بعبارة أخرى: الرياضة ..نبض الوطن

علي رياح 2019/11/04 06:44:15 م

بعبارة أخرى: الرياضة ..نبض الوطن

 علي رياح

أصبحت ساحة التحرير الميدان الفسيح الذي يسع آمال الملايين ، والصوت الذي ينطلق منها أعلى نبرة ، وأشد مضاء ، وأكثر وجوباً من أي صوت حياتي آخر،

فالأصل والمبتدأ هنا حيث يتشكّل مستقبل الوطن بهمة وعزيمة وإباء شبابنا المتألق وإصراره على أن يوقف نزف الطاقات والقدرات والكفاءات ويضع منهج عمل لغدٍ ينشد فيه حياة حرة كريمة لكل عراقي..

الملاعب الكروية عندنا وهي التي كانت تضجّ بالألوف التي تناصر فرقها ، أقفلت باب المنافسة على الهدف والنقطة والفوز ، ونقلت الأنظار والصيحات إلى (مدرجات) أعمّ وأشمل .. مدرجات صار يتخذها العراقيون منطلقاً للتعبير عن غد سيحمل حتماً كل خير إليهم..

وانتقالة الهمّ والاهتمام إلى (التحرير) ، لم تُسدِل الستار على المشهد الرياضي ، بل نقلت إلينا صورة إنسانية شعبية غاية في الروعة شكلها حضور أهل الرياضة بمختلف مشاربهم وعناوينهم .. لقد أضافوا إلى (قـلـب) بغداد وهجاً آخر دلّل على أن الرياضي هو ابن بار للمجتمع يعيش معاناته ، ويشاركه الأمل ، ويرفع معه الصوت طلباً للخروج من هذا الخانق المُـزري الكئيب الذي نعيش فيه جميعاً..

هذه صورة ستدخل التاريخ من الباب الواسع ، في دلالة أخرى على أن الرياضة ليست فقط منافسة للحصول على الكؤوس وإحراز الأوسمة ، وإنما هي في الأصل واجهة تحثّ على الانتصار للوطن في كل محفل ، ولا سيما عندما تدلهمّ الخطوب ويصبح الانتصار للوطن هدفاً وغاية وانتماءً ما بعده انتماء..

رأيت صوراً شتى في ساحة التحرير ونقاط مضيئة أخرى في بغداد ، وأشهد أن الحضور الرياضي يضفي عليها ألقاً استثنائياً .. لكني لم أجد بالتوازي مع هذا أي جهد حقيقي وواضح من السلطة التنفيذية المشرفة على الرياضة في البلد ، للخروج من الأزمات المزمنة أو المفتعلة التي تعاني منها الرياضة وهي بمجملها تشكل جانباً من المعاناة التي يعيشها قطاع واسع من العراقيين..

سمعت مثلاً بقرار التغيير في واجهة لجنة القرار (140) وسط تدفق الوعود من كل الاتجاهات ، لكني لم ألمس أية خطوة لحلحلة هذا الاشتباك في الأدوار والذي تأسّس لدينا على تقاطع المصالح خلال السنوات الأخيرة .. وكل الذي يتناهى إلى الأسماع مجرد وعود بالانتقال من واقع إلى آخر .. بينما لم تتحرّك اللجنة منذ تأسيسها على نحو يشعرنا بأن إجراءات عاجلة أو فورية سيتم اتخاذها للخروج ممّا كنا نراه واقعاً مزرياً للرياضة العراقية واستشراء الفساد في كثير من مفاصلها.

لقد تحوّلت الوعود بإصلاح واقع رياضي متهالك خلال الأشهر الأخيرة إلى أسلحة بيد من يملك القرار أو السلطة كي يُصفـّي حساباته ، واستطيع القول إن الأمر تدنـّى إلى مستوى كانت فيه الشخصية الرياضية تستهدف الشخصية الأخرى بعينها ، فتدفع الرياضة الثمن .. هكذا ضاقت النظرة لدينا ولم نعد نميّز بين مقتضيات المصلحة العامة ودوافع العداء الشخصي الذي يلوِّح دوماً بالثأر والتسقيط!

هذه اللحظة الفاصلة المفصلية من تاريخ العراق تستوجب استعادة وجه الرياضة الحقيقي بخطوات مسؤولة وملموسة .. لقد رأينا كيف حرص وزير الشباب والرياضة وبمجرد أن انطلقت التظاهرات على إعلان ما أسماه خطوة إصلاحية فورية .. لكننا ، وفي مثل كل مرة ، لا نجد أثراً للخطوات على أرض الواقع .. خطوات تطلق العنان لمنافساتنا المحلية ومشاركاتنا الخارجية دونما تقييد متعمّد ، وكذلك دونما إفساح للمجال أمام نوبة أخرى من الفساد والمفسدين تحت ذرائع شتى!

والفرصة ما زالت قائمة لكي تثبت الرياضة أنها في قلب الحدث الذي ينطلق إشعاعه من ساحة التحرير وكل زاوية مضيئة في العراق ، وأنها نبض الوطن والمواطن ولا تقلّ أثراً عن الفعل الجماهيري أو السياسي ، وإلا فإن الحساب – في الرياضة – سيكون هو الآخر عسيراً حين يأتي الأوان!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top