أسبريسو: تـؤمـر حجّـي!

علي وجيه 2020/02/04 09:54:23 م

أسبريسو: تـؤمـر حجّـي!

 علي وجيه

كان الأمرُ بسيطاً للغاية، وموجزاً، وسهلاً: مجموعة صحفيين لديهم إشكالاتٌ مع السياسة الخارجية الإيرانية في العراق، فتلقّفهم الإعلام الشيعي المموّل من "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية"، وألبسهم القميص المفضّل: أبناء السفارات.

ورغم أنّ هؤلاء لم يهدوا سيف الإمام علي (عليه السلام) لبريمر، ولا حيّوا قتلى الجيش الأمريكي في العراق أمام بوش الإبن، ولم يجتمعوا مع السفير الأمريكي يوماً، لكن المعادلة، كما أشرتُ، بسيطة: لستَ إيرانياً، إذن أنتَ أمريكي! 

وتمّت الاستعانة بأرباع الصحفيين الذين وُصم على ألسنتهم جملة "تؤمر حجي"، من سنخ شاتميْ شارع المتنبي، والكتب، والتعليم، والتفكير المنطقي، حتى تمّت الاستعانة بأشباههم من أرباع صحفيين لبنانيين، هم ذاتهم مَن أداروا الحملة الانتخابية لكبريات قوائم الشيعة في الانتخابات الأخيرة.

ورغم أنّ الموضوع ليس له أيّ أساس عقليّ، وغير مقترن بدليل، لكنهم نجحوا بإيهام الجمهور، جمهورهم، الذي – ويا للمصادفة! – مورس بحقّه التجهيل المنظّم والخرافات وعقدة المؤامرة وتحطيم التعليم منذ عام 2003، حتى أقنعوه أنهم وجدوا "سجل زيارات السفارة الأمريكية في الاستعلامات، يوم التظاهرة التي نددت باعتداء القائم ضد معسكرات الحشد الشعبي".

الضرورة القصوى لهذه المعركة، كانت إيجاد عدوّ يبرّرُ وجود الإعلام المقرّب من إيران، ومَن أنسب من صحفيين متنوّعي المشارب، ينتقدون إيران بشكلٍ واضح وموضوعيّ وخالٍ من الشتائم؟ إنهم الأخطر!

كان الأمر بسيطاً، تعالوا نحرّض عليهم، ويردّون علينا، لكنه لم يعد بسيطاً بعد أن هبط التكتك ومَن معه! 

ليس في التكتك شخصٌ لقبه "دليمي" أو "كبيسي" ليقولوا عنه "داعشيّ"، وليس فيه "سردار" ولا "سيروان" ليقولوا "انفصالي اسرائيلي"، حمل التكتك الوجوه السمر، نفسها، التي تشكّل العمود الفقري لجمهور هذه القوائم، وهم بين "ساعديّ" و"بهادلي" و"درّاجيّ"، بينهم مقاتلون في الحشد الشعبي، وفقراء جداً، فقراء لدرجة أنهم لا يعرفون أين تقع السفارة الأمريكية بالضبط! 

هل هم أبناء سفارات؟ لا، الأمر لا يبدو منطقياً، إذن لنغتنم خطأ بعض المدوّنين آنفي الذكر، حين وضعوا صورة "خواكين فينيكس"، بدور "الجوكر"، ولنقل إنهم "عصابات الجوكر المموّلة من السفارة الأمريكية"!

وأقولها باصماً بالعشرين، مُستخدماً حتى أصابع أقدامي، ما ثردت سفارة بدم المتظاهرين كما ثردت الأمريكية، التي منحت حكومة عبد المهدي أنفاساً طيلة أول شهرين من الاحتجاج، ثمّ ساندتْهُ، وأخيراً كما هو معروف: باركت مرشّح الكتل الشيعية السيّد محمّد توفيق علاوي! 

لا يشكّل "الجوكر" إلاّ أكذوبة عملاقة أقنعت القنوات الشيعية نفسها بها، وأقنعت السياسيين أيضاً بها، فمعادلة التظاهرة بسيطة: متظاهر سلمي، متظاهر غير سلمي، مندس. فقط. لكن مفردة "الجوكر" بطاقة دعوة مفتوحة لقتل الشباب كلهم، بحرب إعلاميّة خلت من المروءة والنبل، بل والحقيقة، فالكاميرا التي يحملها المتظاهر: مسدس، والمطعم التركيّ: مشجب سلاح، والمتظاهرات راقصات، وسوّاق التكتك مدمنون، وهكذا! 

فشل الإعلام الشيعي بشيطنة التظاهرات، كما فشل في حربه الإعلامية على داعش، التي ملأها المدوّنون المذكورون بداية المقال، فحين كانوا يتهجّون التدوين، كان هؤلاء المدوّنون يؤرخون جرائم داعش، ويعيدون إنتاج صورة الجيش العراقي، والقوات الرديفة وعلى رأسها مقاتلو الحشد الشعبي، الذين – ويا للمفارقة! – شُملوا بهذه الحرب الإعلامية، حين تظاهروا! 

لا تصنع جملة "تؤمر حجي" إعلاماً موضوعياً، وصلت الأكاذيب إلى مستوى عجيب لدى قنوات كانت لدينا معها مشتركات كبيرة، وعمل كثيرٌ منا فيها، لكن صحن الدم مليء بالخبز، وهم يثردون به، وتتلطخ أفواههم بدم الشباب الـ700 والـ21 ألف جريح، حتى تبدو جملة "تؤمر حجي" غير واضحة أثناء النطق.

المفارقة أنّ مدراء هذه القنوات هم من الذين يصومون ويصلّون، ويدعون إلى مذهبٍ كان علامته الكبرى أمير المؤمنين (ع)، الذي يستعيذ بالله أن تُراق "محجمة دم" من مسلم بريء! 

تعليقات الزوار

  • زين العابدين

    بوركت ابو معنى منصف كعادتك

  • الرةهبم

    اقسم بالله لو يقرأ هذا المقال صاحب (نصف عقل) وليس عقل كامل لما نطق كلمة (جوكر) او (ابناء السفارات) مرة اخرى، ولتبين له الحق من الباطل. عاشت هذه الانامل فقد خطت احرف من ذهب. مقالة اختصرت الثورة من اليوم الاول الى الان.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top