ترجمة / حامد أحمد
في استجابة على ما يبدو لمطالب المحتجين باعطاء المواطنين صوتا اكبر، اقدم البرلمان على خطوة جيدة في وعده بتعديل قانون الانتخابات عبر تغييرات كاسحة تنظم عملية انتخاب النواب .
القانون استبعد التصويت على قوائم مرشحي كتلة حزبية واستبدلها بالتصويت على مرشحين كأفراد والذي من شأنه ان يقلل من نفوذ الاحزاب السياسية التي يعتبرها المحتجون فاسدة . ولكن خلال ساعات من تمريره بدأت الانتقادات تنهال من خبراء قانونيين ومثقفين والشارع العراقي، مشيرين الى ان القانون قد لا ينفذ كما روج له . عند منتصف الليل كانت هناك لافتة ترفرف في ساحة التحرير وقد كتبت عليها عبارة: "لا تدعوهم يخدعوكم، قانون الانتخاب لا يمثلنا."
من جانب آخر دافع مشرعون عن القانون الجديد، مصرين على انهم كانوا يعملون على تلبية ارادة المحتجين .
وجيه عباس، عضو برلمان من كتلة صادقون قال "الكتل السياسية اصغت لمطالب المتظاهرين ونفذت انقلابا سلميا على انفسها بتمرير قانون الانتخاب ."
رجل الدين مقتدى الصدر، الذي تعتبر كتلته السياسية من بين اكبر الكتل في العراق، عبر في تغريدة له على تويتر عن دعمه للقانون حيث وصفه على انه "خطوة اولى على طريق الاصلاحات ."
عشرات الآلاف من اتباعه كانوا في الشوارع على مدى أشهر وهم يدفعون نحو كثير من التغييرات تضمنها محتوى القانون الجديد. ولكن ظهرت ايضا شكوك حول كيفية ادخال هذا القانون لحيز التنفيذ. عباس كاظم، مدير المبادرة العراقية للمجلس الاطلسي وخبير في الشأن السياسي العراقي، قال ان هذا الاجراء خلق شيئا "مشابها لنظام الكونغرس، ولكن نظام العراق نظام برلماني ." واضاف بقوله "الوضع كما لو عندك سيارة فولكس واغن قديمة وقررت ان تبدل محركها وجلبت أفضل محرك، محرك سيارة فيراري، ولكن الاثنان لا يعملان مع بعض ." القانون الجديد سيقسم العراق الى مناطق، مع اختيار نائب عن كل منطقة. من غير الواضح كم سيكون عدد الناس في كل منطقة، ولم يجر اي احصاء سكاني منذ عقدين تقريبا، ولهذا ليس هناك من يعرف حقيقة كم يبلغ تعداد من يعيشون في كل منطقة محددة . المشكلة الاكبر قد تكون انه حال دخول النواب الى البرلمان فانه عليهم، وفقا للدستور العراقي، ان يشكلوا احزابا سياسية لكي يختاروا رئيسا للوزراء .
ويقول الخبير كاظم، ان ما قد يحصل ببساطة هو ان الاحزاب سترسل ممثلين عنها ليدخلوا الانتخابات كأفراد في مناطق حول العراق منفقين بذلك اموالا ووسائل دعم مطلوبة اخرى لحملتهم. الكتل البرلمانية ببساطة ستعيد تكتلها من جديد حال انتهاء الانتخابات.
ويضيف كاظم بقوله "عندها ستعود الامور الى ما هو عليه الوضع الراهن."
الوضع الراهن في الواقع، هو ما دفع المتظاهرين للنزول الى الشوارع في تشرين الاول عندما تجمعوا في بادئ الامر للاحتجاج على قلة فرص العمل والخدمات وفشل البرلمان بالاستجابة لمواطنين عراقيين . بعد ان فتحت الحكومة النار على متظاهرين وقتلت اكثر من 100 شخص خلال الخمسة ايام الاولى من الاحتجاجات، تزايد عدد المحتجين في الشوارع الى اضعاف مضاعفة وبدأوا المطالبة بتغييرات بعيدة المنال تصل الى اسقاط النظام والتخلص من الاحزاب السياسية التي يراها كثير منهم على انها سبب الفساد الحكومي .
كثير من تلك الاحزاب مقربة ايضا من ايران أو تحابيها لغرض الدعم. وبالنسبة للمحتجين فان تحجيم نفوذ ايران واقامة انتخابات مبكرة قد اصبح هتافا ينادون به في تجمعاتهم. على مدى ثلاثة اشهر من الاحتجاجات قتل ما يزيد على 500 شخص مع جرح 23,000 آخرين . كما قالت فيان صبري عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني إن "المادة 15 في شكلها الحالي الذي صوت عليه المجلس، ونظام الأقضية قد تكون فيه بعض الإيجابيات، ومنها القرب للناخب والتمثيل المناطقي بالدوائر الأصغر على أساس القضاء، ولكن هذا النظام يحتوي على تعقيدات كبيرة وخاصة في موضوع تحديد الدوائر الانتخابية للأقضية التي لا يصل تعدادها إلى 100 ألف نسمة، ودمج الأقضية مع بعضها، والسجل الانتخابي الذي هو بالأصل على أساس المحافظة".
وأضافت صبري أن "تطبيق تلك المادة يحتاج إلى تحديث سجلات المواطنين على أساس الأقضية وهذا الأمر يحتاج إلى مفوضية انتخابية متمرسة، وقد صوت البرلمان على المفوضية الجديدة، وأيضا موضوع كوتا المرأة والمعقد تخريجه في ظل الدوائر المتعددة، وأيضا موضوع النازحين سيكون فيه تعقيد كبير، علاوة على أن دمج الأقضية في المناطق المتنازع عليها ستواجهه تعقيدات كبيرة، لأن أي نظام انتخابي يجب أن يكون متوافقا مع إرادة الناخبين والبيئة السياسية والواقع الاجتماعي والوعي الانتخابي، ويؤسس لتمثيل كل الأطياف السياسية في البلاد".
وأشارت عضو النواب إلى أن "هذا القانون سيؤسس لتعميق وسلطة بعض الأحزاب الكبرى على الأحزاب الصغيرة، لكنه لا يشكل خطورة على وحدة البلاد فمهما كان النظام أو الدائرة الانتخابية، فالذي سيأتي سيمثل العراق ككل ولن يمثل التقسيمات الطائفية أو المناطقية وغيرها من التقسيمات الطبقية".
وعبرت صبري عن مخاوفها من أن تلك المادة ستؤجل عملية إجراء انتخابات مبكرة، لأنها تتطلب الكثير من الإجراءات على الأرض مثل التقسيمات الإدارية للأقضية وسجلات المواطنين ودوائرهم.
عن: نيويورك تايمز
اترك تعليقك