ممتاز توماس
تبقى المشكلة الأزلية التي تعاني منها كرتنا في جميع البطولات هي عدم توفر مقومات النجاح لطاقم التدريب واللاعبين، فضلاً عن الضغوط المسلّطة عليهم،
فإن فازوا وحققوا لقب بطولة فالدولة مع الأسف تثق بما يقوله رئيس الوفد وتستمع لآراء بقية الأعضاء وما يبرّرون في انتقاداتهم للمدرب واللاعبين وتعتمدها كوثيقة ( برغم نجاحهم في تحقيق الانتصار) أي يسرقون الانتصار وينسبوه لأنفسهم.
إن علّتنا في الوفود الإدارية التي ترافق فرقنا ومنتخباتنا وخاصة رئيس الوفد الذي من المفترض أن يكون عمله مدروساً من جميع النواحي، ولكن ذلك مع الأسف ليس معمولاً به أصلاً، فمسؤولية رئيس الوفد هي تسهيل العقبات التي تواجه فرقنا كالنواحي المالية والإدارية والفنية وغيرها، ولكن معظم مسؤولي وفودنا ينهمكون بواجب أساسي هو السفر والسياحة والتسوّق وغير معنيين بمصير الفريق!
إن خسر الفريق فإن المسؤولية والانتقاد سيكونا حاضرين ضد المدرب واللاعبين، وإن فاز الفريق فإنهم يتحوّلون بين ليلة وضحاها الى أناس آخرين وينسبون ذلك لإدارتهم وحنكتهم بالسيطرة على زمام الأمور وتوفير الأجواء والظروف المناسبة للفوز والتفوّق، وإن خرج المدرب عن طوره له أسبابه ومسبّباته، فالمشاكل بلا حل منذ سنوات واصبح تشكّي المدرب لوسائل الإعلام المحلية والخارجية حالة شعورية تطغى على أغلب وفودنا الرياضية، وقد يحدث أن يكون هناك وفداً إدارياً جيداً ورئيسه جيداً، ولا يجب أن نعمّم ذلك على الجميع.
إن الظروف التى يعيشها بلدنا والفوضى العارمة والتخبّط والروتين القاتل وغياب القيادة الرياضية المركزية القوية والمتمثلة بالاتحاد العراقي لكرة القدم والأولمبية ووزارة الشباب والفساد الذي طال الجميع، صعّبت المهمة على مدربينا ومنتخباتنا وسيطر عليهم القهر والضجر والألم مما يطلق العنان لما يدور في أفكارهم ويعبّروا بطريقة أو أخرى ما يجرى من ممارسات غير رياضية ولا مهنية بحق لاعبينا ومدربينا.
كثرة الضغوطات وتكرارها والروتين القاتل بالتعامل مع فرقنا وطريقة تحضيرها واستعدادها للبطولات والمنافسات دائماً ما تمرّ بمنعطفات ومنغصات لا يستطيع الإنسان الجيد وذو المعدن الأصيل والوطني تحمّلها وتؤدي إلى فضح المستور والمخفي . نحن المدربين والأساتذة والمربّين نستشعر به ونعيشه في كل بطولة دائما ما يتم توصيتنا سابقاً (يجب أن تتعامل مع الاتحاد بخوف ورهبة وممنوع الانتقاد وإلا تكون خارج المعادلات التدريبية حتى لو كنت من أفضل المدربين خلقاً ومخلصاً ووطنياً وتتعامل مع اللاعبين بروح الإخوة والاحترام وتقدّر الجهود وتوفر الفرص والعدل والمساواة بين الجميع) .
يجب علينا أن لا نلوم المدرب عندما يخرج للتصريح غير المتوازن احياناً تحت ضغط نفسي رهيب من كثرة الإملاءات وعدم الاحترام وتنفيذ طلباته لإعداد فريق جيد ومؤهل، وكأن اتحادنا لا يعنيه هذا الشأن ويعمل بالممكن ويتوقع أن المدرب بصنع المعجزات، وقد تحقق ذلك في الكثير من المناسبات حيث الإعداد الناقص والتهيأة القصيرة وعدم توفير الأجواء النفسية والمعنوية للمدرب والفريق ويُتركا لقدرهما، ولكنه يقلب الطاولة على الاتحاد ويحقق المدرب الفوز مع إلتزام لاعبيه وتعامله الانساني والاخلاقي والفني والتكتيكي معهم ويكونوا بقدر المسؤولية، ويقلبوا كل التوقعات!
لا ألوم المدرب واللاعبين عندما يعبّرون عن رأيهم، جميعنا بشر، وقد لا تتحمّل أعصابنا ما يدور حولنا من ضغوطات وتعسّف وإرهاب، لكن تخوننا الشجاعة أحياناً بمواجهة المقصّر، فالمدرب عبدالغني شهد مثلاً كان شجاعاً وجريئاً، وإن أغلب ما صرّح به للإعلام هو واقع وحقيقة وحالة ثابتة لا تقبل الشك والتأويل في العمل مع منتخباتنا الوطنية، هناك أمور تحدث مع منتخباتنا الوطنية ولجميع الأعمار أسوأ ممّا عبّر به المدرب عبد الغني شهد، وخاصة في النواحي الأخلاقية والانسانية وكثير من الأمور قد تبقى مخفية وربما سيأتي اليوم الذي يُفصَح عنها وعن أبطالها!!
الفساد والفوضى والفضائح والمؤامرات والخلافات والمجاملات تفتك بالكرة العراقية ، والحمل ثقيل على أهل الرياضة الحقيقيين، ونصيحتي لهم عدم الخضوع للإذلال لأي جهة أو منظومة أو جماعة، ويجب أن يكونوا شجعاناً بقول كلمة الحق وعدم السكوت عن الخطأ، ويحافظوا على المبادئ والأسس التي بنيت وتأسست عليها الرياضة بجميع أنحاء العالم، نعم رياضتنا بحاجة للتغيير الجذري وقلب الطاولة على المقصّرين الذين أوصلوها إلى حافة الهاوية!
اترك تعليقك