليا من جهة، وغياب الإمكانيات المادية التي يمكن أن توفر لهم الجو المناسب لمتابعة دراستهم في مؤسسات القطاع الخاص وتحقيق أحلامهم في أحسن الظروف، مما يضطرهم إلى البحث عن عمل بعد الباكلوريا مباشرة حتى لا تضيع ثلاث سنوات من عمرهم، وتفاديا لأن يصلوا في نهاية المطاف إلى نفس النتيجة.

هي فتاة نشيطة وذكية تمتلك شخصية قوية ورغبة كبيرة في تغيير واقعها الاجتماعي الصعب، لأنها تنحدر من أسرة فقيرة مكونة من سبعة أفراد تقطن بحي فقير ، ولا معيل لها إلا الأب، لكنها استطاعت أن تجعل من ظروفها حافزا لها على التفوق، قبل أن تجد نفسها عاجزة عن الاستمرار في مشوارها الدراسي العالي بإمكانيات بسيطة.
فقر أسرتها حطم أحلامها
أغلقت كل الأبواب في وجهها، بعد أن فشلت في الحصول على كلية الهندسة التي تطمح إليها ، ثم لم تنجح في إيجاد كلية خاصة تتماشى وإمكانياتها المادية البسيطة وهي الشابة المنحدرة من وسط اجتماعي فقير بالكاد يوفر لأفراده أبسط متطلبات العيش الكريم، ولم تجد أمامها من خيار سوى نسيان موضوع استكمال تعليمها، والبدء في البحث عن عمل تساعد به نفسها وعائلتها.
مريم ذات التسعة عشر ربيعاً كانت طموحاتها وأحلامها  وهي طفلة تدفعها إلى بذل المزيد من الجهد والاجتهاد من أجل تحقيق هذه الأحلام، فكانت طوال سنوات دراستها تحصد أفضل النتائج، حيث كانت دائما تحتل الرتبة الأولى أو الثانية داخل القسم.
استمرت مريم في حصد النجاح تلو الآخر إلى أن وصلت إلى مستوى الباكلوريا التي تجاوزتها من السنة الأولى بتفوق، بالرغم من الظروف المادية والاجتماعية المزرية التي تعيشها، لكنها صدمتْ حين وجدت أن استكمال تعليمها بعد الباكلوريا يتطلب الكثير من المصاريف خاصة أنها تلزمها وسيلتان أو ثلاث وسائل من أجل التنقل إلى مدرستها.
صارت مريم في حيرة من أمرها، خاصة أن والديها نصحاها بالالتحاق بأي كلية ،هذا الحل لم يرق لمريم التي  تؤمن بأن الجامعة لا يمكن أن تؤهلها لشغل منصب يحقق لها أحلامها التي طالما رافقتها طيلة مسيرتها الدراسية، لأنها في نهاية المطاف ستضيع سنوات من عمرها في الجامعة لتجد نفسها في نهاية المطاف تطرق أبواب الشركات الخاصة ولا من مجيب من أجل الحصول على عمل بسيط قد لا يكفي راتبه الشهري حتى لسد حاجياتها الضرورية.
حاولت مريم إعادة البحث عن كلية أخرى تناسب مؤهلاتها العلمية، إلا أنها وجدت أن مصاريفها باهظة ولا تستطيع تأمينها، خاصة أن والدها ليس له إلا راتبه الشهري البسيط، وليس له من يساعده في مصاريف ومتطلبات الحياة، خاصة أن له ابنة أخرى تدرس في الجامعة.
رفضت مريم أن تكرر تجارب طلاب سبقوها إلى ركوب مغامرة التعليم الجامعي، ولم يحصدوا سوى البطالة بعد تخرجهم، لكنها فكرت في اختصار المسافات وعدم تضييع سنوات من عمرها دون جدوى للحصول على شهادة جامعية قد لا تغير شيئا من واقعها المزري، وظروفها الاجتماعية.
لا يختلف أمر كمال كثيرا عن مريم من حيث الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تقف حجر عثرة في سبيل تحقيق طموحاته وأحلامه التي طالما رافقته منذ طفولته، والذي جاهد وبذل كثيرا من الجهد من أجل تحقيقها.
كريم الذي يبلغ من العمر اثنتين وعشرين سنة، وجد نفسه بعد أن تجاوز مستوى الباكلوريا بنجاح، عاجزا عن استكمال دراسته في إحدى الكليات بالإضافة إلى غياب الدعم المادي من طرف أسرته البسيطة التي لا تعيش إلا على مدخول الأب الذي يعمل بائعا متجولا.
بالرغم من تفوق كمال في دراسته، ورغبته في إكمال تعليمه العالي للحصول على شهادة تمكنه من الحصول بسرعة على عمل يساعد به عائلته، ويغير به واقعه، إلا أن إمكانيات أسرته المادية المتواضعة لم تكن لتساعده على تحقيق هذا الهدف.
قرر البحث عن عمل، بالموازاة مع الدراسة الجامعية، حتى يتمكن من مساعدة أسرته من جهة، وتوفير بعض المال للتسجيل في إحدى المدارس الليلية.
حاول كمال احترام المخطط الذي رسمه لنفسه، إلا أنه فشل في ذلك ليتخلى عن الدراسة، ويكتفي بالعمل الذي كان ينهك قواه طوال اليوم، ولا يترك له مجالا للتركيز في الدراسة بالليل، فتخلى عن كل شيء في سبيل مساعدة أهله.
حرمان كمال من إكمال دراسته جعله يحفز إخوته ويحاول قدر الإمكان توفير الضروريات لهم ليكونوا أوفر حظا منه، ويكملوا تعليمهم، الشيء الذي حرم منه بسبب ظروفه الاجتماعية المزرية.