أين العراق من المبادرة الصينية للطريق وللحزام الواحد ؟ 2-2

آراء وأفكار 2019/07/27 07:31:24 م

أين العراق من المبادرة الصينية للطريق وللحزام الواحد ؟  2-2

د. أحمد عبد الرزاق شكارة

من هنا أهمية إسراع العراق للانضمام إلى عضوية البنك الآسيوي "الصيني" للبنى التحتية والاستثمار Asian Infrastructure investment (AIIB)

بهدف توفير خيارات مهمة في مرونة التعامل مع مختلف الجهات الدولية خدمة للمصلحة العراقية أولاً . الشيء الذي لم يتضح بعد بشكل تفصيلي يتعلق بماهية الستراتيجية العراقية تجاه المبادرة الصينية . مع ذلك لابد من النظر الى الموضوع من عدة زوايا : 

أولاً: نظرة الصين الستراتيجية والاقتصادية في مضمونها وحراكها الفاعل و(الداينمي) الأساسي تؤكد أن إحتياجاتها المتنامية من النفط والغاز الطبيعي قد جعلت منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط تقع ضمن منظور المصالح الجيوسياسية – الاقتصادية الصينية وماورائها مايحتم على العراق بحكم موقعه الجيوسياسي ما بين منطقتي البحر الشرق الأوسط – البحر الابيض المتوسط والخليج العربي أن يحتل مركزاً متصدراً في الانتاج والتصدير خاصة وإن لديه إحتياطي نفطي ضخم (ما يقارب من أكثر من 143 بليون برميل نفطي) .

ثانياً : ما يدفع أن تلعب الصين دوراً جيوسياسيا –اقتصادياً حيوياً كون سياستها الخارجية تتسم ب"الحياد" حيث لم تتدخل بشكل مباشر في أزمات المنطقة وحروبها سواءً أتعلق الأمر بحروب الخليج السابقة أو بإزمة راهنة لازالت تتفاقم معطياتها وتداعياتها في الخليج العربي بين إيران والولايات المتحدة الاميركية أوتلك التي نشبت ولازالت مستمرة بين حلفاء كل من الطرفين الإيراني والاميركي المتصارعين في سوريا واليمن وفي الخليج فيما يعرف ب"أزمة الناقلات". من منظور مكمل الصين لم تتدخل ولن تتدخل مستقبلا بشكل مباشر في أزمة رئيسة تتمثل بالصراع العربي –الاسرائيلي .

ثالثاً: بالرغم من عدم كون العراق جزءا من مبادرة الطريق والحزام الواحد الصينية إلى أن الدولتين العراق والصين سبق لهما أن طوراً بشكل منتظم علاقتهما المشتركة والانتقال بها من الإطار السياسي في ظل أتون مرحلة الحرب الباردة إلى الإطار الاقتصادي مابعد 2003 حيث أهمية دور الشراكة المتبادلة بين الصين والعراق . انعكس مثل هذا الواقع على تنامي نسب التجارة بين الطرفين من 2.6 بليون دولار في عام 2008 لترتفع إلى 20.5 بليون دولار في 2015 حيث أضحت الصين منذ عام 2013 أكبر شريك تجاري للعراق. كما أن العراق من الدول الرئيسة للصين في مجال تصدير منتجات النفط والغاز الطبيعي (99% من منتجاته التصديرية الكلية) في ظل قيمة سنوية تصل إلى مايقارب 12 بليون دولار. في مقابل ذلك ارتفعت نسب تصدير الماكنات والمعدات الصناعية والكهربية إلى حوالي 2.5 بليون دولار سنوياً. ضمن هذا الإطار تلعب الصين دوراً فاعلاً مؤثراً منذ 2003 في عملية تحديث البنى التحتية للعراق (طرق ، مباني للمنافع العامة ،وشبكات الانترنت). الوجه الآخر المكمل للعلاقات الصينية – العراقية يختص بالجانب العسكري حيث لم يعرف عن العراق تقليديا تعامله مع الصين عسكرياً بقدر تعامله مع السوفيات سابقاً ومع الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها في مرحلة لاحقة خاصة منذ 2003. التغيير جاء مع كانون الأول /ديسمبر 2015 حيث وقعت بغداد وبكين إتفاقية ثنائية للتعاون العسكري. أحد مظاهرها تصاعد الامكانية العسكرية لأستخدام عدد من طائرات درونز بإسم Unmanned Aerial Vehicle - Chaihong (Rainbow) 4B وذلك بصورة مستقلة عن الولايات المتحدة الاميركية. يمكن القول بإن العراق بحاجة للتعمق في التعامل مع المبادرة الصينية من خلال مزيد من الدراسات والبحوث الميدانية –الموضوعية وما هو مهم جدا أهمية تشكل وفد عراقي تفاوضي متخصص يبلور لنا رؤية استراتيجية شاملة وفاعلة في كيفية إدارة الأزمات وفي التعامل الناجح مع الشأن الإيراني من جهة خاصة إذا أخذنا طبيعة التفاعل الثلاثي بين بغداد ، طهران وأنقرة ، يضاف إلى اهمية معالجة تفصيلات مسار العلاقة مع الصين حيث لازالت بعض المعلومات حول المبادرة في طي الغموض أو الكتمان من قبل الجانب الصيني . من المناسب الإشارة إلى أن شعار الصين "السعر ، السرية والانتاج" قد تم التسويق له جيدا م قبل دول شرق اوسطية اخرى تعد حليفة للولايات المتحدة الاميركية (مثل المملكة العربية السعودية ، مصر والامارات العربية المتحدة ) . من منظور مكمل ، كي يلعب العراق دوراً فاعلاً في إطار تفعيل المبادرة الصينية لابد له من انتهاز الفرص المواتية بغية استثمار العوائد الاضافية للنفط وللغاز الطبيعي وغيرها من موارد الطاقة في إطار تطوير تحديثي لمدن العراق كلها والرئيسة على وجه الخصوص (على رأسها البصرة) التي لازالت مرافقها البحرية والبرية بحاجة للتطوير وللتنمية على المديات الاستراتيجية – القصيرة – المتوسطة والطويلة الأثر.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top