بغداد/المدى
من المؤمل أن يتجه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي على رأس وفد وزاري رفيع المستوى يوم غد الاثنين إلى العاصمة السعودية الرياض في أول زيارة له منذ تكليفه بمهمة رئاسة الحكومة.
وسيبحث الكاظمي والوفد المرافق له مع المسؤولين في السعودية عدة ملفات في مقدمتها استكمال ربط العراق في المنظومة الكهربائية الخليجية، وإعادة فتح عدد من المنافذ الحدودية لاستئناف حركة التبادل التجاري المتوقفة بين البلدين منذ سنوات.
وأعلنت الخارجية الأميركية عن دعمها الكامل لمشروع يربط شبكات الكهرباء بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، مؤكدة أن حكومة العراق ومجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، يتطلعون إلى زيادة التعاون الاقتصادي الوثيق بينهم، كأساس للسلام والتنمية والازدهار في المنطقة.
ويصف السياسي المستقل إبراهيم بحر العلوم، في تصريح لـ(المدى) زيارة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى السعودية بـ"الصائبة"، مضيفا أنها "تأتي امتدادا لما قامت به الحكومات السابقة لتحسين العلاقات مع دول الجوار".
ويشير بحر العلوم إلى أن "السعودية أبدت استعدادا وعلى لسان بعض مسؤوليها لإعادة فتح بعض المنافذ الحدودية. كما أبدت استعدادها لمساعدة العراق في قضايا الطاقة"، معتقدا إنه "بإمكان رئيس الحكومة مناقشة عدة ملفات أخرى".
وأعلن وزير المالية علي علاوي، الخميس الماضي، في لقاء متلفز أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي سيزور السعودية يوم الاثنين المقبل، مبينا أن "الزيارة تسعى لتقوية العلاقات بين الطرفين، وستشهد أيضا توقيع اتفاقيات مهمة".
ويوضح النائب السابق في البرلمان أن "إعادة فتح المنافذ الحدودية بين العراق والسعودية ستؤدي إلى تنشيط الحركة التجارية بين البلدين، وستقلل من نفقات النقل أيضا، وكما ستؤثر على أسعار البضائع التجارية".
وشهدت العلاقات العراقية - السعودية انفراجة بعد تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة السابقة بالتزامن مع تشكل التحالف الدولي الذي تقوده أميركا لمحاربة داعش. ومارست واشنطن ضغوطًا على الرياض للانفتاح على بغداد. وتكللت هذه الجهود بدعوة العراق للمشاركة في مؤتمر عقد في جدة عام 2014 من اجل تنسيق جهود الحرب على الإرهاب.
وفي تموز 2017 أعلن رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي عن تشكيل مجلس التنسيق العراقي - السعودي في القمة التي جمعته مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في الرياض لوضع خطط تعاون اقتصادية وتجارية وثقافية وتعاون أمني واستخباري بين البلدين. كما زار وفد سعودي في شهر نيسان الماضي العاصمة بغداد وقال أمام المسؤولين الحكوميين إن بلاده تنوي استثمار (116) مشروعا تتضمن تطوير الزراعة والنفط والكهرباء.
ويلفت وزير النفط الأسبق إلى أن "من أهم المواضيع التي يجب مناقشتها مع الجانب السعودي كيفية تسيير منظمة أوبك بالشكل الصحيح والسليم، على أن يكون القرار قرار شركاء، وليست قرارات احتكارية لجهة على أخرى، وبالتالي يمكن أن تساهم السعودية في تحمل جزء من تخفيض الإنتاج في النفط الذي يتحمله العراق حاليا".
ويبين أنه "من الضروري على الكاظمي مناقشة الجانب السعودي لإعادة فتح أنبوب النفط من اجل تعدد منافذ تصدير النفط الخام العراقي"، مشددا على أن "فكرة مستقبل العراق يجب بناؤها على سياسة التوازن الستراتيجي بين دول الجوار".
ووقعت وزارة الكهرباء في العام 2019 اتفاقية مع هيئة الربط الخليجي لإنشاء خطين لنقل الطاقة الكهربائية الضغط الفائق (٤٠٠) ك.ف، الذين سيكونان بطول (٣٠٠ كم)، مقسمة على مسافتين، داخل العراق (٨٠كم)، وداخل دولة الكويت (٢٢٠ كم).
واستنادا للاتفاقية الإطارية التي وقعتها وزارة الكهرباء مع هيئة الربط الخليجي في أيلول الماضي تجهز وزارة الكهرباء الخطين الناقلين داخل أراضيها (الفاو القديم والجديد) لتأمين نقل الطاقة من الكويت إلى محطة الفاو في محافظة البصرة، وقالت ان "هذه الاتفاقية تأخر تنفيذها بسبب تداعيات الوضع الصحي والاقتصادي"، معتقدة أنها "تحتاج لفترة عام كامل للانتهاء من تنفيذها".
وأعلنت الولايات المتحدة دعمها الكامل لمشروع يربط شبكات الكهرباء بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها الجمعة الماضية، إنها ملتزمة بتسهيل هذا المشروع وتقديم الدعم عند الحاجة".
وأضاف البيان أن "هذا المشروع سيوفر الطاقة الكهربائية للعراقيين الذين هم في أمس الحاجة إليها" مبينا أن "المشروع سيمكن من دفع العجلة الاقتصادية العراقية، ويدعم التنمية الاقتصادية خصوصًا في المحافظات الجنوبية".
وتابع البيان أن "حكومة العراق ومجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، يتطلعون إلى زيادة التعاون الاقتصادي الوثيق بينهم، كأساس للسلام والتنمية والازدهار في المنطقة".
أكملت وزارة الكهرباء 80% من إجراءات ربط العراق بالمنظومة الخليجية الكهربائية، استعدادا لإيقاف استيراد الطاقة (الكهرباء والغاز) من الجانب الإيراني بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة عليها.
وسيجري رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال الايام المقبلة جولة اقليمية ودولية ستشمل كلا من السعودية وإيران والولايات المتحدة الأمريكية لبحث العلاقات الثنائية والتركيز على ملفات الصحة والاقتصاد.
ويعلق آراس حبيب كريم، عضو مجلس النواب على جولة رئيس الحكومة بالقول ما نأمله أن "تكون الجولة الخارجية التي يجريها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تصب في مصلحة البلاد"، مضيفا "اننا ننظر بإيجابية إلى أية خطوة من شأنها وضع علاقات العراق مع محيطيه الإقليمي والدولي في مكانها الصحيح".
وأضاف حبيب في بيان "لابد من تصحيح المسار باتجاه وضع مصلحة العراق أولا في التعامل مع الأشقاء والأصدقاء إن كانوا عربًا أو مسلمين او دولًا أخرى" معربا عن أمله في أن تكون الجولة التي يجريها رئيس الوزراء إلى عواصم عربية وإقليمية ودولية تصب بمصلحة البلاد طبقًا لطبيعة الملفات التي تحكم علاقتنا مع أي من هذه العواصم سواءً كانت الملفات سياسية أم سيادية أم اقتصادية أم تجارية".
من جانبه يؤكد كامل الدليمي، النائب السابق في مجلس النواب أن "الزيارة الأولى ضمن الجولة المرتقبة لرئيس الحكومة ستكون إلى السعودية يوم غد الاثنين، ثم تعقبها زيارة إلى إيران ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية".
ويضيف الدليمي في تصريح لـ(المدى) أن "الزيارة تأتي لاستكمال ما تم الاتفاق عليه بين الحكومات السابقة والسعودية لتثبيت إطار التعاون المشترك بين البلدين"، مؤكدا ان "ملف الطاقة ستكون له خصوصية في هذه الزيارة".
وتتحمل هيئة الربط الخليجي بحسب اتفاقها مع وزارة الكهرباء كلفة إنشاء الخطين، الذين سيكونان بطول (٣٠٠ كم)، من خلال مرحلتين الاولى استيراد (٥٠٠) ميكاواط، والثانية، إنشاء منظومة تبادل للطاقة الكهربائية (التيار المستمر) (HVDC)، بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي، وبين أوروبا.
ووجّهت الحكومة بتفعيل مشاريع الكهرباء المتوقفة وتزويد الوقود مجانًا للمولدات الأهلية مقابل تخفيض أسعار الاشتراك وزيادة ساعات التجهيز، مؤكدة أن مليارات الدولارات أنفقت سابقًا كانت تكفي لبناء شبكات كهربائية حديثة.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، في بيان الأسبوع الماضي إن الأخير وجّه بتفعيل مشاريع الكهرباء كافة، لاسيما الاتفاقية المبرمة مع شركة سيمينز الألمانية، وذلك خلال اجتماع عقده، مع وزيري الكهرباء والنفط، خصص لمعالجة أزمة الكهرباء الحالية.
وأكد الكاظمي بحسب البيان أن ملف الكهرباء يعد أحد أهم التحديات التي تواجه عمل الحكومة الحالية، مبينا أن الفترات الماضية شهدت إنفاق مليارات الدولارات على هذا القطاع، كانت تكفي لبناء شبكات كهربائية حديثة، إلا أن الفساد والهدر المالي وسوء الإدارة حال دون معالجة أزمة الطاقة الكهربائية في العراق، لتستمر معاناة المواطنين التي تتفاقم في أشهر الصيف.
ويكمل الدليمي حديثه أن "الزيارة ستناقش استكمال مشروع ربط الكهرباء العراقية بالمنظومة الخليجية المدعوم من قبل الجانب الأمريكي"، منوها إلى ان "فتح منفذ عرعر الحدودي سيكون ضمن جدول اعمال الزيارة خصوصا بعد إكمال عملية ترميمه".
وأكد وزير النقل ناصر حسين الشبلي، أن وزارته "تسعى لتسريع افتتاح منفذ عرر الحدودي وتنشيط الجانب التجاري والاقتصادي مع المملكة العربية السعودية". وذكر بيان لوزارة النقل الجمعة أن وزير النقل ناصر حسين الشبلي، عقد اجتماعًا للجنة النقل والمنافذ الحدودية والموانئ المنبثقة عن اللجنة التنسيقية العراقية - السعودية لمناقشة الامور المتعلقة بتهيئة الاجراءات والمستلزمات الأساسية لافتتاح منفذ عرر الحدودي.
وبين الوزير انه "تمت مناقشة أهمية انفتاح العراق على العالم بصورة عامة ودول الجوار بشكل خاص لتمتين العلاقات وفتح آفاق التعاون في مجال النقل كافة سواء النقل البري او البحري او الجوي لتفعيل التجارة وتنشيط الجانب الاقتصادي العراقي، موجهًا اعضاء اللجنة والحضور بالعمل الجاد والمتواصل خلال الفترة القادمة واعتماد آلية عمل جديدة لتسريع افتتاح منفذ عرر الحدودي بين العراق والسعودية".
وأكد على "ضرورة تهيئة المتطلبات الاساسية لعمل الموانئ والسكك الحديد والنقل البري عبر المنافذ الحدودية مع المملكة العربية السعودية والتي ستمثل حلقة تواصل بمختلف المجالات وتلقي بالفائدة الاقتصادية لكلا الجانبين".
وأشار الى أن وزارة النقل بتشكيلاتها ستأخذ دورًا مهما في هذه اللجنة باعتبارها الناقل الوطني العراقي والتي ستعتمد على عدة آليات في العمل من ضمنها النقل بالترانزيت او التشغيل المشترك او تشكيل شركة مشتركة مع الجانب السعودي بهدف تنظيم حركة النقل بين البلدين لما يتمتع به العراق من موقع جغرافي وستراتيجي مهم جعله يحظى بمكانة متميزة بين مختلف الدول.
تعليقات الزوار
أنا صحفي
عاشت إيد كاتب الخبر، أنا صحفي في بي بي سي ووجدت في المقال معلومات وافية أحاطت بجوانب التطورات والتحركات الدبلوماسية للعراق. استمر