الإخوان: ادّعاء العدالة وحقائق الإقصاء

Monday 4th of February 2013 08:00:00 PM ,
العدد : 2717
الصفحة : آراء وأفكار ,

على نحو واضح وسريع، تفضح الوقائع الحاصلة على أرض مصر، حقيقة الإخوان المسلمين الإقصائية التسلطية المتزمتة، ليس هذا اتهاما لهم من منافس يتصارع معهم على الحكم والسلطة، إننا بعيدون عنهم وخارج المنافسة على السلطة وامتيازاتها، إننا نراقب عن بعد ونلاحظ بوضو

على نحو واضح وسريع، تفضح الوقائع الحاصلة على أرض مصر، حقيقة الإخوان المسلمين الإقصائية التسلطية المتزمتة، ليس هذا اتهاما لهم من منافس يتصارع معهم على الحكم والسلطة، إننا بعيدون عنهم وخارج المنافسة على السلطة وامتيازاتها، إننا نراقب عن بعد ونلاحظ بوضوح ما يحدث في مصر من قوة تسلطية إقصائية قاتلة، يلجأ إليها الإسلاميون بقيادة الإخوان المسلمين لسرقة الثورة المصرية، وزرع بذور بديلة لا تختلف عن دكتاتورية الأنظمة العسكرية، إنها دكتاتورية المؤسسة الدينية التي تتمثل هذا اليوم بنزعة الإخوان المسلمين القمعية في مصر، لأنها نزعة قهر الآخرين وإرضاء الذات، وإقصاء الآخرين والفوز بكل شيء.

إنها نزعة الدكتاتور الذي لم يكتف من التجاوز على حقوق الآخرين وإقصائهم طيلة العقود التي أمضاها في الحكم/ وها هم الإخوان المسلمون ومن ينضوي تحت معطفهم، يسرعون كثيرا في طريق الانحدار نحو هاوية التسلط، حيث أخذوا بزمام تكريس السلطة بأيديهم (هم وحدهم) عبر خطوات عديدة متتالية، فضحت نواياهم بما لا يقبل الشك قط، فقد تشكلت حكومة الإخوان من رئيس وزراء ينتمي لهم ووزراء جلهم إسلاميون إخوانيون، بغض النظر عن الكفاءة والتجربة، و هي خطوة تكريس السلطة الأولى بأيدي الإخوان، مع إجراءات فعلية لإبعاد الكفاءات الأخرى، الأمر الذي أعاد حالات احتجاج مجددا، وارتفعت الأصوات التي ترفض سرقة ثورة المصريين وتضحياتهم في التخلص من الحكم السلطوي.
وهناك إجراءات أخرى قام بها الإسلاميون بقيادة الإخوان، مثل سن الدستور كما يرغب الإخوان بغض النظر عن قناعات الآخرين، وعزل من لا يجاريهم أو يتفق معهم، كذلك إقامة مجلس شورى (إخواني) يلبي طموحات الإسلاميين المصريين في تكريس السلطة بأيديهم وإنشاء مؤسسة سلطوية مستبدة تحت غطاء الدين والإسلام الذي يرفض الاستبداد وقمع الآخرين رفضا باتا، ويوغل الإخوان أكثر في استفزاز الشعب المصري عبر إجراءات إقصائية واضحة للآخرين، متناسين أنهم كانوا معزولين ومقصيين جميعا حينما زجّ بهم الرئيس المصري السابق في السجون، وقلص حضورهم وحدد تأثيرهم في مسارات الانتخابات النيابية وسواها.
لكنهم الآن يتناسون هذا كله، وهم يسعون فعليا لبناء مؤسسات دولة تقوم على آراء الإخوان وقناعاتهم فقط، أما الآخرون فليذهبوا إلى الجحيم، وقد جرب الإسلاميون الإخوانيون هذا الجحيم نفسه في حكم مبارك العسكري، إنه جحيم السلطة الغاشمة، الذي لا يمكنه كمّ الأفواه وكتم الأصوات إلى الأبد، وقد جرب الإخوان الإسلاميون أنفسهم هذا الجحيم، وعرفوا قيمته الحقيقية حينما دفعهم للثورة على القمع والتسلط والإقصاء، لكنهم اليوم ينسون كل ذلك، ويتناسون أن جحيم الإقصاء هو الطريق الأسرع لإسقاطهم وطردهم من سدة الحكم، وهذا ما سيفعله المصريون فيما لو أصر الإخوان على سياسة (الأنا) الإقصائية المقيتة.
ولعلّ المشكلة التي بدأت تظهر نتائجها منذ الآن، أن هؤلاء محسوبون على الإسلاميين، لهذا فإن أخطاءهم الكارثية ستعود على الإسلام وإن كان براء منهم ومما يفعلون ويتسلطون ويقصون، وكان الأمل كل الأمل أن يعي الإخوان الإسلاميون امتيازات ومزالق السلطة ويتعاملوا معها وكأنها مكان لخدمة الشعب وليس للتسلط عليه من خلال فرض رأي الإخوان وفكرهم وما يعتقدون به على الجميع قسرا، لأن الإسلام يقول بلسان صريح (لا إكراه في الدين)، فيما يكرس الإخوان المسلمون في مصر سلطاتهم عبر مؤسسات خاصة بهم (مجلس الشورى، الحكومة، الدستور)، تبيح لهم أن يفعلوا ما يشاؤون، فيما يتم قمع الآخرين ويتم إقصاؤهم دونما عودة إلى الماضي، والاستفادة من تجربة الإخوان أنفسهم مع التكميم والإقصاء.
فضلا عن الخسارة الفادحة التي تتمثل بفشل الإسلاميين المصريين بقيادة الإخوان، في تقديم نموذج راقٍ للحكم يتسم بالعدل والمساواة وفتح فضاء الحرية للرأي وحماية الحقوق المدنية، لكنّ شيئاً من هذا لم يحدث ولن يحدث طالما تواجدت العقلية الإخوانية التسلطية، مثلما هي الآن، تتحكم بالمصرين وفق رؤاها وأهوائها وعقائدها، أما أفكار وآراء وعقائد الآخرين، فلتذهب كلها إلى جحيم الإقصاء في ظل نظام إخواني إسلامي بانتْ منذ الآن بوادر سقوطه السريع.