بغداد/ المدى
بعد انفجار بيروت مساء الثلاثاء، وبروز سيناريو الاهمال وسوء تخزين مواد كيماوية، بدأ عراقيون يحذرون من انفجارات مماثلة بسبب اكداس عتاد الفصائل المسلحة المنتشرة داخل الاحياء السكنية. ومنذ 5 سنوات تماطل الفصائل في نقل الذخيرة الى خارج المدن، فيما يقدر عدد المواقع والمعسكرات التي تضم اكداسا لتلك الجماعات باكثـر من 100 موقع، اغلبها يتم خزن العتاد فيها بطريقة غير سليمة.
وخلال الحرب ضد داعش شكل أكثر من 70 فصيلا مسلحا ضمن "الحشد الشعبي" أغلبهم لديهم مقرات عسكرية في كل المحافظات باستثناء اقليم كردستان. وأعلن قيس الخزعلي، قائد فصيل عصائب أهل الحق في وقت سابق، بأن فصيله يمتلك نوعين من الصواريخ، كما كرر هادي العامري زعيم "منظمة بدر"- وهو أحد أكبر تشكيلات الحشد- تأكيده في اكثر من مناسبة أن فصيله "صار أقوى من الجيش".
وأنفق العراق، بحسب مسؤولين، قرابة الـ100 مليار دولار على شراء السلاح والذخيرة وصيانة الآليات والضربات الجوية خلال المعارك ضد تنظيم داعش حتى اعلان النصر نهاية 2017.
ويشير مسؤول سابق في الحشد الشعبي لـ(المدى) الى ان "10 فصائل كبيرة من فصائل الحشد تملك مخازن عتاد ثقيلة ومتوسطة وخفيفة في 15 محافظة، اغلبها قرب الاحياء السكنية".
واضاف المسؤول السابق الذي طلب عدم نشر اسمه: "وفق ذلك يمكن ان نقدر عدد مخازن السلاح لتلك الجماعات بنحو 600 موقع في عموم البلاد".
عتاد قرب المدنيين
في الـ7 اشهر الماضية، استخدمت خلايا ما يعرف بـ"جماعات الكاتيوشا"، نحو 100 صاروخ، بعضها تم العثور عليه قبل اطلاقه. وفجر امس، عثرت القوات الامنية على 8 قواعد و7 صواريخ معدة للاطلاق، في الدورة، باتجاه المنطقة الخضراء، بحسب مصادر امنية.
وكانت خلية الاعلام الامني، قالت قبل ذلك (بعد منتصف ليلة الثلاثاء)، ان صاروخ "كاتيوشا" سقط في المنطقة الخضراء، انطلق من الدورة جنوبي بغداد، ولم يحدث اضرارا.
ويشير سقوط والعثور على الصواريخ في بغداد، ومدن اخرى، الى امتلاك تلك الجماعات لخزين كبير من المقذوفات والاعتدة. وبحسب مصادر امنية تحدثت لـ(المدى) انه على الاغلب يتم خزن تلك الاسلحة في "مناطق سكنية قريبة من مواقع الاطلاق" لصعوبة نقل الصواريخ لمسافات طويلة "خشية اكتشفاها من قبل نقاط التفتيش".
وفي اواخر تموز الماضي، حدث انفجاران داخل معسكر الصقر، جنوبي بغداد، فيما قالت القيادة العسكرية، ان الانفجار ناجم عن كدس عتاد، بسبب "ارتفاع درجات الحرارة".
ويضم المعسكر الذي تديره الشرطة الاتحادية، أربعة ألوية للحشد الشعبي من بينها لواء 14 "كتائب سيد الشهداء" بقيادة أبو ولاء الولائي، والذي طالت النيران مخزن أعتدته، العام الماضي في المعسكر نفسه.
وعاشت بغداد، في آب 2019، أجواء رعب تشابه ليلة انفجار بيروت الاخيرة، حين أمطرت السماء مقذوفات وصواريخ على منازل المدنيين، الذين فروا إلى الشوارع، بعد حادث انفجار "الصقر". ووجه حينها، أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، والذي اغتيل مطلع العام الجاري، اتهاما مباشرا الى امريكا بقصف المعسكر، فيما قالت الحكومة ان الحادث بسبب "انفجار اكداس لارتفاع درجات الحرارة".
وخلال عامي 2018 و2019 الماضيين، حدث نحو 20 تفجيرا في 6 محافظات، داخل معسكرات تضم فصائل من الحشد الشعبي، ودارت اغلب الشكوك بان سبب الحوادث كان "الخزن السيئ" للعتاد.
التحصن بالسكان
ويقول المسؤول السابق في الحشد الشعبي ان "اغلب الفصائل تماطل في اخراج مخازن العتاد، بسبب الخوف من استهدافها من امريكا كما حدث في هجوم القائم نهاية العام الماضي"، مشيرا الى ان بعض تلك الجهات "تتحصن بالمدنيين، كما تخشى فقدان سيطرتها على بعض المفاصل التجارية اذا خرجت من المدن".
وفي تموز الماضي، اعاد رئيس هيئة الحشد الشعبي، نشر قرار رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي بالذكرى السنوية الاولى لصدور الامر الديواني، الذي تضمن عدة نقاط منها اغلاق مقرات الحشد داخل المدن، ووضع المخازن تحت اشراف الجيش.
وبعد اقل من شهر من القرار تمرد فصيل الشبك (لواء 30) في سهل نينوى، شمال شرق الموصل، على الحكومة، ورفض الخروج من المدينة، واضطر عبد المهدي في النهاية الى الخضوع لقرار الفصيل. يؤكد المسؤول السابق في الحشد الشعبي ان "جهات اعترضت بالسر على قرار عبد المهدي، وحاولت المماطلة وخصوصا في قضية نقل المخازن". ونجح رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض حينها، باقناع عبد المهدي بتمديد سقف تنفيذ القرار من نهاية تموز إلى بداية شهر تشرين الأول 2019، حتى تتمكن قوى الحشد من تطبيق جميع البنود.
وقبل ذلك كان قد دعا رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي في حزيران 2018 -بعد انفجار كدس عتاد في مدينة الصدر- للمرة الثالثة منذ عام 2015، الى جعل المدن منزوعة السلاح.
وتسبب الانفجار حينها، والذي كان بسبب "خزن سيئ" لعتاد تابع لسرايا السلام، بمقتل 8 اشخاص وجرح نحو 120 آخرين، فضلا عن تضرر 15 منزلا و10 سيارات كانت قريبة من مكان الانفجار. وكانت ظروف خزن العتاد سيئة، دون مراعاة مكان المخزن او درجة الحرارة، او حتى نزع الفتيل عن الاسلحة.
ووضع العتاد داخل غرفة في "حسينية" كانت في الاصل احد مقرات حزب البعث المحظور، في مدينة الصدر.
ويوضح المصدر الامني في بغداد ان "هناك عددا غير معروف لمخازن السلاح خاصة في مناطق شرقي بغداد يمكن ان تنفجر مع ارتفاع درجات الحرارة وتسبب انفجارا يشبه قنبلة نووية صغيرة".
اترك تعليقك