هل تشعر أميركا بالذنب؟

علي حسين 2012/11/03 06:30:00 م

هل تشعر أميركا بالذنب؟

هل تشعر اميركا بالذنب؟ وهل يعرف ساستها أنهم أدخلونا في متاهة الطائفية، وكانوا مشاركين وشهودا على الخديعة؟

كنت أظن ان ما حدث يقع خارج إرادة أصحاب البيت الأبيض، لكن الوقائع تؤكد في كل يوم أن أصحاب القرار الأميركي كانوا بكامل وعيهم وهم يمكنون بعض الساسة من إدارة شؤون البلاد.

أمريكا من حقها ان ترى ان هذا زمان المالكي والنجيفي والمطلك والسنيد والكربولي، وان البيت الابيض مع بناء الدولة على طريقة المحاصصة الطائفية، ومن حقها أن يصبح العراق خارج اهتمام حملات أوباما الانتخابية، ومع احترامنا الكامل لأولويات اوباما او منافسه رومني، لكن الحرب التي خاضتها أميركا عام 2003 لم يكن من بين أسبابها ان تنحاز الى قوى سياسية، تعتقد أن التغيير فرصتها وغنيمتها ولا تريد لأحد ان ينافسها عليه.

قبل أيام سألت احد السياسيين سؤالاً مباشرا: ما هو تفسيرك لصمت الإدارة الأمريكية عما يحدث الآن؟ هل هو سوء تقدير من أوباما، أم شيء مخطط له بعناية فائقة؟، هذا السياسي الذي ازعم انه على اطلاع بدهاليز ما يجري على الارض قال انه يعتقد أن الأمر أشبه بزلزال لم يكن يتوقعه احد من الساسة باستثناء الحلقة الضيقة والقريبة من رئيس الوزراء، فكرت في إجابته وراجعت تداعيات ما حدث فوجدت أن الأمر اكبر من سوء تقدير لأوباما، أو من اتهامات توجه لهذا السياسي أو ذاك المسؤول، فمهما حاول أصحاب المقولات البراقة، ومهما حاول المتفائلون أن يخففوا من وطأة ما يحدث على الساحة السياسية.

بصراحة شديدة، نحن نعيش على حافة  الخطر والمحرقة التي اشتعلت في الأشهر الأخيرة تمتد وتتوسع لتطول كل شيء، مستقبل البلاد معلق بخيط رفيع لا احد يعرف متى سيتم قطعه، وإذا ما تم قطعه، ما الذي سيحدث؟، هل نعود إلى عصور الدكتاتورية، أم يتم الترويج لمشروع التقسيم الذي لايزال السيد بايدن يحتفظ به في درج مكتبه.

في كل يوم يشعر العراقيون بأنهم يعيشون المرحلة الأصعب والأخطر في تاريخ بلادهم، وهي مرحلة الانقلاب على التغيير الذي حصل بعد عام 2003 حيث توقعت الناس التي عاشت عقودا من الدكتاتورية والتسلط بأنها ستفتح الأبواب والنوافذ للمستقبل، حتى اطل السياسيون برؤوسهم، فانفصمت عرى البلاد وتفرق الناس شيعا وأشياعا بفضل حكمة وحنكة العديد من الساسة الذين لم يتوقفوا عن تقديم كل ما هو فاشل ومزيف وعشوائي، وإشاعة كل ما يمت إلى القسوة والعنف، ونحن ندخل السنة العاشرة من التغيير بات المشهد أكثر سوداوية وقتامة، سيتهمني البعض بأنني أحاول أن انسج سيناريو من الخيال، ولكن الحقيقة تقول إن السيناريوهات التي يضعها بعض السياسيين، تثبت بالدليل القاطع أننا أمام معالجات درامية استطاع أصحابها وبمهارة أن يواروا ملفات مهمة مقابل انشغال الناس بورقة الإصلاح التي اتحدى اي مواطن أن يعرف ما الذي تحتويه؟ او بانتظار الاجتماع الوطني الذي تحول الى مشهد من مسرحية بيكت الشهيرة "في انتظار جودو"، مع الإصرار على أن تستغرق الناس في الحديث الصاخب عن الانقلابات العسكرية والمؤامرات التي تحاك في الظلام طبعا مع غلق كامل لكل ملفات البناء والتنمية وتطوير قدرات الناس وتأسيس دولة المواطنة؟.

بعد 2003 تبنى العراقيون أسلوب التحول الديمقراطي بطريقة سلمية تحفظ الأمن والهدوء والاستقرار، وتحفظهم من المخاطر والأهوال، لكن الأمور جاءت عكس ما تمنوا ولم تعرف البلاد هدوءاً منذ أن بدء الساسة يهتفون الواحد ضد الآخر، العراقيون انحازوا للديمقراطية، واصحاب القرار انحازوا لمصالحهم الشخصية، فخلطوا شعارات مصلحة الوطن بأطماعهم السياسية، كنا نسعى جميعا إلى عراق الإخاء والمساواة، ولكن البعض يريده عراقاً مكبلاً مريضاً فاسداً، لا مكان فيه لأي شيء حقيقي، بل السطوة والنفوذ لكل مزيف ومزور ومنافق وفاسد.

اليوم حين يحاول البعض تفسير ما حدث بأنه سوء تقدير من أوباما، او غلطة ارتكبها الجمهوريون او الديمقراطيون فذلك إنما دفاع عن وهم لا يزال يعشش في عقول الكثيرين.

الخوف كل الخوف والخطورة الحقيقية أن يكون سوء التقدير سببا في مآسٍ جديدة، وقد يكلفنا ثمنا غاليا.

لماذا لا تراجع الادارة الاميركية نفسها لتكتشف ما جنته على التغيير في العراق؟

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top