دولة اعداء الليبرالية

علي حسين 2012/10/20 07:39:00 م

 دولة اعداء الليبرالية

تخيّلوا ماذا سيحدث لو قرّر المالكي غدا تأسيس حزب ليبرالي يكون بديلا عن ائتلاف دولة القانون؟

الإجابة لا تحتاج مني ومنك أن نكون باحثين في شؤون الأحزاب، ولا منظرين للحركة الليبرالية، كما لا تحتاج لتفكير طويل ولا ضرب اخماس في أسداس، من المؤكد ان جميع اعضاء دولة القانون ممن يشتمون العلمانية ليل نهار ويتعوذون بالشيطان حين يأتي اسم الليبرالية أمامهم، سيتجهون حتما إلى حزب المالكي الجديد طمعا في الحفاظ على مقعد البرلمان.

يتذكر العراقيون حين قرر صدام أن يرفع لواء اليسار في المنطقة العربية، وكيف هرول جميع المسؤولين لقراءة جيفارا والتغني بمؤلفات ماركس، وحين أعلن القائد حملته الإيمانية هرول ثانية نفس المسؤولين باتجاه الجوامع والبعض حاول ان يقنع صدام بأنه لا يفارق السجادة الا لقضاء حوائج المواطنين.

هذه الكلمات لا اريد منها الانتقاص من أفكار احد.. ولا الحديث عن مبادئ الأحزاب الحالية.. ولكنني منذ سنوات ارصد حالة الكثير من المشتغلين بحقل السياسة، فأجد أن الكثير منهم يدخل الحزب الفلاني،  أو يصبح عضوا ناشطا في ائتلاف سياسي، ليس بهدف ممارسة العمل السياسي، وإنما لرعاية مصالحه الخاصة، والبحث عن غطاء يؤمن له المنصب والامتيازات ودعونا ننعش الذاكرة باسماء تعيش بيننا اليوم، تقلبت على اكثر من جنب  دون أن تؤمن بمبادئ وأهداف ايا من الاحزاب التي انتمت اليها.

في العام 2009 حين قرر المالكي تشكيل ائتلاف دولة القانون،  كان منهاج ائتلافه  اقرب الى الأحزاب المدنية وكنا نسمع جميع أعضاء دولة القانون  يتحدثون عن المواطنة ودولة الحريات التي يكون القانون فيها هو الأساس.. لكن ما ان جلس المالكي على كرسي الحكم، حتى اعلن غزوته المباركة  ضد القوى المدنية رافعا راية النصر على الأحزاب العلمانية والماركسية.  عندها انطلقت سهام قناصة ائتلاف دولة القانون ضد كل ما له علاقة بالليبرالية والدولة المدنية.. فشاهدنا كيف خرج العديد منهم يحملون لافتات: "لا نريد ليبراليين قادمين من الغرب ليحكمونا"،  وبنى هؤلاء خطتهم لقصف القوى الليبرالية على أساس أنه هؤلاء يمثلون قيما غربية لا تنسجم مع مقتضيات الواقع الاجتماعي العراقي والتقاليد والعادات حسب قولهم، بل ذهب البعض منهم إلى اتهام دعاة الدولة المدنية بأنهم مدعومون من جهات أجنبية ولديهم أجندات أجنبية.

في مرات كثيرة لا يعرف الواحد منا ماذا يفعل حين يقرأ أو يشاهد بعض ممن احترفوا السياسة، وهم يفتون بكل شيء واي شيء، هل يضحك من شدة العبث والكوميديا السوداء،  أم يسقط مغشيا عليه من شدة الحزن والكآبة؟ اكتب هذه ةالكلمات وانا اقرء تصريح النائب عن ائتلاف دولة القانون هيثم الجبوري الذي اخبرنا فيه  بان ائتلافه لن يدخل في تحالفات مع الليبراليين والعلمانيين  داخل الخارطة السياسية خلال الفترة المقبلة.

اقرأ التصريح واسترجع حلم العراقيين جميعا بجمهورية العدل والقانون والمساواة.. فأجد إننا اليوم نعيش في بلاد توشك أن تصبح اسما بلا مسمى.. بلاد في حاجة إلى إنقاذ، ولن ينقذها إلا استعادة حلم العراقيين بدولة المواطن، لا جمهورية الطوائف التي يرفع شعار الجميع هذه الأيام.

كانت الناس تحلم بأن تكون شريكة في صناعة الغد، لكنهم وجدوا أنفسهم يعيشون في ظل نظام سياسي يرى في الحاكم أباً لا يجوز الخروج عليه.. ومحاسبته نكرانا للجميل.. فيما يريد لنا البعض أن نتحول الى قطعان عبيد ننتظر كل شيء من "القائد الضرورة"..

ودعوني سأل النائب الجبوري لو تغير اسم ائتلاف دولة القانون، إلى ائتلاف القوى المدنية والليبرالية..هل سيظل يهتف ضد العلمانيين؟

سؤال اترك اجابته لتجار السياسة الذين يتعامل معظمهم مع عضوية البرلمان أو القرب من الحكومة باعتبارها الدجاجة التي تبيض مرة ثانية، ليس هذا ذما في ائتلاف دولة القانون، لكنه توصيف بسيط لواقع لا ينكره أي عاقل، فنحن نعيش في ظل سياسيين يتحدثون بمصطلحات لا يعرفون معناها..  واشك ان الجبوري يفرق بين العلمانية والعلمية، ويعتقد ان الليبرالية هي جزء من حركة اباحية تريد تخريب المجتمع الذي نذر الجبوري نفسه لخدمته.. الم يخبرنا يوما بانه مكلف شرعيا بقيادة هذا الشعب

الجميع يعتقد أن العلمانيين كفرة والليبراليين خونة، وان واجبهم التصدي لحاملي هذه الأفكار الهدامة.

تعليقات الزوار

  • ابوحسين الخزعلي

    هيثم الجبوري يحمل شهادة الدكتوراه لانعرف متى اخذها وباي اختصاص ومن خلال عمره واضح لدينا اخذها في زمن صدام وهذه لاتمنح وكذلك الماجستير الا من ينتمي لحزب العبث ويزكى من الامن او المخابرات ومن على شاكلته انتمى لدولة القانون ليضرب عصفورين بحجر

  • امجد حسون

    هيثم الجبوري تلميذ صغير ونجيب لاستاذه ورئيس قائمته علي الدباغ المدرسة الانتهازية المتكاملة لكن والحق يقال الاكثر ادبا وكياسة ومهارة بينما الجبوري اصبح نموذجا في البلادة والفجاجة والوقاحة دفعة واحدة.

  • فراس فاضل --السويد

    الاستاذ الرائع على حسين--اذكرك ايضا بان صدام حسين الغى نقابات العمال فى العراق وايده بذلك كل المنتفعين حوله وحتى العمال المساكين خرجوا فى اليوم التالى تايدا للقرار --لك تحياتى

  • عراقي

    منذ مدة قصيرة عدت الى عادتي الصباحية القديمة بقراءة ھذه الصحيفة الموقرة بعد ان كنت قد تخليت عنها تماما بعد ان يأست من انها تفيق يوما على حجم المأساة العراقية التي شاركت ھي ايضا و لو جزئيا بخلقها، و ذلك من خلال التأييد الضمني لنوعية السلطة السياسية الجديدة

  • علاوي

    بكل الاسف قراء ونسمع تعليقات السادة الساسة في مواضيع لا تحتاج الى افتاء و يشمروا عن سواعدهم للافتاء و التحكم والسيطرة بمقدرات الشعب ,وموضوع تصدير الثورة الايرانيه و ولايه الفقيه مازالت مستمرة ,العراق بلد الحضارات و التعددية و العلمانيه لم ولن يكون كما يشت

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top