عبدالصمد أسد : أدعو وزير الدفاع للتحقيق في تقهقر نادي الجيش
مفوّض في المطار أنقذني من مكيدة السلطة .. وجريدة بريطانية كشفت تعذيب الرياضيين
بغداد / إياد الصالحي
أكد مدير ألعاب الجيش ورئيس الهيئة المؤقتة لإدارة نادي الجيش الأسبق عبدالصمد أسد أن واقع حال النادي لا يسرّ أحداً بعد إبتعاده عن دوري الأضواء وانحسار انشطته في عدد محدود من الألعاب برغم الميزانية الكبيرة التي تخصّصها وزارة الدفاع له ، مطالباً بإعادة النظر في السياسة الإدارية للنادي والوقوف على الأسباب الحقيقية التي غيّبت كرة الجيش للتنافس في الدرجة الممتازة.
وقال أسد في حديث موسّع مع (المدى): إن قضية نادي الجيش ظلّت تشكل هاجساَ كبيراً لدى جميع الرياضيين ولستُ وحدي فقط ، كونه خرّج العديد من الرياضيين لمختلف الألعاب في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، وكان ندّاً شرساً لجميع فرق الدوري الممتاز ، وأنتزع لقب بطل الدوري موسم 1984-1983 وبطل الكأس موسمي 1980-1979 و1983-1982 ، وعشرات نجوم الكرة العراقية يدينون له بالفضل لما وصلوا إليه وما أنجزوه للمنتخبات الوطنية والأولمبية والعسكرية من نتائج مبهرة".
وأضاف "شخصياً كنت أحد المساهمين في العمل الإداري لمؤسسة الجيش الرياضية ممثلة بـ(مديرية ألعاب الجيش) ، فبعد وصول الساسة المعارضين الى العاصمة بغداد تم تشكيل مجلس الحكم يوم 13 تموز 2003 بقرار من الحاكم الأميركي بول بريمر ، ووزّعت المناصب حسب الاختصاص ، اتصل بي صديقي الاستاذ حازم الشعلان وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة ، وقال أصدرت لك أمراً بتعيينك مديراً لألعاب الجيش ، فقلت له لكنك لم تأخذ برأيي ، فعلّل الاختيار لرغبته بإعادة الدائرة هذه بعد إلغائها من قبل بريمر ، فاشترطتُ عليه أن أعمل مدنياً من دون منصب ولا رتبة ، ولا أحد يتدخّل في عملي لأني أنبذ المحسوبية والمنسوبية وهدفي إعادة الكرامة للرياضي ، وبعد موافقته على شروطي تعرّضت الى هجمة شرسة في الإعلام من قبل الرياضيين سامي الشيخلي وحسن فرحان دون وجه حق ، وتمكّنت من دحض أقاويلهم الساعية لإحباط مشروعي والطامعة بالاستحواذ على الموقع".
صراع خفي
ويضيف أسد:"في وقتها اتضح لي أن هناك صراعاً خفيّاً بين وريا الصالحي وسامي الشيخلي ، كلاهما شكّل هيئة إدارية لنادي الجيش ، وكلفت الأخ محمد طبرة أن ينسّق بينهما لوأد الخلاف وتوحيد الهيئة ، وكتبت طلباً الى وزير الدفاع بربط نادي الجيش بالوزارة لاستحصال الدعم المادي له ، لم تفلح محاولات طبرة وظلّت المشاحنات مستمرة بينهما بعيداً عن مصلحة النادي الذي كان بحاجة الى تمويل يُدعم انشطته ، فأقترحت على الوزير الشعلان أن يستقطع من كل جندي 500 دينار وكل ضابط 1000 دينار لدعم موارد النادي فعدّل الوزير المبلغ 1000 دينار من المنتسب و2500 دينار من الضابط ، وللأسف حتى هذه المبالغ حامت حولها شبهات الفساد ولم توظّف لخدمة فرق النادي في تلك الفترة".
قصص مؤلمة
أشار الى أنه :"قبل مغادرة العمل في مؤسسة الجيش الرياضية التي لم تتجاوز السنة الواحدة (2005-2006) رفضت أن يجري التعاقد مع لاعبي فريق الجيش دون وجودي ، وحدث ذلك قبل أن يتسنّم تدريبه الراحل سعدي يونس ، فقد وصلتني معلومات تفيد بأن بعض المتنفذين في ملاك نادي الجيش يجبرون بكل دناءة اللاعبين على منحهم جزء من مبلغ التعاقد ما بعد التوقيع ، وفي ضوء ذلك كلّفت المسؤول المالي للنادي أن يسلّم الراتب بيد اللاعب نفسه وليس من ينيب عنه ، وهي واحدة من قصص مؤلمة دفعتني لمغادرة العراق ثانية وأسعى لتوثيق كل ما واجهته قبل وبعد عام 2003 في كتاب خاص يشتمل فصولاً مثيرة واعترافات ومواقف تكشف عن حقائق كثيرة من حق الناس الاطلاع عليها لا تسع صفحة المدى الغرّاء تناولها بإسهاب".
كرامة مستباحة
وأوضح :"إن مشكلات الرياضة العراقية لا تقتصر على نادي الجيش وحده الذي أدعو وزير الدفاع للتحقيق في تقهقره ، فهناك خلافات في كل مفاصل الرياضة ، وشخصياً أعزو الأمر الى اقحام السياسة في الرياضة من خلال الاحزاب وترشيح بعض الشخصيات التي لا تمتلك الكفاءة والخبرة والتاريخ الرياضي وهذا بحد ذاته تخريب واحتلال ينسف الميثاق الأولمبي ، وأتذكر في آذار عام 2004 رفعت تقريراً مفصّلاً الى الدكتور إياد علاوي بصفته عضو مجلس الحكم ، صارحته عن ضرورة تدخّل الدولة لوأد تكالب الرياضيين حول المناصب مع تذليل معاناة الرواد ممن خدموا العراق بعدما استباح صراع المصالح كرامتهم وأصبحوا في الدرجة الاخيرة من قوائم اهتمام المستحوذين على مواقع الرياضة ، وفي العام ذاته سعيتُ الى تأسيس صندوق دعم روّاد نادي الشرطة ، وعند عرض الموضوع على الدكتور إياد علاوي قال سأقدم 20 مليون دينار تبرّعاً من حسابي الخاص ، فشكرته ، وقلت مع نفسي لا بدّ من كتابة نظام داخلي يمهّد تأسيس نقابة للرياضيين تعنى بحقوقهم بعيداً عن مساعدات رجالات الدولة أياً كانت مواقعهم لتحفظ هيبة الرياضيين الرواد والشباب ، وباشرتُ بكتابة مسودة النظام لكنها لم تجد الاهتمام الكافي من المعنيين وقتها".
كتلة عبدكاظم
وعن اسباب عدم رغبته في الترشيح لاتحاد كرة القدم عام 2004 ، قال :"قبل تغيير النظام كنت قد أعددتُ ورقة تطوير الرياضة العراقية من 11 فقرة ، وتم اختياري مع الراحل عبد كاظم وعصام الديوان للعمل بصفة مستشار وزير الشباب والرياضة ، فأعتذرت وقلت لن أعمل تحت مظلّة أي حزب ، لديّ قناعاتي الخاصة بشأن أي مشروع يقدّم لي ، مثلما فاتحني عبد كاظم بعد وصوله العاصمة بغداد بتشكيل كتلة منافسة قبيل إقامة انتخابات اتحاد كرة القدم عام 2004 فقلت له يا أبا فراس لا يجوز الدخول في الانتخابات دون تقديم ورقة تبيّن برنامج الكتلة ، لن أشارك في أي عمل بلا منهج مسبق ، فلسنا طلاب مواقع ، بل دعاة تغيير ، ثم قلت له بصراحة إذا لم يكن لديك ظهر قوي فالفشل مصيرك حتمياً ، وهو ما يحدث في واقع الرياضة على مدى 17 عاماً منذ التغيير وسيستمر".
عودة للماضي
وفتح أسد ملف الماضي لبيان أسباب هروبه من العراق أواخر عقد السبعينيات ، قائلاً :"كنت قد شاركت في جميع المناسبات الكروية منذ عام 1966 الى عام 1974 وتم إحالتي الى وظيفة في دائرة الدفاع المدني عام 1976 بمدينة الكوت حيث منع النظام السابق تعييني في المنطقتين الشمالية والوسطى من العراق ، وبعدها دخلت دورة خاصة للمدربين ونجحت فيها ، وعلى أثرها قدّمتُ طلباً لنقل خدماتي من ملاك وزارة الداخلية الى وزارة الشباب وتم رفضه ، ثم تشاجرت مع أحد الأشخاص ونقلوني الى دائرة في ديالى أواخر عام 1979، ولم تستقر احوالي حيث مَنعتُ أحد الأشخاص من دخول دائرتي وتوعّدني بإلحاق الضرر بي كونه يعمل في دائرة الأمن ، ووقتها رتّب أخي محمود موضوع تهريبي خارج العراق تحاشياً من مكيدة السلطة تلقي بي في غياهب المجهول! وفي يوم 25 كانون الثاني 1980 أتفق مع أحد المفوضين العاملين في مطار بغداد ختم جوازي ومسك يدي وقادني الى الطائرة المتجهة الى لندن ، ومن يومها لم أعد الى العراق إلا بعد 2003 ".
تعذيب الرياضيين
وعن أبرز الأنشطة التي مارسها في غربته ، قال :"خلال وجودي في بريطانيا واظبت على كتابة تقارير صحفية ضد سياسة النظام تجاه الرياضيين ، وفي أحد الأيام اتصل بي محرّر جريدة (ذا أوبزرفر) مستفسراً مني عن مدى صحة معاقبة الرياضيين العراقيين إذا ما أخفقوا في بطولة ما ، فقلت يشاع عن تعرّض الرياضي للعقوبة ، واستشهدتُ له في زمننا كنا نعاقب بحلق الشعر عند خسارة الفريق ، وبعد أن عملتُ بحثاً عن حقيقة ما تدّعيه الجريدة البريطانية اتضح لي صحّة ذلك ، فعاودت الاتصال بمحرّرها واقترحتُ عليه أن توفد إدارة الجريدة صحفيين الى بغداد للتحقّق من المعلومة ، وهذا ما ظهر لاحقاً حيث بثّت إحدى الوكالات العالمية تحقيقاً مصوّراً لبعض الرياضيين العراقيين وهم يدلون بشهادات عن تعذيبهم ، فيما خرج حسين سعيد مدير مكتب العلاقات الخارجية في اللجنة الأولمبية العراقية آنذاك بتصريح من مقر اللجنة ينفي تعذيب الرياضيين ، وكنّا نعذره لحراجة موقفه الذي يدفعه للتصريح بخلاف الحقيقة".
ورقة إصلاح الرياضة
وبشأن سرّ الخلاف الذي شهدته ورقة إنقاذ الرياضة العراقية قبل عام 2003 ، قال أسد :"تواصل عملي في مركز كربلاء للبحوث والدراسات بلندن أيام المعارضة ، وتلقيت اتصالاً من احمد السامرائي (الحجية) ذات يوم من نهاية عام 2002 ، وقال لي سأرسل لك بيان مشروع إنقاذ رياضة العراق كتبه الدكتور باسل عبدالمهدي ، قلت له أين هو الآن ، قال مقيم في ألمانيا ، فأطلعت على المسودّة وثبتتُ بعض الملاحظات عليها وأعدتها للحجية ، وبعد يوم واحد رنّ هاتفي من رقم مجهول ، وبلا مقدمات ، تساءل المتصل بنبرة حادة (أنا باسل عبدالمهدي تعرفني؟ على أي أساس تثبّت ملاحظاتك في المسودة؟) صراحة استغربت من طريقة كلامه ، فقلت بهدوء: دكتور أنا لم أقرأ بين السطور أي تشخيص لواقع الاتحادات ، ثم أنا اعتقدت أنها مسوّدة مشروع وليست صيغة رسمية متكاملة ، لذلك ثبتتُ ملاحظاتي قبل أن اشارك في التوقيع عليها وأنا ارفض تمريرها دون تحديد أسماء المشاركين في تدمير الرياضة أو من أساء اليها".
واستدرك :"استشعرتُ أن المسودّة فيها جرأة لإنشاء هيئات بديلة للمؤسسات تتعارض مع المواثيق الدولية ، فرفضتُ التوقيع عليها .. وقتها كنت أجهل دوافعه ، وبعد سنين طويلة أعتقدتُ أنه يحمل ضغينة في قلبه تجاهي ، لكن صراحة ظهر في أحد برامج قناة الرياضية مع الكابتن رعد حمودي وأشار الى اسمي لمساهمتي في مشروع تغيير واقع الرياضة معه ومع أحمد الحجية أيام المعارضة ، والحمد لله اتشرّف أكون أول رياضي معارض للنظام السابق ومدافع عن حقوق الرياضة طوال تغرّبي عن الوطن".
شرف الإعلامي
وأختتم عبد الصمد أسد حديثه عن دور الإعلام الرياضي في اصلاح الرياضة ، وقال :"يجب أن نقرّ جميعاً أن لا شخص يستحق تسليط الضوء عليه في الإعلام الرياضي سوى البطل ، فمثلما يعزف السلام الوطني تشريفاً لمناصب الملوك ورؤساء العالم فالرياضي يُرفع علم بلاده أمامه ويُعزف له النشيد الوطني احتفاء بمنجزه ، هذه أولويات يجب أن نكرّس جهودنا من أجلها ، وكذلك ثقافة الإعلام ركن اساس لتمرير أي قضية تخص رأي عام ، وشخصياً ، بالرغم من كوني مفصول سياسي عام 1964 ولم أكمل دراسة الثالث متوسط ، لكني ثقفتُ نفسي بالمطالعة والكتابة في الصحف والمجلات ، ولديّ مساهمات شعرية في مجلة (الموعد) وأثناء معارضتي للنظام في لندن اصدرت جريدة (نداء الكرد) على نفقتي الخاصة بالتعاون مع زوجتي ، فمن يؤمن بقضيته عليه أن يحرص على وصولها للناس بثقافة مقبولة ، وفي الوقت نفسه أرفض بشكل قاطع عملية شراء ذمم بعض الإعلاميين كما يجري الحديث في كواليس المهنة وأحياناً علانية في التلفاز ، فقيمة الإعلامي من شرف مهنيته".
اترك تعليقك