كتل سياسية تتعكز على  ترحيل  التعداد السكاني لتأجيل الانتخابات المبكرة

كتل سياسية تتعكز على ترحيل التعداد السكاني لتأجيل الانتخابات المبكرة

 مختص بالشأن الانتخابي: تقديرات التخطيط والتجارة وسجل الناخبين تتيح تحديد الدوائر الانتخابية

 مسؤول حكومي: 430 ناحية و170 قضاء يحتاجون إلى فتح مراكز لإتمام عملية التعداد السكاني

 بغداد / المدى

يرى مراقبون ان الهدف المخفي من وراء تأجيل التعداد السكاني هو محاولة تساندها كتل متنفذة بهدف تأجيل الانتخابات المبكرة المقررة في حزيران 2021.

ويضيفون ان توزيع الدوائر الانتخابية التي يؤخر الاتفاق عليها اكمال قانون الانتخابات التي صوت على اغلب فقراته منذ أشهر، يتطلب وجود تعداد سكاني لتحديد عدد الدوائر الانتخابية لكل محافظة وقضاء، والنسب السكانية وعدد الدور والمحلات.

عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب حسين العقابي، قال لـ(المدى)، إن "التعداد السكاني ليس له علاقة ستراتيجية بعملية الانتخابات التي تعتمد على تحديث سجل الناخبين"، مستدركا "لكن توزيع الدوائر الانتخابية يعتمد على وجود إحصاء سكاني دقيق وتقسيم للدور والمحلات بين الدوائر الانتخابية".

ومنذ تمرير قانون الانتخابات من دون جدولة أو توزيع الدوائر الانتخابية والتي تعَدّ أساسًا لإجراء الانتخاب، لم تتوصل الكتل السياسية إلى اتفاق لحل هذه المشكلة مما أعاق إرسال القانون إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه، ولم يحدد إلى الآن موعد لاستكمال القانون. ويؤكد العقابي ان "التعداد السكاني يبقى مرتبطا بمسألة جوهرية وهي قاعدة بيانات للمواطنين وإحصائيات الفقر والبطالة ونسب الأعمار وعدد النساء والأطفال"، معتبرا أن "هذه الإحصاءات مهمة في التنمية المستدامة لأي دولة".

وبخصوص إمكانية إلغاء أو تعديل تعدد الدوائر الانتخابية بعد تأجيل التعداد السكاني، يوضح العقابي أن "الإشكالية ستبقى قائمة حتى إجراء اللقاءات والاجتماعات بين الكتل السياسية لحسم هذه التحديات وتجاوزها"، متسائلا: "ماهي المعايير المعتمدة لتوزيع أو شطر محافظة مثل العاصمة بغداد إلى سبع دوائر انتخابية؟".

ويتابع عضو اللجنة القانونية إن "هذه الإجراءات (توزيع الدوائر الانتخابية لأية محافظة) يتطلب وجود إحصاء سكاني وتقسيم حقيقي للدور والمحلات والأزقة والشوارع". وتساءل ايضا: "كيف نشطر هذه الدور والمحلات من دون وجود قاعدة بيانات لها وللسكان؟".

يشير إلى أن "البعض يريد الاعتماد على الإحصائيات الرقمية لدى وزارة التخطيط، وهي بيانات غير دقيقة"، مشيرا إلى ان "هناك تخوفا من المناطق المتنازع عليها وكذلك إمكانية استهداف طائفي أو قومي أو سياسي في تقسيم الدوائر".

ومن الإشكاليات الفنية التي تواجه استكمال القانون الانتخابي تلك التي تتعلق بمسألة وجود (41) قضاء غير مسجلة في وزارة التخطيط، فضلا عن كوتا النساء إذ لا يمكن احتساب الأصوات على مستوى القضاء الذي عدد سكانه مئة ألف (...) هل سيكون لمرأة أو لرجل.

وحدد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي تأريخ السادس من حزيران ٢٠٢١ موعدًا لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة، مؤكدا انه سيعمل بكل الجهود على إنجاح هذه الانتخابات وحمايتها وتأمين مستلزماتها.

بدوره يعلق عادل اللامي الخبير في الشأن الانتخابي على تأجيل التعداد السكاني بالقول ان "جميع الانتخابات البرلمانية السابقة أجريت من دون تعداد سكاني"، ويستشهد "كيف تمت زيادة عدد اعضاء مجلس النواب من 275 إلى 329 نائبا بدون تعداد سكاني، وكيف تمكنوا من تعيين مقاعد كل محافظة في الانتخابات السابقة؟". ويضيف اللامي في تصريح لـ(المدى) ان "هناك تقديرات سنوية لوزارتي التخطيط والتجارة تحصل عليها مفوضية الانتخابات فضلا عن سجل الناخبين الموجود لكل المحافظات العراقية بما فيها المواليد الجديدة"، مشددا على انه "بالإمكان الاعتماد على هذه المعاير لتحديد الدوائر الانتخابية دون اللجوء إلى التعداد السكاني".

وترفض كتل سياسية متنفذة في السر إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة متحججة بظروف جائحة كورونا والأزمتين الاقتصادية والأمنية وتأخير المصادقة على قانون الانتخابات وتعطيل المحكمة الاتحادية، مشيرة إلى أن هذه المشكلات قد تدفع لإكمال الدورة البرلمانية حتى العام 2022.

ويرجح ان "يكون الهدف من وراء تأجيل التعداد السكاني لاستخدامه كحجة او أعذار غير واقعية من قبل الكتل السياسية لإلغاء الانتخابات المبكرة او لتمرير قانون بدوائر انتخابية على مقاسات الكتل السياسية".

وأعلن وزير التخطيط، خالد بتال النجم، عن تقديم الهيئة العليا للتعداد العام للسكان، توصية إلى مجلس الوزراء، بتأجيل موعد تنفيذ التعداد الذي كان مقررا في شهر تشرين الثاني من العام الحالي، إلى الربع الأخير من العام المقبل 2021، مبينا أن التوصية بتأجيل التعداد، جاءت بسبب الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق، المتمثلة بجائحة كورونا، والأزمة المالية". ويوضح مهدي العلاق، مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان أن "تنفيذ التعداد السكاني في العام 2020 أصبح غير ممكن بسبب جائحة كورونا التي اعاقت عمل الفرق الميدانية في انجاز عمليات الترقيم والحصر، وتهيئة الخرائط الجغرافية على الأرض، وكذلك تهيئة وتدريب الكادر الميداني".

ويتطلب إجراء التعداد السكاني العام قرابة (150) ألف عداد (بالاعتماد على الطواقم التعليمية والتدريسية) وفقا للعلاق، مؤكدا أنه "من المفروض منحهم التدريب المكتبي والميداني قبل شهرين من موعد التعداد، لكن جائحة كورونا منعت ذلك، وبالتالي أصبح من الصعب تنفيذ التعداد السكاني في توقيتاته المحددة". في العام 2018، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، وضعت الحكومة وثيقة مشروع التعداد السكاني الكامل والتي تشرح إطار وخطة العمل لعملية التعداد السكاني في شهر تشرين الأول لعام 2020.

وللمرة الأولى في العراق سيطبق النظام الالكتروني باستخدام الأجهزة اللوحية "التابلت" في إحصاء السكان، طبقا إلى المستشار الاممي العلاق، مضيفا أن "العمل الفني تمكن من وضع التصاميم والاستمارات التعدادية والتعليمات وتهيئة البرامج التي تتطلب توفير وسائط نقل مختلفة، شبكة انترنت فعالة وقوية لتغطية كل الأراضي العراقية، مع وجود التيار الكهربائي".

ويعطي التعداد السكاني الحكومات صورة أساسية تنطلق منها للتخطيط العمراني والبناء المؤسساتي بما يتناسب مع حاجة السكان وإعدادهم، والتوزيع العادل للأموال الحكوميّة والتعليم والصحة، كما تساهم مؤشرات التعداد السكانيّ في معرفة معدّلات البطالة، ومعدّلات الأمية بين السكان وكذلك الحصول على العدد الأفضل والحقيقي من ممثلي الشعب في البرلمان.

من جانبه، يتحدث مدير عام الإدارة التنفيذية للتعداد السكاني في وزارة التخطيط سمير خضير لـ(المدى) قائلا إن "اغلب الإجراءات الفنية الخاصة بالتعداد السكاني أكملت باستثناء البنى التحتية والمتعلقة بمراكز البيانات والمراكز الإشرافية في المحافظات التي مازالت غير جاهزة بسبب قلة المبالغ المرصودة وجائحة كورونا". وكان آخر إحصاء سكاني شامل نظمته الدولة العراقية في العام 1987 حيث شمل جميع المدن والمحافظات باستثناء (المناطق الحدودية مع إيران) التي تعذر جمع المعلومات فيها بسبب الحرب العراقية الإيرانية حينها.

ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة نفذت الحكومات المتعاقبة ثمانية تعدادات عامة للسكان، بدأت من العام 1927 عندما قامت بتنفيذه (دائرة النفوس العامة) التابعة لوزارة الداخلية حتى غاية العام 1997 الذي جرى من قبل الجهاز المركزي للإحصاء ولخمس عشرة محافظة (عدا محافظات إقليم كردستان) احصاء للسكان.

ويبين خضير أن "وزارة التخطيط طلبت من الحكومة تخصيص مبلغ للسنة الحالية بحدود الـ70 مليار دينار لتغطية كل مستلزمات البنى التحتية"، مبينا إلى أن "هناك لجانا مشكلة داخل وزارة التخطيط تعمل على تدقيق الحاجة الفعلية لهذه المبالغ وامكانية توفيرها من قبل وزارة المالية".

ويعد التعداد العام للسكان الذي جرى في العام 1957 من بين أفضل التعدادات دقة وشمولا حيث حقق نجاحًا كبيرًا قياسًا بالتعدادات السابقة ومنحت دفاتر النفوس بموجبه للمواطنين العراقيين.

وينوه خضير إلى أن "هناك 430 وحدة إدارية (ناحية)، و(170) قضاء في عموم المحافظات تحتاج إلى فتح مراكز فيها لإتمام عملية التعداد السكاني"، مضيفا أن "هذه النواحي والاقضية مساحاتها كبيرة وهي تتطلب كوادر وأموال للانتهاء من الاستعدادات اللوجستية لعملية المسح والترقيم".

ويشير مدير عام الإدارة التنفيذية للتعداد السكاني في وزارة التخطيط إلى أن "تحضيراتنا الحالية تعمل على تجهيز البرامج الالكترونية لإجراء التعداد السكاني الذي سيكون الكترونيا بدلا عن اليدوي من خلال قيام الباحث الميداني بتسجيل بيانات الأسرة، وإرسالها عبر "التابلت" إلى مركز البيانات الموجود في وزارة التخطيط".

وتسببت الخلافات بين المكونات والكتل في مجلس النواب في العام 2010 ووضع حقل القومية في ورقة التعداد والمخصصات المالية الكبيرة التي صرفت من قبل وزارة التخطيط على إجراء عمليات الترقيم والتخطيط للدور والمباني بإلغاء التعداد السكاني.

ويضيف مدير عام الإدارة التنفيذية للتعداد السكاني في وزارة التخطيط: "نحن في المراحل النهائية من تجهيز هذه البرامج الالكترونية وبجهود وطنية كبيرة بذلت في سبيل انجاز هذه الأعمال"، مضيفا ان "من الأمور التي اكملناها هي الخرائط الجغرافية والاستمارات التعدادية، وخطط العمل، فضلا عن انجاز البنى التحتية لبعض دوائر الإحصاء في بعض المحافظات".

ويؤكد أن "الاستمارات التعدادية الجديدة تخلو من حقل المذهب كون أن التعداد فني بعيد كل البعد عن الأمور السياسية"، مبينا أن "اللجان الخاصة بالتعداد في وزارة التخطيط أجرت أربعة اختبارات للعمل وللاستمارات التعدادية في بغداد والانبار والبصرة واربيل، على أمل انجاز كل الاختبارات خلال السنة الجارية".

ويتابع المسؤول الحكومي أنه "في العام المقبل سنقوم بعملية الحصر والترقيم للأبنية والمحلات والبيوت"، لافتا إلى أن "استعداداتهم الحالية مكتبية أكثر مما هي ميدانية (باستثناء الاختبارات الميدانية)".

ويشير إلى أن "وزارة التخطيط قادرة من الناحية اللوجستية والفنية على انجاز التعداد السكاني في العام المقبل شريطة توفير الأمور وانتهاء جائحة كورونا"، مشيرا إلى أن "البرلمان يراقب عملهم بشكل متواصل بما يخص التعداد السكاني" .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top