عبد الخالق كيطان
١
كنت في مركز الضوء ثم اختفيت
لا الضوء يغريني
ولا الظل.
أنا الذي يدمن الأرصفة،
الأغلفة القديمة،
وأغنيات السكارى.
لم يعد في جيبي سوى صورة واحدة
إنها صورتها وهي تتنهد.
٢
اخلعي قفازاتك السود
ثم احملي وردتك
وارمي بنفسك من النافذة.
لم يعد في الغرفة مزيد من النبيذ
لقد انتهت الليلة
وعليك أن تحصي ما تبقى.
٣
ها أنا أخيراً في التابوت البنّي
أرفع يدي إلى سقفه
لا ينفتح أو ينهار
هذا هو السقف المكين إذن
ولكنني خائف الآن
إذ سيخرجونني منه إلى حيث تسمع خطى النمل ولا أراه
خائف أكثر
لأن تابوتي سيصير حطباً في موقد
فتختفي إلى الأبد طبعات يدي
٤
أين أهرب من هذا المرض اللعين الذي انبثق من تحت طاولتي؟
خرجت مسرعاً الى الشوارع كي أتفقد نفسي
وعلى غير عادتها
كانت تئن من العزلة
قرار السلطات بإخلاء المدينة كان سارياً
وكنت وحدي من تأخر
لم أذهب إلى عملي
ولم أر أطفالي يركبون سيارة والدتهم في طريقهم الى المدرسة
بل أنني لم ألحظ وجود زوجتي قبلها
أعود إلى غرفتي متلفتاً
أتذكر تشبيها قديما عن فأر مذعور
إنه الكرسي الذي اعتدت
يدفعني بعيداً عن الطاولة
فأسقط على رأسي دون جرح أو قطرة دم
الطاولة مخيفة
مثل أثاث المنزل كله.
وأنا أرتجف بفعل الحمى.
ما أوحش المدينة هذه الأيام
أنا ممدد أمام الطاولة
وخارج المنزل ليس سوى صفير.
سيدني
آذار ٢٠٢٠
اترك تعليقك