أصبحت ظاهرة مؤرقة... نساء يعالجن كورونا بالشعوذة!

أصبحت ظاهرة مؤرقة... نساء يعالجن كورونا بالشعوذة!

 بغداد /عديلة شاهين

تميل مجتمعاتنا دوماً الى تصديق الغيبيات مهما تضمنت من خرافات ! و بينما يجّد العلماء حول العالم و في سباق مع الزمن من أجل التوصل الى لقاح شافٍ من فايروس كورونا كوفيد-19،

نجد هناك عناصر ذهبت بعيداً في الترويج لعلاجات وهمية عبر مواقع التواصل الافتراضي و التواصل الواقعي في محلات العطارة و بيوت السحرة و فتاحين الفال ، و قد تفاقمت ظاهرة السحر و الشعوذة في السنوات الأخيرة و تعددت مقاصد من يلجؤون للشعوذة بين الرغبة في تغيير الواقع أو الطمع في الحصول على منصب أو الثراء و معرفة الغيب و العلاج من الأمراض المستعصية، و من الملاحظ إن فئة النساء و الفتيات هنّ الأكثر إقبالاً على هذه الأعمال إضافةً الى إنفاقهنَّ الكثير من الأموال على هؤلاء الدجّالين و الأُميين مع غياب الرقابة من قبل ذويهم و الجهات الحكومية.

و في ظل تفشي وباء كورونا إستغل بعض السحرة و المشعوذين الأشخاص المصابين باليأس من الشفاء و تعلقهم بأية دعوى حول إمكانية العلاج و تقديم ما يسمونه بالوصفات الناجعة لمعالجة الفايروس و ذلك بإعداد خلطات من أعشاب و مواد مجهولة لتقديمها كدواء مقابل مبالغ مالية بعد تقديم صورة المريض و معلوماته الشخصية الى صفحات مختصة بعلم الروحانيات و الفلك أو عند زيارة المريض لمحل إقامة المشعوذ أو الساحر.

و تعقيباً علی ذلك ، حذّرت منظمة الصحة العالمية من انتشار الإدعاءات الزائفة حول علاج فايروس كورونا على الأنترنت ، حيث حذّرت هيئة الصحة العالمية من مجموعة أشياء قالت إنها غير صالحة للحماية من فايروس كورونا و انتقال العدوى و هي تشمل مجففات اليد و مصابيح الأشعة فوق البنفسجية و الثوم و زيت السمسم و رش الكحول علی كامل الجسم و اللقاحات الإلتهابية و رذاذ الأنف الملحي و غسول الفم.

بيع الوهم لمرضى كورونا 

اُنشِئت العديد من الصفحات على موقع فيس بوك تحمل اسماء مختلفة كالعالم الروحاني لأعمال السحر الذي يدعي أن له علاقة بالعالم السفلي ، و يتواصل مع هذه الصفحات الكثير من السيدات لحل مشاكلهنّ الزوجية أو علاج العقم و تزويج العانس مقابل مبالغ ضخمة ، أما السمة الدارجة لهذه الصفحات مؤخراً هي معالجة فايروس كورونا بخلطات عجيبة يتم الترويج لها عبر الانترنت أو في محلات العطارة ، تقول السيدة رجاء علي : إنها استخدمت وصفة لحالة ابنها المصاب بفايروس كورونا بعد أن تواصلت مع ما يسمى بالعالم الروحاني الذي قدم لها وصفة لمعالجة الفايروس عبر الانترنت مقابل مبلغاً مالياً و كانت الوصفة مكونة من عسل طبيعي مع بعض الأعشاب و الزنجبيل ، لكنها أكدت للمدى أن حالة ابنها ازدادت سوءاً بعد اتباع وصفة المشعوذ و بدون أي نتائج إيجابية و عند مراجعتها لطبيب أخصائي بالأمراض التنفسية تبين إصابتها بتليف الرئة جراء الفايروس و انخفاض مستوى التنفس الى ٥٠٪ و هو ما زال يخضع للحجر الصحي و العلاج .

و في سياق متصل أكدت السيدة نور محمد للمدى : إنها أُصيبت بوعكة صحية تشبه الى حد كبير الإصابة بفايروس كورونا فأرشدتها صديقتها الى الذهاب الى أحد العطارين الذي يصف نفسه بالسيد و أكّد عدم إصابتها بفايروس كورونا بل تم استهدافها و بدافع الغيرة من قبل إحدى صديقاتها بالسحر، و العمل تم دفنه في مكان مجهول! و نصحها باستخدام الزيوت التي يصفها العطار مرفقاً بها ورقة تحتوي على طلاسم غير مفهومة ليخبرها أنه يتوجب عليها شراء خاتم من الفضة مقروءاً عليه ، و كانت تكلفة هذه المواد ٤٠٠ ألف دينار عراقي كانت من ضمن خسائرها لعدم تحسن حالتها ، و بعد إجراء الفحص المختبري تأكدت من أصابتها بالفايروس فاتجهت الی المستشفی و تم علاجها .

مضيفة :أعترف للمدى إنني صدقت هذه الخرافة في بادئ الأمر لأن المشعوذ كان يمتلك قدرة عجيبة في شرح معلومات واقعية عن حياتي لكسب ثقتي ، و يبدو أن الأمر تطور ليحدث (بيزنس) جديد و مربح للغاية عن طريق المتاجرة بصحة البشر! .

تعويذة بالرقية الشرعية! 

و في جولة للمدى على محلات العطارة توقفنا عند محل أحد العطارين و طلبنا منه علاج عشبي لمريض كورونا إضافة الى تعويذة شفاء ، و لم يتردد في عمل تركيبته العجيبة مقابل مبلغ ٢٠٠ ألف دينار عراقي ، و بعد كشف هويتنا أكد أنه يعالج مرضاه نفسياً و قد يكون الجانب النفسي وحده أقوى من العلاج العادي الذي يأخذه المريض من حيث التأثير على سرعة تحسن الحالة مضيفاً :"لا نتعامل بالسحر و لا الشعوذة و إنما بالرقية الشرعية"!!!

الأعشاب ووفيات كورونا 

و من جهته بين الصيدلاني أحمد حسن للمدى خطورة الاعتماد على الأعشاب في علاج كورونا مؤكداً : إن معظم الوفيات بفايروس كورونا لم تلتزم بالبروتوكول العلاجي و اقتصارها على العلاج في المنزل و تجربة وصفات لمروجي التداوي بالأعشاب ما أنزل الله بها من سلطان و تكون معظمها عالية السُميّة و تستخرج منها كميات بسيطة في التحضيرات الكيميائية الداخلة في الصناعات الدوائية و إذا ما تم الإفراط في استخدام هذه المواد ربما تزيد من خطورة المرض و من هذه المواد الزيوت العطرية التي يسبب استخدامها تكون جزيئات Aerosol و يمكن أن تهيج العينين و الجهاز التنفسي و لا توجد أدلة مؤكدة حول تأثيراتها المضادة للفايروسات و الفطريات.

و أوضح : قد يكون للمرضى مشكلات صحية أخرى غير فايروس كورونا دون درايتهم بذلك مما قد يتسبب تناولهم للخلطات التي لا تخضع للرقابة الصحية في التأثير سلباً على صحتهم.

آثار نفسية مدمرة 

إن انتشار ثقافة الوهم تحت مسمى الطب البديل دفعت الكثير من الأشخاص الى التوجه لمحال العطارين و التعامل معهم على أنهم أطباء ، بل يتوقف البعض عن العلاج الذي وصفه الأطباء و الاعتماد على وصفات العطار. هذا ما قالته الباحثة الاجتماعية فاطمة عبد الحسن موضحةً للمدی : إنها أجرت بحثاً حول أضرار اللجوء الى الوهم في علاج الأمراض و خاصة في ظل جائحة كورونا ، و أضافت : نجد أن الكثير من الأفراد يبررون الأمراض التي يتعرضون لها بأنها نتيجة الإصابة بالعين و الحسد ، فهؤلاء الأفراد كلما تضخم إحساسهم بالعجز كلما كانوا أكثر ارتباطاً بالوهم و ابتعاداً عن التعامل بشكل واقعي مع الأحداث فيقومون بتصديق الخرافات و المعتقدات الخاطئة على الرغم من انتشار التعليم و إضمحلال الامّية ، و أصبح التداوي بالأعشاب و السحر للتخفيف من آلام كورونا تجارة مربحة تشغل عدداً كبيراً من الأُسر و اللجوء الى مستلزمات السحر كالحيوانات المحنطة و أعضائها و البخور و بيعها بأثمان باهظة الأمر الذي جعل المستفيدين من هذه التجارة يحولون دون غيابها مستغلين حاجة المرضى للشفاء .

مؤكدةً : يترتب علی اللجوء للسحرة و المشعوذين آثارٌ نفسية كفيلة بتدمير وظائف الإنسان التي قد تؤدي الی انتكاسة المصاب و يری علم النفس أن الشعوذة هي عملية توجيه خاطئة تحتاج مهارات عالية لأنها تعتمد علی العمليات الادراكية و الإدراك التلقائي و إن تصديق ذلك مرتبط بالثقافة الدينية والفكرية لدی الأشخاص .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top