عاصفة الفدرلة بعيون التعرفة

Saturday 25th of May 2013 10:01:00 PM ,
العدد : 2806
الصفحة : الأعمدة , ثامر الهيمص

يبدو أن إعادة التعرفة الكمركية  للمشهد الاقتصادي أصبحت نكتة سمجة وكذلك النافذة الواحدة للاستثمار ، في ظل التراجع المزعج للمشهد السياسي  ،رغم أن التعرفة والاستثمار كانا من أهم كوابح هذه الظاهرة في المناخ السياسي ، على الأقل في ما يتعلق بالبطالة والاستثمار،  فالتعرفة الكمركية  تحمي الإنتاج الوطني ، والنافذة الواحدة للاستثمار تجعل الاستثمار ممكناً  ،حيث يسهل أمر المستثمر بدلاً من مراجعة منافذ الجهات المعنية بالأمر، وهي حوالي عشر نوافذ ، كما جاء في صحف يوم 4/5/2013  .   وقد أفاد مدير عام هيئة الكمارك بتعذر تطبيق التعرفة الكمركية لأسباب فنية وإدارية   من  دون سقف زمني محدد  .  وهكذا بالنسبة للنافذة الواحدة التي كانت ومازالت سبباً أساسياً في عرقلة الاستثمار ، سواء كان المستثمر أجنبياً أ م عراقياً  .  
حقيقة الأمر أن التعرفة الكمركية بغيابها لحد الآن ليس لأسباب إدارية أو فنية   .  فكما يقول نواب بأن التقاطعات السياسية أدت إلى تعطيل الكثير من القوانين الاقتصادية وحتى السيطرة النوعية  .
ومع ذلك استمر الاستيراد العشوائي وفضائحه من منافذنا الغربية والشرقية والجنوبية ولم تصب في خانة التنمية ، ولذلك كانت سبباً أساسياً في تردي المشهد السياسي الذي يعيد إنتاج تأخير أو إلغاء التعرفة الكمركية  ،كما أن عدم التوافق السياسي الذي هو حجر الأساس للشراكة الوطنية كان وراء عدم السيطرة على خمسة منافذ حدودية غير خاضعة للحكومة المركزية ، وهكذا في النافذة الواحدة التي إذا ما نفذت فإنها تشكل البنية التحتية للتعرفة الكمركية  من خلال المشروع التنموي عموماً  ،إذ بدونها وبدون التعرفة لا يمكن تصوره  .  كما لا يمكن تصور استقرار حقيقي كذلك بغيابهما .
وهنا نأتي للعوامل الفاعلة في المشهد السياسي التي تحول دون تنفيذ ( التعرفة  والنافذة )  ،فالعامل الخارجي كما نعلم فاعل اقتصادياً لما يملكه من قوة سياسية نتيجة هشاشة الواقع السياسي داخلياً ، وهذا غير مختلف عليه ولكن قد يختلف على نسبته (هل أكثر من 50% أم  أقل عندما يقارن مع العامل الداخلي المتمثل ( بالشراكة المحاصصة التوافق )  وباقي تداعيات المشهد وإفرازاته  .  ولكن إجمالاً عندما تكون مبسوطة ومفتوحة يدخل الريح ما دامت نوافذها متعددة ومفتوحة على الآخر حسب المآرب المتجانسة   عموماً  ،المختلفة في التفاصيل  . وهذا يتم في عزله عن الشارع السياسي كما لمسناه في الإقبال الأخير على انتخابات مجالس المحافظات  ،حيث كان المواطنون بأكثريتهم  سلبيين وتجسدت بشكل صارخ في أهم المراكز وأعظمها شأناً وهي بغداد بنسبة أقل من الثلث حسب المفوضية العليا للانتخابات المعلن  . فالناس غير طائفيين حسب النتائج أولاً ،كما أنهم غير إقليميين لحد الآن رغم الشد والجذب والإعلام بزخمه وطنينه  .  
وبذلك يصبح الساسة هم كذلك مذهبيين وإقليميين في الوقت غير المناسب ، لأن الفدرلة المرغوبة من قبلهم سوف لا تتم بسلام بدون أركانها المادية والمعنوية  ، وتتم عندما تكون الخريطة واضحة اقتصادياً وتنموياً ومالياً ونفطياً وثقافياً . وهذه الأركان عبارة عن مشاريع تنفذ أو سوف تنفذ ولكن تبقى هي الرهان الحقيقي وليس الرهانات السياسية والأجندة والمآرب التي وضعتنا فيه الاعتصامات  بين خيارات ( الغزال والأرنب ) وخلطاً بين المطلب السياسي والخيار الستراتيجي دستورياً وغير دستوري وبدون آفاقه الاقتصادية التي هي المحرك الأساس للمراهنين من الداخل والخارج أصحاب المصالح المقنعة مذهبياً  .