بغداد/ المدى
ما إن صوت مجلس النواب على قانون الانتخابات الجديد حتى بدأت الاعتراضات من الشارع ومن بعض القوى السياسية على بعض بنود القانون وخاصة فيما يتعلق بالمادة 15 التي تتحدث عن الدوائر الانتخابية.
وشكك محتجون في طريقة احتساب الفائز، متخوفين من تغلغل رجال الاحزاب الى مقاعد البرلمان، كما تحدثت مصادر برلمانية عن وجود "نوايا مبيتة" بخصوص آلية الانتخابات، بالاضافة الى عدم تقليص اعداد اعضاء مجلس النواب.
وشرع البرلمان مساء اول امس، قانون الانتخابات رقم 9 منذ عام 2006، لسبع تجارب انتخابية (محلية وتشريعية) حيث شرع 5 وعدل 4 أخريات.
ولاول مرة يقرر البرلمان اعتماد الدوائر المتعددة والانتخابات الفردية، بعد قوانين بدأت بالقوائم المغلقة ثم المفتوحة مروا بـ"سانت ليغو" وتعديلاته التي جرت على اساسها الانتخابات التشريعية الاخيرة في 2018.
مرشحو العشائر
ويقول كاظم السهلاني، ناشط واكاديمي لـ(المدى) ان "التشريع فيه هدر للاصوات من خلال عدم الاعتماد على ان يكون الفائز قد حصل على نصف زائداً واحد من ناخبي دائرته".
وينص القانون على جولة واحدة لاحتساب الفائز الذي يحصل على اعلى الاصوات، دون تحديد نسبة معينة.
ويلمح ناشطون الى ان تلك الفقرة ستمنح الاحزاب وزعماء العشائر فرصة لتمرير مرشحهم من خلال تشتيت اصوات المستقلين.
بدوره يعتبر حسين العقابي، عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب لـ(المدى) انه "لا يمكن اجراء اكثر من جولة لضمان تلك النسبة (50+1) بسبب اوضاع البلد غير المستقرة".
ويضيف العقابي: "نحتاج الى ان نعيد الانتخاب في كل دائرة بعد اسبوع وهو امر لا يمكن ضمان حصوله في العراق بسبب الحاجة الى اموال اضافية وموظفين وقوات امنية".
بالمقابل حذر الخبير القانوني طارق حرب، النواب من عدم قدرتهم للوصول مرة اخرى الى قبة البرلمان بعد تشريع القانون الاخير.
وقال حرب في بيان امس مخاطبا النواب "جميعكم لن تصلوا البرلمان طبقاً للقانون الجديد، هذا ما يمكن قوله لكم اذ ان أغلبكم أو جميعكم لن يفوز بالانتخابات لأنكم وطنيون جغرافياً ولستم وطنيو مناطق صغيرة".
واضاف ان "ترشيح أي واحد منكم على المحافظة كدائرة انتخابية ممكن فوزكم ولكن ترشيحكم على المائة ألف فأنه حتماً لن يفوز فالواحد منكم معروف في المحافظة كدائرة ولكنه ليس معروفاً في دائرته المشكلة من مائة الف نسمة".
واكد حرب، ان "هكذا تقسيم للعراق، فكل نائب يطالب بدائرته المكونة من مائة الف نسمة فقط، ولكم ان تتصوروا نواب بغداد وعددهم 69 نائبا كل منهم ينادي ويطالب لمنطقته المكونة من مائة الف وهكذا يضيع العراق وتضيع بغداد وتضيع مدينة الصدر امام مطالبات نواب كل منهم يطالب بأمور دائرته المكونة من مائة الف نسمة ناسياً القضاء والمحافظة والعراق".
وقسم القانون الجديد المحافظات إلى دوائر انتخابية على أساس الأقضية، ولكل 100 الف نسمة مقعد برلماني، وفي حال قل عدد سكان القضاء عن 100 الف يدمج مع قضاء مجاور لتلافي تلك المشكلة.
تقسيم الدوائر
وفق ذلك التقسيم استبعد النائب عن محافظة نينوى أحمد الجربا، إجراء انتخابات مبكرة. وقال الجربا خلال مؤتمر صحفي عقب تمرير القانون ان "الحديث عن اجراء الانتخابات المبكرة اصبح أكذوبة سياسية ابتدعها البعض لتقسيم العراق".
كما حذر بالقول إن "المادة ١٥ من قانون الانتخابات دقت اسفين تقسيم العراق".
واضاف الجربا ان "هناك مشاكل ادارية كبيرة بين الاقضية والنواحي، ولذلك التصويت على المادة ١٥ من قانون الانتخابات سيذهب بالبلاد إلى المجهول ونحو التقسيم"، مؤكدا ان "ذلك يعني عدم اجراء انتخابات مبكرة تحت أي ظرف".
لكن عادل اللامي، وهو خبير في شؤون الانتخابات اكد انه لا توجد اي مشاكل في تقسيم الدوائر الانتخابية على الاقضية حتى وان دمج قضاء مع قضاء آخر تابع لمحافظة مجاورة لانها "انتخابات على مستوى البرلمان الاتحادي وليس المحافظات".
وقال اللامي انه "حسب وزارة التخطيط لدينا 146 قضاء رسميا، بالاضافة الى 40 أخرى لم يبت فيها رسميا".
ولا تحتاج الانتخابات القادمة الى اجراء تعداد للسكان. ويقول النائب حسين العقابي: "يمكن الاعتماد على السجل القديم (البطاقة التموينية)، لكن اذا تم التعداد فذلك افضل بالتأكيد".
ومن المفترض ان يجري التعداد الجديد في العام المقبل 2020. ويرجع تاريخ آخر تعداد سكاني في العراق إلى 21 سنة. بالمقابل وعلى الرغم من اعتباره القانون نصرا ثالثا للمحتجين بعد استقالة حكومة عبد المهدي وتشريع قانون المفوضية، الا ان قانون الانتخابات لم يتطرق ــ بحسب انتقادات ناشطين ــ الى كشف الذمم المالية للأحزاب، ولم يشر الى الاحزاب التي تمتلك اجنحة مسلحة.
كما شكك ناشطون في الاصرار على استخدام البطاقة الالكترونية بدلا من "البايومترية" وهي اكثر دقة.
وقال عضو اللجنة القانونية حسين العقابي إن "البايومترية حصر استخدامها في التصويت الخاص، والنازحين، وتصويت الخارج"، مبينا ان "بعض الاطراف اعتبرت اعتماد البايومترية سيواجه مشاكل فنية ويحتاج وقتا اطول".
بالمقابل قال نائب طلب عدم نشر اسمه لـ(المدى) ان "اغراضا اخرى قد تكون وراء اصرار بعض القوى السياسية على استخدام البطاقة الالكترونية"، مرجحا ان يكون بين تلك الاغراض هو "التزوير".
اترك تعليقك