نريده تغييراً أبيضاً

رعد العراقي 2017/04/05 09:01:00 م

نريده تغييراً أبيضاً

لا أعرف لماذا يحاول البعض أن ينقل المشهد الكروي العراقي المثقل بجراحاته وهمومه من ساحة التنافس الوطني لانقاذه الى ساحة الصراع اللفظي والعضلي ومناسبة لتصفية الحسابات ورمي نوايا البحث عن تغيير المنظومة الكروية الى حيث الادعاء بالاستهداف الشخصي وطموح الاستئثار بالكراسي !
وبالحديث عن ( الكراسي ) فإن تلك الميزة أصبحت تهمة مخلّة بالنزاهة .. بدلاً أن تكون تشريفاً يفتخر به الجالسون عليها ويسعون الى إثراءها بالعمل والعطاء ليقدموا من خلالها نموذجاً حياً على أن المناصب هي وسيلة للوصول لخدمة الهدف وليس غاية للتباهي والتفاخر.
الآن وبعد صدمة الخروج من تصفيات كأس العالم وبهزائم مريرة وتراجع معيب في التصنيف الدولي جعلنا نبتعد بدرجات عن منتخبات كانت تحلم بالخروج أمام منتخباتنا الوطنية بأقل الخسائر ، كان لابد أن يحدث انشقاق في البيت الكروي بين معارضين لكابينة القيادة والإدارة وبين مؤيدين لها على استحياء بمواقف تغذيها العلاقات والانتماء المناطقي والمنتفعين لبقاء الحال على ماهو عليه.
يُخطئ مَن يتصوّر أن الأزمة الحالية تفاعلت وتفجّرت غضباً جماهيرياً نتيجة خروج المنتخب الوطني من تصفيات كأس العالم ، ومن يظن ذلك فإن الأمر لديه لا يتعدى البحث عن انجاز أو الحصول على بطولة ، وإن ردّة فعله لا يمكن أن تعالج وضعاً أو ترسم طريقاً صحيحاً لعمق المعضلة ، كما أن الاتحاد الحالي يمتلك رصيداً من الانجازات الشكلية يمكن أن يحتمي وراءها ويجعلها حجّة يرمي بها على الطامحين نحو تقييد النجاح بالحصول على لقب أو انتصار ضمن نطاق أقليمي أو قاري.
الحقيقة أن الكرة العراقية رُميَت هزيلة بين أقدام المتناحرين يتمسكون باسمها ويتجاهلون أنينها بعد أن تحوّلت الى بضاعة سائبة لا حريص يمسك بجواهر تاريخها ومواهبها الفذة ، فقيّدت بسلاسل التخطيط الروتيني والاجتهادات البدائية ورضخت الى الفكر الإداري المتوارث الذي يرفض أن يسابق التطور واحترافية العمل ، فتسلل اليها في غفلة من يجهل باسرارها ويستشعر عمق ارتباطها بنبض الجماهير فارتفع مكانة بها بدلاً من أن يرفعها على كتفيه مزهوّة لتلامس سماء التألق !
 طرفا الصراع ، الأول لا زال متمسكاً بموقفه عبر التخندّق خلف متاريس الديمقراطية ومصدّات الانتخابات وأصوات الهيئة العامة وجعلها دليلاً على الكفاءة وسنداً قانونياً يلوّح به عند اشتداد الأصوات المطالبة برحيلهم عن الاتحاد، والثاني خرج نحو  ميدان التظاهر وتحشيد الأصوات المؤيدة لمشروع التغيير إلا أنه تناسى أن ردّة الفعل المتسارعة يمكن أن تواجه انتكاسة غير متوقعة بعد أن غاب التأني في التخطيط والمعالجة الهادئة من دون ضجيج أو تلاسن أو تراشق بالاتهامات أو الانجرار وراء البهرجة الاعلامية التي تدفع الى التصعيد وتأزيم المواقف فتتيح تسلل الطارئين ليرتدوا ثوب الوطنية ويتصدّروا المشهد بعد أن كانوا بالأمس جزءاً من حملة الترويج والدفع بالاتحاد باختيار الملاك التدريبي وهي من طالبت الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية بعدم محاسبته عن النتائج تحت ذريعة بناء منتخب للمستقبل !
لا يمكن ، أن تخرج الكرة العراقية من أزمتها دون أن يضرب التغيير كل اسسها المتهالكة بدءاً من عناصر قيادتها ومروراً بالقوانين التي تحكمها وفلسفة استقطاب الكفاءات لإدارتها ، وهو أمر لا جدال فيه إلا أن الوصول لهذه الرؤية لابد أن يمرّ من خلال التخطيط المنظم غير المرتبك واختيار الوقت المناسب والبحث في الوسائل القانونية من دون اغفال الحوار والمناقشة سواء فيما بينهم أو مع أعضاء الاتحاد أو الهيئة العامة  طالما أن الطرفين يرفعون شعار المصلحة العامة وينأون بأنفسهم عن حب المناصب أو الانتفاع الشخصي ، لا نريد لاسماء ونجوم لامعة أن يستفز حرصها وغيرتها المعهودة باتجاه الخروج عن حكمة التصرّف والإتزان في مواجهة الأزمة، وبالتالي فإن صورة التغيير نريدها بيضاء لا دنس فيها لترسم الأمل بإنتهاء عهد التسلّط والتفرّد والعشوائية وتفرض واقعاً جديداً تجعل من دمعة اصغر مشجع يذرفها حسرة على انهيار الكرة العراقية حافزاً وسبباً لاستقالة كل العناوين بمختلف تسمياتهم طوعاً .. وليس جبراً !

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top