بغداد /عديلة شاهين
تغير مستوى المعيشة لدى العالم بصورة عامة و العراق بصورة خاصة بعد تفشي فايروس كورونا كوفيد- 19 الذي نشر رائحة الموت في كل مكان و أثر على الاقتصاد العراقي فتضررت جميع القطاعات كالطيران و السياحة و المصانع و محلات البيع بالتجزئة و المطاعم و سيارات الأجرة و غيرها
إضافة الى انخفاض ساعات العمل و الاعتماد على خدمات التوصيل بسبب الإغلاق الكلي أو الجزئي و المطالبة بملازمة المنازل مما أدى الى خسائر اقتصادية واضحة المعالم، وفي تغريدة له عبر تويتر، أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ، أنه لن يسمح أن تكون حلول الأزمة المالية على حساب حقوق الموظفين من ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين ومستحقي الرعاية الاجتماعية و أضاف أن القرار سيكون في خفض مرتبات الرئاسات والدرجات الخاصة والوظائف العليا، وإيقاف مزدوجي الرواتب والوهميين وترشيد الإنفاق الحكومي.
كورونا و مرونة الجهاز الإنتاجي
أجرت المدى مقابلة مع الدكتورة إكرام عبد العزيز (خبير اقتصادي ¬- عضو الهيئة الإدارية لجمعية الاقتصاديين العراقيين) و تحدثت قائلة : تتمثل مشكلة الاقتصاد العراقي قبل وباء كورونا في عدم مرونة الجهاز الإنتاجي أما الآن كيف من الممكن أن نتصور المشهد الاقتصادي في ظل الركود و الكساد و سوء الوضع الصحي ,وبحسب ما تم طرحه من قبل السيد رئيس الوزراء في إعادة النظر بالرواتب المزدوجة من باب تحقيق العدالة أيضاً من المفترض مراجعة بعض النفقات غير الانتاجية منها النفقات التشغيلية التي تحتاج الى وقفة باتجاه تغيير الانفاق نحو الانفاق الاستثماري و هذا موجود في الموازنة العامة للدولة و من المفترض تبويب النفقات بدراسة أبعاد تأثيرها على النشاط الاقتصادي بالتوجه نحو رفع انتاجية النفقة العامة ولكن هل من الممكن أن تسمح الظروف الحالية للعمل بذلك خاصة بعد تعطل مفاصل الدولة ؟ أيضاً هنالك دعوات لإعادة دمج بعض الوزارات و تقليص عددها و متابعة الأداء الوظيفي طبقاً للتخصص لكي نرفع إنتاجية النفقة العامة و لا توجد إنتاجية للنفقة العامة في ظل هذا الترهل الإداري لاعتبارات متعددة منها تشغيل الموظفين بمواقع متباينة في الدولة أيضاً من الممكن أن تلجأ الدولة الى الإدخار الإجباري و لكن في ظل أزمة وباء كورونا لا بد من مراعاة وضع الموظفين من التزامات و مصروفات شهرية و السلف المستقطعة من رواتبهم و دراسة أبعاد و انعكاسات الاستقطاع الإجباري على الكلف الاجتماعية للمواطن و في ظل كل ما يجري نتأمل الاستقرار الاقتصادي و المجتمعي من خلال الحكومة الجديدة .
النفط و تغطية الخسائر
و أشارت الدكتورة إكرام الى أن الاقتصاد العراقي مرتهن بقطاع النفط الخام التصديري و هو شريان التمويل الرئيس للاقتصاد العراقي و محكوم بتقلبات الطلب العالمي و تذبذب السعر لذا يجب أن تتم الاستفادة من هذا الإيراد الذي يمثل 95% من الموازنة العامة أو الاتحادية و لكن لا توجد قاعدة لقطاع خاص فعال و لن يكون هنالك توسع في الجباية الضريبية و الكمركية و الآن و في ظل انتشار فايروس كورونا لا توجد تغطية للخسائر في الدخل و الإيرادات مع تذبذب أسعار النفط , و بحسب ما أشار إليه المختصون فان الدَين الى الناتج المحلي الإجمالي من 55_65 % و يعد ذلك مقلقاً و بحاجة الى دراسة جادة حول الإيرادات النفطية و القواعد الإيرادية غير الناضبة عن طريق الصناديق السيادية و صناديق الأجيال و صناديق الاستثمار كباقي دول العالم
إجراءات الخروج من الأزمة الاقتصادية
و أوضحت الدكتورة إكرام للمدى ستراتيجية الخروج من الأزمة الاقتصادية بقولها : للخروج من الأزمة الاقتصادية يجب أن توجه الدولة نحو تفعيل حقيقي لدور الصناعات الصغيرة و المتوسطة و تشجيعها عن طريق وضع خارطة حقيقية لهذه المشاريع طبقاً لوضع المكون المحلي و الميزة النسبية في كل منطقة من مناطق العراق و عمل دورات تدريبية للشباب العاطل عن العمل من قبل منظمات المجتمع المدني أو المصارف المانحة للقروض لإنشاء مشاريع خاصة و يحتاج ذلك أيضاً الى دعم فني و تطوير المهارات و يشكل دعم المشاريع الصغيرة و المتوسطة نسبة عالية للناتج المحلي الاجمالي لدول متقدمة ,أيضاً من الممكن أن يصبح الاستثمار عنصراً فاعلاً في إعادة هيكلة الاقتصاد العراقي من خلال تأمين دخول رؤوس الأموال و توظيفها في مشاريع حقيقية خادمة لمسارات الاقتصاد و التنمية بجلب الاستثمارات و التكنولوجيا و الخبرات بما ينوع الميزان التجاري لتفادي طوق القيد النفطي و تنوع في المحتوى التصديري من منتجات و بضائع و حتى في الجانب الخدمي منها مع تحجيم المحتوى الاستيرادي و استثمار عقول الخبراء من مخترعين و مبتكرين .
ورقة بحثية
و في حديث خاص للمدى قدّم الخبير الاقتصادي و الباحث في الشأن السياسي الاستاذ حيدر عصفور ورقة بحثية حول الضربات الموجعة التي تلقاها الاقتصاد العراقي و تأثير جائحة كورونا عليه و كيفية تجاوز الازمة نوجزها بالمحاور التالية :
*مما زاد في تعقيد المشهد الاقتصادي هي فترة الانهيارات الاقتصادية و ما تبعها من احتجاجات التي أثرت تأثيراً مباشراً على القطاع الخاص ووقعت في أماكن حيوية و تجارية كالباب الشرقي و السنك و ساحة الخلاني و الشورجة و هي تمثل قلب بغداد التجاري و ما تبع هذه الفترة من الإغلاق و الحظر الجزئي و الكلي بسبب جائحة كورونا
*أصبح الاقتصاد العراقي هشاً مُرهَقا لغياب القطاع الخاص و زيادة الروتين و اتباع نظام ضريبي فاشل مما جعل أغلب المستثمرين يفقدون الثقة في الاستثمار داخل العراق مع تهريب الأموال لتستقر إما في البنوك الدولية أو كاستثمارات لدول أخرى
*من الواجب الحفاظ على الصحة و حياة المواطن و لكن مستقبل العراق و اقتصاده و الجيل القادم مهم أيضاً لذا علينا السير بخطين متوازيين لتجاوز الأزمة الاقتصادية في ظل فايروس كورونا الأول مكافحة الفايروس مع تكثيف البرامج التوعوية و الثاني الأخذ في نظر الاعتبار متطلبات المواطن المعيشية و كسب قوته اليومي
*تحديد ساعات العمل يضر بالطبقة المتوسطة و البسيطة و يدمّر الاقتصاد الداخلي و أيضاً يساعد في انتشار الفايروس عن طريق زيادة التزاحم
*من الممكن و بتخطيط ناجح تحويل النفط ضمن كماليات الاقتصاد الوطني و كثير من الدول لا تمتلك ثروة نفطية لكنها صنعت اقتصاداً متيناً و توجد شركات أيضاً اعتمدت على المعرفة و أصبحت ميزانيتها تساوي أو تفوق ميزانيات الدول النفطية
*الشراكة تعني نقطة تحول مفصلية للاقتصاد الوطني فإذا ما تقدمنا بعقود شراكة و استفدنا من الشريك فنياً و تسويقياً و إدارياً و مالياً ستتضاعف قيمة النفط بالعائد على الاقتصاد الوطني أيضاً المنتجات المحلية ستعوض الاستيراد وأيضاً إعمار المناطق النائية
*لدينا قطاعات أخرى يمكننا بالدعم الحقيقي و الإعفاء الضريبي الاستفادة منها مثل الثروة الحيوانية حيث توجد دول تعتمد في اقتصادها على عائداتها من الثروة الحيوانية _ السياحة الدينية _الإعمار و الإسكان العمودي لتقليل أزمة السكن _الاستثمار في المجال الطبي _قطاع النقل العام ففي الوقت الذي نعاني فيه من زحام قاتل في الشوارع لا توجد قطارات مثلاً _الزراعة مع تقليل العوامل المؤثرة في الانتاج لتخفيض قيمتها
*العراق له فرصة كبيرة في النهوض بواقع الاقتصاد بشرط الاصلاحات الاقتصادية و تقليل الروتين الحكومي و الانفاق للحد الادنى
*يعاني العراق من تخمة في أعداد الموظفين التي تصل مع كردستان الى ثمانية ملايين و ثلاثة ملايين و نصف من المتقاعدين مما يترتب عليه انفاق ما يقارب ثلاثة و نصف مليار دولار شهرياً إضافة الى المصاريف المترتبة على أجور النفط و الغاز هي مليار و نصف شهرياً و ديون محلية تقدر ب سبعة و ستين مليار دولار مما يؤدي الى التضخم و اختلال الميزان النقدي
*نحن نعاني من وباء قاتل صحياً و اقتصادياً لذا لا بد من إعادة هيكلية شاملة لمفاصل الدولة و إعادة التخطيط المالي و الإداري و تخفيض الانفاق العام بنسبة 90 % و ترشيق الهيكل التنظيمي الهرمي و الاستعانة بشركات دولية متخصصة لمتابعة و استرداد الأموال العراقية المهربة و التي تقدر ب 300 مليار دولار.
اترك تعليقك