ترجمة : عدوية الهلالي
عن الطبعة الثانية لروايته الأولى (بين الذئاب وقطاع الطرق ) الصادرة عن دار نشر بوشيه كاسل ، استحق الكاتب اتيكوس ليش الجائزة الكبرى للأدب الأميركي لعام 2016 ..
وتنافست رواية ليش المولود في نيويورك عام 1972 مع روايتين امتازتا ببراعة كتابتهما هما (العزاءات الصغيرة ) للكاتب ايدي جويس الصادرة عن منشورات ريفاج ، ورواية ( رسوم ليلية ) للكاتبة مولي برينيتس الصادرة عن منشورات كالمان ليفي ، أما رواية (بين الذئاب وقطاع الطرق ) فقد يوحي عنوانها بالغرابة ، لكنها ليست غريبة بقدر ماهي قصة مفجعة من الحب والعنف عن قدامى المحاربين في الحرب في العراق وعن مسلمين صينيين غير قانونيين في نيويورك من البؤساء والمهمشين ...
ورغم أن اتيكوس ليش هو ابن الاسطورة غوردون ليش الذي اشتهر بتحرير قصص مؤلفين كبار من أمثال كارفر وريتشارد فورد وباري هانا ، إلا أن انهما كانا على خلاف لوقت طويل مادفع اتيكوس الابن الى أن يتدبر أمره دون مساعدة من والده ..قبل أن يمضي سنوات من عمره في كتابة روايته ، مارس عدة مهن صغيرة وانخرط في البحرية كما قام بتدريس اللغة الانكليزية في الصين ...
وحين أتم روايته الأولى قام بنشرها لدى ناشر أميركي صغير في منشورات ( تايران بوكس) ، وفي عام 2015 ، خطفت هذه الرواية المذهلة جائزة فولكنر التي تندرج ضمن جوائز النخبة الادبية في الولايات المتحدة ، وكان من بين الذين فازوا بها دون دوليلو ، فيليب روث ، وجون إبدايك ..
لقد قاومت هذه الرواية العديد من الآراء لتتصدر الروايات وتحصل على الجائزة الاولى اذ اعتبرها البعض ريبورتاجاً ادبياً نظرا لما حفلت به من عمل ميداني لكن قوة النص وتماسكه تأسر القارئ قبل لجنة التحكيم ومن بداية الرواية حتى نهايتها ..
تجري أحداث الرواية في أميركا الآمنة مابعد احداث الحادي عشر من ايلول ، حيث تمكنت زولي ، الشابة الغريبة المشكوك بها من دخول اميركا بشكل غير قانوني ..و(زولي ) هي فتاة صينية من أصل اويغوري – وهو شعب مسلم وسنّي وناطق باللغة التركية -..وهي ابنة لرجل عسكري وتمتك هيئة ممتازة وشخصية قوية فهي شجاعة وعاملة دؤوبة ولبقة وحسنة التدبير ، لكن لغتها الانكليزية ضعيفة وحين بحثت عن عمل بين الصينيين الموجودين في أميركا ، لم يفهموا لغتها وعاملوها باحتقار ..
هناك أيضاً الشاب الاميركي سكنر الذي مازال يحتفظ بقيافته العسكرية المضحكة رغم مغادرته الجيش ، فطريقة حلاقته لشعره المشذب بعناية وحمله حقيبة الجيش باستمرار جعلاه شخصاً لايمكن الوثوق به أو يجب الحذر منه في أحسن الأحوال ...كان سكنر قد خرج مدمراً من ثلاث جولات خاضها مع رفيق له في العراق وارتكبا فيها أعمالاً وحشية ، وكانت أميركا قد شكرته على جهوده في الحرب ، وبعد إصابته وإجرائه عملية جراحية فاشلة ، انتهت مهمته في العراق وعاد الى بلده أميركا حاملاً حقيبته على ظهره ، برأس متخم بكل ماهو مؤلم ..ففي كل ليلة كان يتمزق ألماً بسبب أحلام الحرب وماكان يرتكبه من انتهاكات ، وتصم أذنيه صيحات رفاقه المشوهين بفعل إصابات الحرب ..
حين تتقاطع طرق زولي وسكنر ويلتقيان مصادفة ، تتحكم الغريزة بالكائنين المتعبين وتتوحد عزلتهما وميلهما للجهد البدني والقوة العضلية وتقرب مخاوفهما بينهما أيضاً ، فهي تخشى أن تقوم الشرطة بتوقيفها ثم ترسل الى السجن وبعدها تعاد الى الصين ، أما سكنر فيخشى أن يصيبه الجنون أو الاستسلام للموت ..
قبل أن يكتب روايته ، تسكع اتيكوس ليش كثيراً في إحياء نيويورك المخيفة في كونيز وبرونكس والحي الصيني ، وطاف بين الباعة والتجار والمهربين من كل جنس والعمال من كل الجنسيات ..واستخدم كل ذلك في روايته لتظهر الحوارات بين زولي وسكنر مؤثرة وصادمة ، أما لغة الرواية فهي مكثفة وجميلة لكنها عنيفة في الوقت ذاته ..لقد بدا الثنائي وكأنهما وحيدان في جزيرة وسط المحيط ولايمكنهما الخلاص منها ..أما الأفق بالنسبة لهما فقد بدا لانهائياً وهما يقفان على حدوده !!!
اترك تعليقك