اضرب.. اضرب بيد من حديد

Tuesday 8th of January 2013 08:00:00 PM ,
العدد : 2695
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

عندما تشاهد لافتات تملأ شوارع بغداد وبعض المدن تطالب رئيس الوزراء نوري المالكي بضرب من يختلف مع نهجه بيد من حديد، لابد أن تسأل نفسك هل أنت تعيش في ظل ساسة يريدون الاستقرار لهذا البلد؟.. وعندما تقرأ من يكتب بصريح العبارة: "ويبقى العراق تحت ظل المالكي" لابد أن تسأل نفسك أكثر من مرة، هل أصحاب هذه الشعارات يروّجون لدولة مؤسسات أم أنهم يحنون إلى دولة الزعيم الأوحد؟، عندما ينسى نواب وسياسيون ان امريكا صاحبة الفضل الاول في حصولهم على مقعد في البرلمان، او كرسي في الوزارة ويخرجون علينا بتصريحات تناقض المنطق، من عينة ان امريكا تقف وراء تظاهرات الانبار والموصل.. وانها تخفي عزت الدوري في قاعدة السيلية، فإننا حتما امام سياسيين أصيبوا بزهايمر مزمن.. وعندما نعيش كل يوم مع فقرات دعائية لا تنتهي الغرض منها مقايضة كرسي رئاسة الوزراء باستقرار البلاد.. فلا بد لنا جميعا ان نطرح سؤالا مهما.. من يضمن ان رافعي هذه الشعارات سيجلبون الأمن والاستقرار للعراقيين جميعا ؟
 والسؤال الاهم لماذا  يصر البعض أن يظل مستقبلنا مرهونا بحالات الشد والجذب والاستقطاب إذا كانوا بالفعل راغبين وطامعين في استقرار يجعلنا نبدأ جميعا في تأسيس دولة المواطنة؟
اضرب بيد من حديد شعار لمرحلة جديدة.. شعار يرفعه مطبلون وروزخزنية يريدون من الناس أن تشعر دوما بالحاجة إلى تقديس سلطة الحاكم والتسبيح بحمدها ليل نهار.. من خلال نشر ثقافة الخوف والنفاق والتضليل… والبحث عن سند في السلطة... مباراة في الدفاع عن نظام قمعي جديد يبحث ساسته عن جمهور مشتاق الى نظام سلطوي..
 اضرب بيد من حديد شعار يرفعه سياسيون لا يدركون للأسف أن الانفراد بالسلطة خطر داهم عليهم، وأن المعارضة الحقيقية ورغم صداعها المزمن هي في مصلحة يناء نظام مستقر على المدى البعيد.
 لاحاكم الا انت شعار جديد لزمن تفهم فيه السياسة على أنها فن الخداع، والاحتفاء بالأكاذيب، والتهالك على الغنائم.
 ويبقى العراقيون تحت ظل القائد، شعار يرفعه سياسيون يجعلون الخطأ صحيحاً، والحق جريمة، يعدون ولا يفون، يبنون لك قصورا من الرمال، لا يكترثون لحق، ولا يلتمسون لحقيقة، السياسة في عرفهم سعي محموم وراء الأطماع وتعاون مع الإثم وتحالف ضد الصدق، ثروتهم الضلالة، يحاربون بكل‎ ما أوتوا من أجهزة قمع للدفاع عن قيم الاستبداد، وحكم الطوائف حيث المسؤول والسياسي ومقربوه هم كل شيء، ساسة يعادون كل من يرفض أن يدخل حظائر التدجين، ويشنون حربا لا هوادة فيها من اجل إعادة ثقافة القطيع التي سعى "القائد الضرورة" إلى نشرها.
 اليوم يريد البعض ان يغذي لنوع جديد من الدكتاتورية يطلقون عليه الحاكم الرشيد، وهذا المدلول يمثل تماما العلاقة بين رئيس القبيلة ومرؤوسيه.
سياسيون بعقول متحجرة من الماضي، منفصلون عن الناس ويعيشون في دنياهم الخاصة المغلقة على طريقة تفكير لا تهتم بمستقبل البلاد قدر اهتمامها بمستقبل الأصحاب والرعايا والمقربين وتفتح الباب أمام السراق والمزورين والانتهازيين.
بالعودة إلى اصحاب هذه الشعارات نجد أن مفهوم العدل المرتبط بشخص الدكتاتور إنما هو نوع مزيف فما هو العدل الذي سوف يتميز به الدكتاتور، وبماذا يختلف عن العدل الذي يتم بالخضوع لقوانين الدولة أو تشريعاتها، هذا التصور "العدلي" هو تأكيد للصفة المميزة للمستبد كونه سلطة أبوية أو سلطة إلهية.
تصورت الناس أن الديمقراطية التي استهلكها الساسة بخطب وشعارات مزيفة ستقدم إليهم ساسة يسعون إلى بناء مؤسسات حديثة، وسيبدعون في الإعمار وإدارة شؤون البلاد أكثر من إبداعهم في فنون السرقة واللعب على الحبال، والترويج لدولة الطوائف.
مطلوب من اصحاب جمعية نصرة رئيس الوزراء أن يعلموا أ أنهم ليسوا أعلى مرتبة في المواطنة من غيرهم، وأن الناس انتخبهم ليحسنوا أحوالهم المعيشية وليس ليرفعوا المزيد من الشعارات واللافتات التي تحرض على الاقتتال الطائفي.
لا فارق بين نائب ينتمي لحزب المالكي وغيره إلا بالعمل الصالح سياسيا، وترجمة ذلك أن الذي يميز سياسيا عن آخر هو تلبيته لاحتياجات الناس والمحافظة على امن واستقرار البلاد.
 السادة رافعي ومروجي شعارات اضرب بيد من حديد.. ان وحش الطائفية الذي تربونه وتغذونه.. عندما ينتهي من التهام خصومكم، سيلتفت في اقرب فرصة ويلتهم أولئك الذين أطلقوه.