كتل سياسية ممتعضة من التقارب العراقي السعودي تحضر لقانون يحمّل الرياض مسؤولية الانتحاريين

كتل سياسية ممتعضة من التقارب العراقي السعودي تحضر لقانون يحمّل الرياض مسؤولية الانتحاريين

 ترجمة / حامد احمد

بينما يتخذ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، خطوات لتحسين العلاقات مع بلدان عربية مجاورة ويسعى لتنفيذ مشاريع اقتصادية معها في محاولة لتفادي عواقب الازمة الاقتصادية الحالية، يقوم عدد من الكتل البرلمانية بالتحضير لمسودة قانون يُحمل فيه السعودية مسؤولية "ارسال انتحاريين الى العراق."

والسعودية كانت اولى وجهات وزير المالية الجديد علي عبد الامير علاوي، عند تسلم منصبه والذي يشغل ايضا منصب نائب رئيس الوزراء، إذ وصل اليها عند نهاية شهر أيار الماضي كمبعوث للكاظمي لمناقشة ربط شبكة الكهرباء بين البلدين وجلب استثمارات سعودية الى العراق، والطلب منهم ايضا زيادة حصة العراق من انتاج النفط ضمن اتفاق (اوبك+) الموقع، لمعالجة التدهور الحاصل بأسعار سوق النفط العالمية . رغم ان الزيارة كانت مثمرة، الا ان احزابا سياسية شيعية كانت بالاساس معترضة على تكليف الكاظمي لانه بعيد عن ايران، بضمنها ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وكتلة الفتح البرلمانية، استنكرت هذا التحرك بالتوجه نحو دول الخليج، مطالبين بدلا من ذلك بمقاضاة السعودية. 

وتسعى تلك الكتل الى تشريع قانون شبيه بقانون العدالة ضد رعاة الارهاب، (جاستا)، الذي مرر في الكونغرس الاميركي عام 2016 والذي يسمح من خلاله بمقاضاة دول اجنبية، بضمنها السعودية، في احداث هجمات 11 أيلول. وبدأت تلك الكتل ايضا بحملة في وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لمشروع قانونهم . الاحزاب المؤيدة لمقاضاة السعودية لم تحدد الآلية التشريعية التي سيتم بموجبها اجبار الرياض على تقديم تعويض لبغداد. 

وقال سعد المطلبي، القيادي في ائتلاف دولة القانون، لـ(المونيتر) ان "كتل برلمانية تابعة لتحالف البناء بضمنها ائتلاف دولة القانون وكتلة الفتح، عازمة على تشريع قانون يلقي بالمسؤولية على اطراف سعودية مولت وروجت بشكل علني لارسال انتحاريين سعوديين الى العراق عقب الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003" . واضاف: "هذا القانون، الذي تسعى بعض الكتل لتمريره، لم يأت كرد على التقارب العراقي السعودي. بل انه يسعى لاسترجاع اعتبار العراق وتعويض ضحايا الهجمات الانتحارية ."

واعرب المطلبي عن أمله في ان "هذا القانون او المطالب بالتعويض لن يكون له تأثير على الاتفاقيات الاقتصادية العراقية – السعودية". ومضى بقوله "نحن ليس ضد ربط شبكات الكهرباء فيما بيننا ولا ضد الاستثمارات السعودية في العراق. نأمل ان يكون الامران منفصلين عن بعضهما ."

من جانبه، قال عضو البرلمان عن كتلة الفتح، عبد الهادي سعداوي انه "من واجب وزير الخارجية ان يحمل السعودية المسؤولية. يتوجب عليه اتخاذ اجراءات لدى المحافل الدولية ويحشد لتأييد دولي لرفع دعوى امام محكمة الجنايات الدولية، وتعويض عوائل ضحايا السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية ."

وليست هناك فقرات دستورية تمنع تشريع قانون لمقاضاة بلد أو مؤسسة اجنبية. مع ذلك فان الدستور لا يحتوي بنودا تفسر كيفية تفعيل مثل هكذا قانون .

الخبير القانوني ورئيس جمعية الثقافة القانونية، طارق حرب قال "محاولات الاحزاب السياسية لتشريع قانون يضع السعودية تحت المساءلة لن تكون مثمرة. ليس هناك بلد بامكانه مقاضاة بلد آخر عبر قانون محلي. وكذلك ان القانون الدولي لا يحمل حكومات مسؤولية تصرفات مواطنيها خارج حدودهم. الحكومة السعودية لم ترسل انتحاريين للقتال في العراق ."

وفي حديثه للمونيتر قال حرب ان قانون (جاستا) الذي اتخذه الكونغرس كان حالة خاصة لان ارصدة سعودية مودعة في بنوك بالولايات المتحدة وان ضحايا 11 أيلول تم تعويضهم عبر قانون اصدره الكونغرس. ولو يتم تمرير مشروع هذا القانون، فان العراق لن يتمكن من الحصول على تعويضات من الرياض. 

ولكن على العكس، يقول حرب "سيؤدي ذلك الى توتر العلاقات السعودية العراقية وان الغاء الاتفاقيات التجارية الثنائية سيكون مضرا للعراق ."

من جانب آخر فانه من غير المحتمل ان يمرر مثل هكذا قانون في البرلمان وذلك لضعف التأييد له. غالبية الاحزاب السنية والكردية وحتى الشيعية ضد أي ضرر متوقع يكون ناجما عن ضعف العلاقات بين العراق والسعودية.

كذلك ان هذا القانون لن يحقق الاهداف المطلوبة خصوصا اذا ما تعلق الامر بالتعويضات والتي سوف لن تكون ملزمة للرياض. مثل هذا الشيء قد ينظر اليه فقط كاستعراض سياسي أو كمحاولة لعرقلة جهود الكاظمي لتعزيز الروابط مع السعودية لاحتواء ازمة العراق الاقتصادية .

اذا ما نجحت تلك الكتل المعارضة للتحرك بالانفتاح على الرياض في ابطال الاتفاقيات التي وقعها علاوي خلال زيارته للسعودية، خصوصا تلك المتعلقة بربط شبكات الكهرباء وتجهيز محطات الطاقة الحرارية، فان البلاد ستكون بمواجهة خطر العقوبات الاميركية بعد انتهاء مدة الاستثناء الممنوحة والتي امدها اربعة اشهر. وكانت الولايات المتحدة قد منحت العراق بتاريخ 7 أيار الماضي استثناء امده اربعة اشهر يمكنه خلالها استيراد الكهرباء والغاز من ايران. وسيعني ذلك ايضا بان القضية هي جزء من الصراع الاميركي الايراني الذي احتدم في العراق.

وكانت المونيتر قد علمت من مصادر مقربة من الكاظمي تحدثت لها دون الكشف عن اسمائها بأن كتلا شيعية اعطته زمام حرية رسم سياسته الخارجية بما يخدم مصالح البلد وحمايته من الازمة الاقتصادية والعقوبات الاميركية. مع ذلك فان هذه الكتل غيرت رأيها بعد ان كشفت مواقع اخبارية عن طلب أميركي بأن يعزز الكاظمي الروابط مع السعودية ودولة الامارات لتحجيم اعتماد البلد على بضائع وسلع ايرانية. هذا يفسر لماذا لجأت هذه الكتل البرلمانية في هذا الوقت لإلزام الكاظمي بالركون لسياسة محددة مع الرياض .

 عن: المونيتر

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top