تعالَ واكتب عموداً يا سيدي

Wednesday 30th of January 2013 08:00:00 PM ,
العدد : 2713
الصفحة : الأعمدة , هاشم العقابي

اشهد ربّي أني في كل ليلة أدعوه من كل قلبي أن أجد خبرا، في الصباح، عن خطوة اتخذها المالكي بالاتجاه الصحيح لأباركها. كما أدعو الله أحيانا، أو بالأحرى غالبا، أن لا أجد في أحاديث رئيس الحكومة أو قراراته ما يبطّ الكبد حتى أتجنب المرور على اسمه. لكن مشكلتي مثل مشكلة ذلك الشاب الذي ابتلاه الله بلسان لا يستطيع لجمه ففرض عليه أبوه أن لا يتكلم بحرف واحد يوم ذهبوا ليخطبوا له زوجة خوفا من أن يزلّ بما لا يليق. حظه العاثر أتاه، من دون كل الحاضرين، باستكان شاي بلا خاشوكة. ولأنه لم يشرب منه تصور أهل العروس أنه غير راض بالخطبة، فسأله أبوها: عمي ليش ما تشرب جايك؟ ظل المسكين ساكتا لا يجيب. وعندما حاول أبو العروس أن يستفهم من أب العريس المرتقب، اضطر الأخير أن يسأل ابنه: بابا ليش ما تشرب الجاي؟ وهنا نهض الابن من مكانه وصاح: شلون اشربه، "اي قابل أخوطه ..." وصل صوته لغرفة النساء المجاورة فكبت العيطة: يبووووووو .. وخربت الخطبة.
خطب المالكي في حفل ذكرى تأسيس حزب الدعوة وتابعت خطابه باهتمام بالغ ، بأمل أن أسمع منه ما يفرحني بحل الأزمة الملتهبة في هذه الأيام. استوقفني تحذيره من فتنة "كارثية ماحقة حارقة" تطل برأسها على العراق. لا فض فوه فإنها وأيم الحق لكذلك! لكن أين الجديد في هذا التحذير؟ أدعوكم لمراجعة ما كتبناه نحن، في هذه الجريدة، وما كتبه غيرنا وقالوه في جرائد ووسائل إعلامية أخرى على مر سنين. ألم نحذر من أيام سود قادمة على العراق وخراب سيحرق اليابس والأخضر؟ نحن كما نسمى "السلطة الرابعة" هذا كل ما نستطيعه: نحذر، ننبه، نكشف المستور، نحلل النتائج ونرجعها لأسبابها، لكن القرار يظل بيد السلطة التنفيذية.
تصوروا معي أن مدير مدرسة جمع التدريسيين وأولياء أمور الطلبة وخطب فيهم محذرا: أخبركم أنه في الامتحانات النهائية لهذا العام سيرسب كل طلبتنا ولن ينجح منهم أحد! خوش حجي. بس غير يكوم واحد من الحاضرين يقله زين وانت شنو شغلك؟ وإن كنت تعرف هذا فالأفضل لك ولنا أن يأتي غيرك ليقود سفينة طلبتنا نحو النجاح.
ثم تطرق المالكي إلى فكرة أن "الفوضى أسوأ من الدكتاتورية". زين غير شغلته الأساسية هي منع الفوضى لو شنو؟
ثم، صحّ النوم يا دولة رئيس الوزراء. هل حقا أنك لا تدري أن هذا الموضوع كتب عنه باحثون عراقيون ومثقفون وأشبعوه تحليلا؟ أدعوك لمراجعة ما كتبوا لترى أن هناك من يزنون مشاكل البلد ويقرأونها بعقلانية مفقودة داخل أسوار حزبك ومقربيك.
لقد كشف خطابك الأخير أنك تعرف حقوق رئيس السلطة التنفيذية حق المعرفة وكيف تتنعم بها، لكنك لا تعرف شيئا عن واجباته. فما قلته يصلح أن يصدر عن محلل سياسي، وليس رئيس وزراء مطالب بدرء الخطر قبل حدوثه. نصيحتي المخلصة لك، وباحترام شديد، أن تترك مكانك وتلتحق بنا لتكتب عمودا يوميا أو أسبوعيا، إن شئت، وأهلا بك زميلا عزيزا ومكرما.