اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > (كتابةٌ سادسةٌ)..(كاتمُ صيف)

(كتابةٌ سادسةٌ)..(كاتمُ صيف)

نشر في: 23 أكتوبر, 2012: 05:16 م

في نهايةِ كلِّ صيفٍ
وصيفُنا لا ينتهي ، فد خمطَ – أسوةً بساستِنا –
الفصولَ كلَّها وحصحصها ناسفاً الأيامَ التي تلوّنُ العراق
فلا لونَ إلا الخرافة
وهذا السوادُ الثقيل ، السَّوادُ الذي لفَّنا في سَوْرتِه
فمن جُبٍّ إلى جبٍ سننقلُ ثم نُطحنُ ثم نُلقى رماداً
رماداً في مهبّ الريح لا أهلٌ ولا وطنُ
وبعد أَنْ أطفرَ حيّاً من تنّورِهِ مُشتعلَ الرأسِ
مخبولاً على مقياسِ رختر
حاسداً مَنْ ضيَّع في الصيف اللبنَ..
فقد ضيّعتُ العقلَ وضيَّعني
والشمسُ تضربُ بالحرابِ على الرقابِ
لاحتْ رؤوسُ الخرابِ
الشمسُ تخبزُ السابلةَ على الأرصفة
وتقيمُ أعراسها في بيوت التنك
وتطلقُ الكواتم بالمجّان على رؤوس العراقيين
"الشمسُ شمسي"
فكلُّ الطرقات تؤدّي إلى جهنم
وكلّنا في الموت سوى
ولا فرقَ بينَ مَنْ ماتَ بكاتمِ صوتٍ أو كاتم صيف
فالتسعيرةُ واحدةٌ
هكذا : شبرٌ وثلاثةُ أصابع
"والعراقُ عراقي"
فبأيّ كاتم تختار ميتتَكَ..
فكن فطناً واحذرْ وأركد حيث تكون
ولا تطفرْ من هذي المقلاة إلى فرن السيراميك
ولا تأسَ ؛
أبشر أبا عدّاي لا تاسا
قد كنتَ رغم سمومِ النارِ مئناسا
وعند أولِ كرصةِ بردٍ :
تِبْرَدْ وأكَول "إشَّاه" وأركَص وَحِبْ بيك
تِذَّكّر من الحر أبجي من ألاكَيــك
أقدّمُ شكري للمعلِّم الأول فقد سلَّمني المهفَّةَ الأصليّة
بحروفها المسمارية
من نبوخذ نصّر إلى القادة العراقيين :
لا تتركوا رأساً على رقبة
المهفةَ التي صيّرتْ رأسي "مِكرٍّ مفرٍ مقبلٍ مُدبرٍ معاً"
وهي تأتيني بالهوى المسموم من كلّ جانب
وللظلِ
وكانَ شحيحاً في بلادِ ما بين الكاتمين
فالأشجارُ نفضتْ أوراقها وماتت
نكايةً بالأحزمة الخضراء التي تسيلُ البراكينُ من تحتها
وللمراوحِ الكهربائية على اختلاف عشائرها :
البو منضدي
البو عمودي
البو سقفي
البو شحن
وأنا شيخُهم العليمُ
أتنقّلُ لاهثاً بين هذه الأفخاذ
فلا عمل ولا بسنز
وللمبردة ما يصعدلها الماي خلّتني أنكَز
وللمكيّف الذي يتحدّث من وراء أنفه
ولموّلدة الشارع وجوزتها اللعوب
ومولدة البيت وذئابها التي تلهث بالجليكانات
ولسطح الدار ، هذا الفرن الحجريّ الذي يشمرك "حاراً ومكَسّباً ورخياً"
فاتحاً صدرك للمفخخات والعبوات اللاصقة والسيطرات
فتعال إلى حيث الجودة
ولشطّ الحلة الذي يزحفُ كاشفاً عمودَه الفقريّ
فلا موج يكسو عظامَه التي نخرتها العوادمُ
والمسؤولون في بحبوحة فاكهون ويرفلون
وللـ"وطنيّة" ، وأقول لها :
أنا بانتظارك زوجة الملك القتيل
فكم من وزيرٍ جاءكِ طائراً على حصانه الأبيضِ
ساحقاً بالسنابِكِ ما تبقّى من صايتكِ وصرمايتِكِ
وللطواري وهي تنير بيت جاري الفقير لله
المسؤول في الحكوماتِ ، الغالقِ لجميع الطرقات
ونحنُ نسهر في الصيف على خدمتِهِ
وللعاكسةِ..
عفواً آنستي ، فلقد أنسانيك هذا المسؤول
وللبُطل الثرثار ، أبو الفتايِل ، الذي أغلقتُ فمه بجسباية
ليضيءَ لي كلَّ هذه الخطوط الساخنة التي أتنقّلُ بينها
دون جوازِ سفرٍ أو أوراقٍ ثبوتيّة
و"حملتُها ، فأنا المسيحُ يجرُّ..."
والعَرَقُ يخرُّ
ولا تدري من أينَ يخرُّ..
فما أجملَ أن تقضي العمرَ لاهثاً بين كلِّ هذه الطرّهات
عاضاً بأسنانِكَ على "الأمبير" خوف أنْ يفلتَ
حاملاً صليبَكَ ، عفواً : أعني الدرجَ الذي تسندهُ على العمود
للوصول إلى عشبة الكهرباء
فمَنْ مثلك يمتلكُ كلَّ هذه الأنتيكات؟
وماذا تريدُ
كلّ ما أريدُهُ من الله أن "يبيّن حوبتي بيهم"
وكلّ ما أرجوه من وزارة الكهرباء أن تقرأ مقياس سعادتي
فأنا المسمارُ الذي موّعني آبُ في الباب
بعد أن عدَّلني تموّز بمطارقه الناريّة
وكلّ ما أرجوه من مجلس النوّاب
وأساطينه وآلهته الذين يركبون الدّواب ليردّوا لها الاعتبار
بعد دكَة الستوتات أولاً
ويخففوا عنّا حرّ الصيف ثانياً
وللحفاظِ على البيئة ثالثاً
ولهم فيها مآربُ أخرى ..
أن يؤجلوا مناقشة قانون رفع الثقة عن الشعب العراقي
لأنّه بدأ يتململُ في هذا الصيف
الذي هبطتْ فيه جهنّم وخزنتها على العراقيين
لتمارس وظيفتها من موقع أدنى بناءً على طلبهم
وها نحنُ نبولُ دماً وما من معين وما من مُجيب..
وكلّ ما أرجوه من الحكومة الوطنية المؤمنة القانتة المتعبدة في حار خضراء
وفي العواصم التي يرقصُ الثلجُ فيها
وهي تقرأُ الغيبَ
أن تكشفَ لي حسابي ، فهل سيكونُ عسيراً يوم القيامة؟
لأجرَّ معي كلّ هذه الهلمّة التي حازتْ على تشكّراتي إلى مقبرة السلام
مفترشاً أرضها ، منتظراً نفخ الصُوْر،
وبعدَها : سيكونُ لكلّ مقامٍ مقال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

16-04-2024

مثقفون: الجامعة مطالبة بامتلاك رؤية علمية تكفل لها شراكة حقيقية بالمشهد الثقافي

علاء المفرجي تحرص الجامعات الكبرى في العالم على منح قيمة كبيرة للمنجز الثقافي في بلدانها، مثلما تحرص الى تضييف كبار الرموز الثقافية في البلد لإلقاء محاضرات على الطلبة كل في اختصاصه، ولإغناء تجربتهم معرفتهم واكسابهم خبرات مضافة، فضلا على خلق نموذج يستحق ان يقتدى من قبل هؤلاء الطلبة في المستقبل.السؤال الذي توجهنا به لعدد من […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram