مركز أبحاث يضع الخطوات المقبلة لسياسة أميركا تجاه العراق

مركز أبحاث يضع الخطوات المقبلة لسياسة أميركا تجاه العراق

 ترجمة/ المدى

أعدَّ الباحث الأميركي، مايكل روبن، من معهد اميركان انتربرايز، تقريراً مفصلاً بحث فيه الوضع السياسي والأمني والاقتصادي للعراق عبر سلسلة لقاءات أجراها مع عدد من مسؤولين سياسيين في بغداد ورجال دين في النجف، مبيناً الخطوات اللاحقة التي يتوجب على السياسة الخارجية الاميركية اتباعها تجاه العراق في مرحلته الانتقالية المقبلة.

وجاء البحث الذي أجراه، روبن، في وقت شهد فيه النظام السياسي العراقي فوزاً انتخابياً لرجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، وفيما إذا سيوفر الدور الذي سيلعبه، في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، فرصة لحل مشاكل عالقة مزمنة تميّزت بها الحكومات السابقة من نهج إداري طائفي فاسد. ويوصي الباحث، روبن، في مداخلاته بأنه يتوجب على الولايات المتحدة في هذه المرحلة أن تضاعف جهودها في لعب دور تنافسي عبر سياستها الخارجية تجاه العراق والابقاء على تعاون أمني حثيث معه لضمان عدم عودة لتنظيم داعش من جديد الى البلد، والدفع بالحكومة الجديدة المقبلة ومساعدتها لشق طريقها نحو اصلاح اقتصادي ومكافحة الفساد وبناء علاقات جيدة مع الدول المجاورة، لاسيما العربية السعودية في مسعى لتحجيم نفوذ ايران وكذلك عزل العراق عن أي تنافس أميركي - إيراني ورسم أجندة عمل نشطة لتعاون أميركي - عراقي غير مسلح.
يقول الباحث، روبن، إنه خلال تقييماته العامة استنتج وجود نقاط معينة تمثل مؤشرات تقدم في العراق مع توصيات للحفاظ عليها لمواصلة الطريق قدماً. من مؤشرات التقدم هذا هو أن العراقيين مستمرون بمنافسات السلطة السياسية بسلام عبر انتخابات ويتطلعون لنقل السلطة للحكومة المنتخبة الجديدة خلال الأشهر المقبلة، مع توفر شعور وطني لتحقيق عدالة اجتماعية منافية للطائفية. الجانب الأمني كذلك مستمر بالتحسن مع عودة النشاط التجاري بعد انحسار تأثير داعش. وعلاقات العراق تحسنّت مع دول الجوار لاسيما مع العربية السعودية التي عززت روابط عابرة للطائفية مع زعماء شيعة في العراق. المرجعية الشيعية في النجف لاتزال ترساً منيعاً ضد الصراع الطائفي والهيمنة الإيرانية.
ويشير الباحث، روبن، الى انه رغم التذبذبات الحاصلة في المراحل الأولية لتشكيل الحكومة، فإن الولايات المتحدة بقت محافظة على موقفها تجاه العراق بشكل افضل مما توقعه كثير من المراقبين لممارسة نفوذها داخل العراق، ويعود ذلك للتعاون الأمني القيّم بين الولايات المتحدة والعراق وكذلك الدور الريادي الذي تلعبه أميركا في ربط العراق مع تحالف عسكري دولي ومؤسسات مالية عالمية وشركاء آخرين من بلدان دول الخليج. أما في ما يخص الجوانب التي تبعث للقلق، فقد أشار الباحث، روبن، إليها وحدّدها في عدة نقاط، منها أن العراق مستمر بضياعه فرصة ايجاد صيغة انتخابية محاربة للفساد، وكذلك فإن الزعم بوجود حالات تزوير في الانتخابات، والتي تكاد تكون بإجماع دولي، يعكس وجود عدم ثقة بالنظام السياسي للعراق على نطاق واسع ومرير . وهناك مخاطر متزايدة من أن ايقاف العراق لإصلاحات اقتصادية لن تجعله يتمتع بارتفاع أسعار النفط وسيكون غير مؤهل وبشكل خطير في توفير فرص عمل لأكثر من مليون عراقي يدخل حيّز القوة العاملة سنوياً. ويقول الباحث الأميركي، إن قادة عراقيين لم يجيبوا على السؤال الذي يوضّح كيف ستنتقل البلاد من مرحلة استقرار قصيرة الأمد في المناطق المحررة التي كانت تحت سيطرة داعش لتعالج كل من مشكلة احتياجات اعادة الإعمار طويلة الأمد وكذلك المليوني عراقي الذين لايزالون نازحين ولم يعودوا لمناطقهم.
يوصي الباحث الأميركي على أن تركز السياسة الاميركية الخارجية تجاه العراق ضمن أولوياتها في تحسين الوضع الأمني العراقي وذلك من خلال تعزيز قدرات قوات الحدود العراقية ومواصلة تدريب وحدات جهاز مكافحة الإرهاب، مشيراً الى أن اللقاءات الأخيرة بين مسؤولين أميركان وعراقيين أفضت الى تحديد عدة نقاط رئيسة يتوجب على الاميركان فعلها لمساعدة العراق تلبية لاحتياجاته الأمنية. وتتلخص الجهود الاميركية في هذا المجال في جعل قوات الحدود العراقية اكثر مهنية كل من حرس الحدود والجيش، والتحرك من معارك المدن الى دعم مناطق اوسع والتي ستوفر للعراقيين قدرة للتنقل بسرعة لتغطية مساحات اوسع من الاراضي، وكذلك مساعدة العراقيين مواصلة ضغوطهم على تنظيم داعش من خلال عمليات عسكرية موجهة ضد ذيول بقايا التنظيم . من جانب آخر يتوجب ارجاع مهام جهاز مكافحة الإرهاب من قوة مشاة نخبة الى مهمته الأصلية المتعلقة بجهده الاستخباري ضد الارهاب، وتدريب القوة الجوية العراقية التي تنفذ غاراتها بنفسها ضد داعش داخل سوريا، ولكن يتطلب ذلك دعماً اميركياً اضافياً مع المشورة. ويتطلب الأمر من الاميركان أيضاً مساعدة العراق على تدريب قوات خاصة جديدة لها قدرات شبيهة بقدرات القوات الخاصة الأميركية وسيشرف عليها وزير الدفاع العراقي.
تواجد عدد قليل من قوات الطوارئ الأميركية في العراق قد يكون عنصراً حيوياً لمستقبل استقرار العراق وقدرة عسكرية مهنية لمحاربة الارهابيين. على الولايات المتحدة أن تستمر باحترام توجسات العراقيين في ما يتعلق بوجود قواعد دائمة للتدريب بدلاً من تواجد قوات قتالية .
العراق لايزال ضمن اهتمامات الولايات المتحدة ضمن جهود سياستها الخارجية في الشرق الأوسط لتحقيق النصر النهائي على داعش والحد من ظهور أي مجاميع متطرفة أخرى وكذلك مواجهة نفوذ إيران في بلدان ذات سيادة في الشرق الأوسط مثل العراق وتحجيمه مع ضمان مشاركة الاقليات العرقية والاثنية في حكومة مستقبلية تمثّل جميع مكونات الشعب العراقي.
 عن: مركز اميركان بروغرس للدراسات CAP

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top