مجازر أبو صيدا وراءها 7 مليارات دينار من إيرادات المنافذ وتهريب المخدرات

مجازر أبو صيدا وراءها 7 مليارات دينار من إيرادات المنافذ وتهريب المخدرات

 بغداد/ وائل نعمة

تغطي الطائفية والعشائرية في مناطق شرقي ديالى على صراع سري يجري هناك منذ سنوات من اجل السيطرة على مليارات الدنانير التي تأتي من احد المنافذ القريبة، كالذي حدث قبل يومين في ناحية ابي صيدا والذي تطلب تدخل قيادة الاركان العسكرية لحله.

الجزء الاكبر من اموال المنفذ المشترك مع ايران، بحسب مسؤولين، يذهب الى جهات مسلحة وعصابات، والتي عادة ما تختلف فيما بينها على الغنائم فيبدأ القتال الذي يستمر لايام بأسلحة كالتي تمتلكها الجيوش.

ولحماية تلك التجارة غير الشرعية عبر الحدود، ومن ضمنها المخدرات، تطلب الامر اغراء عشائر واستخدام المسميات الطائفية، وظهرت الحاجة في ذلك الصراع الى التنافس على المناصب الادارية، كما لا يستبعد تورط قيادات امنية في تلك الحروب.

نهاية الاسبوع الماضي، وصل عثمان الغانمي، رئيس اركان الجيش مع وفد رفيع المستوى من وزارة الدفاع الى "ابي صيدا"، شرقي ديالى، للتعرف على تفاصيل آخر حلقة من حلقات الصراع المسلح في الناحية.

وكانت اكثر من 20 قذيفة سقطت على المناطق السكنية في الناحية كما اسفر الاشتباك عن مقتل وجرح عدد من الاهالي، دون توفر احصائيات دقيقة.

وقال مسؤول امني في الناحية لـ(المدى) ان "الاشتباك الاخير بين عشيرتين (تحفظ على ذكر اسميهما) استخدمت فيه ترسانة عسكرية من صواريخ وقذائف، بالاضافة الى الاسلحة الخفيفة"، موضحا ان "احد القادة الكبار في ديالى ظل ساعات في انتظار امر التدخل لفض الاشتباك، لكن الامر لم يأتِ بسبب الانتماء السياسي لاحد اطراف النزاع".

ويؤكد المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، ان الصراع تديره في الخفاء "مليشيات تساندها احزاب سياسية" تتنافس على ايرادات المنفذ الحدودي وعمليات "تهريب المواد المختلفة ومن ضمنها المخدرات"، والتي تقع الناحية على احد اهم ممراته.

وكانت بغداد قد اغلقت منفذ مندلي مع ايران اكثر من مرة، آخرها كان في آب الماضي، بسبب سيطرة "فادسين وعصابات".

واكد فرات التميمي، وهو نائب عن تيار الحكمة في ديالى، اثناء اغلاق المنفذ، بانه "يؤيد قرار إغلاق المعبر"، بسبب ماقاله "سيطرة جهات متنفذة عليه وعدم إيجاد حلول له من قبل الحكومة".

واضاف التميمي في بيان آنذاك، أن "90% من إيرادات المنفذ كانت تذهب الى المهربين والمتنفذين والعصابات".

وبحسب هيئة المنافذ الحدودية، فان منفذ مندلي حقق المركز الثالث في عام 2018 بحجم الايرادات بعد منفذي سفوان وزرباطية، بـ7 مليارات دينار.

انتشار مسلحين

حادث ابو صيدا الاخير، هو الثالث خلال هذا العام فقط الذي سجلت فيه عمليات قتل ضد مدنيين ومسؤولين.

في حزيران الماضي، هددت قوى سنية متحالفة مع "الفتح" ضمن كتلة البناء، بالانسحاب من التحالف على اثر مقتل 3 مدنيين من قبل جهات مجهولة في قرية ابو الخنازيز التابعة لابي صيدا.

وقالت النائبة ناهدة الدايني عن كتلة المحور حينها إن "جريمة قتل 3 مدنيين في وضح النهار على مقربة من السيطرات الأمنية، ستدفع لنزوح جماعي من القرية وقرى أخرى."

وأضافت في بيان أن ديالى في خطر و"حان الوقت لقرارات جريئة من القائد العام للقوات المسلحة لتغيير القيادات والتشكيلات الماسكة للقواطع الساخنة بسبب تكرار الخروقات".

وكان تصريح الدايني قد لحق تسجيل حادث قام به مسلحون يرتدون "الزي العسكري"، ويستقلون سيارات رباعية الدفع ومظلّلة دخلوا الى سوق قرية أبو الخنازير، واطلقوا النار على "ثلاثة أشخاص داخل أحد المحال التجارية".

وقتلت المجموعة المسلحة، بحسب مصدر امني تحدث آنذاك لـ(المدى) ، رجلاً في الـ60 من عمره ونجله وحفيده بعدد من الرصاصات في منطقة الصدر ما تسبب بوفاتهم على الفور.

ووفق ما قاله المصدر فإن الجناة مروا اثناء دخولهم القرية عبر السيطرة الأمنية القريبة من مكان الحادث، وخرجوا من الطريق نفسه دون أن يعترضهم أحد.

السلاح المنفلت

ويقول رعد الدهلكي وهو نائب عن ديالى لـ(المدى) ان "السلاح المنفلت منتشر في الناحية وبغداد لا تستمع الى التحذيرات الكثيرة التي اطلقناها عن خطورة الاوضاع هناك".

ويؤكد النائب ان تلك الاحداث تدفع دائما الى "نزوح مستمر" للاهالي خوفا من ازدياد الاشتباكات، موضحا ان الصراع وراءه "خلافات عشائرية وتنافس على المناصب وايرادات المنفذ الحدودي".

وكانت ابو صيدا قد شهدت بالتزامن مع انطلاق الاحتجاجات في بغداد مطلع تشرين الاول الماضي، مقتل 5 أشخاص بينهم ثلاثة مسؤولين حكوميين بهجمات مسلحة في الناحية.

وفتح حينها مسلحون مجهولون النار على سيارة تقل سعد صريوي رئيس مجلس ناحية أبو صيدا ونجله وأحد أقربائه، ما أسفر عن مقتلهم في الحال.

بالمقابل كانت مجموعة مسلحة أخرى قد هاجمت مدير ناحية أبي صيدا حارث الربيعي ما أدى إلى مقتله في الحال.

وفي هجوم ثالث في التوقيت نفسه قتل مدير الجنسية في الناحية ذاتها العميد محمد الحميري عندما فتح مسلحون نيران أسلحتهم تجاهه.

وتشهد محافظة ديالى أعمال عنف متواصلة، وتقول قيادات أمنية إن أغلبها ينفذها عناصر من تنظيم داعش.

وكانت القوات الامنية قد شنت في شباط الماضي، حملة كبيرة قالت إنها تهدف للسيطرة على منطقة "المخيسية" التابعة لابي صيدا بعد ان شهدت المنطقة سقوط 100 قذيفة هاون منذ عام 2009، لكن رغم ذلك لم تتوقف الحوادث المسلحة هناك.

ويقول رعد الدهلكي ان "ملف امن ديالى ليس على طاولة حكومة بغداد"، موضحا ان "بعض القيادات الامنية في المحافظة خلقت علاقات وتجامل بعض الاطراف على حساب الامن".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top