مصارحة حرة: من أين لك هذه الوثيقة؟

اياد الصالحي 2020/08/22 07:41:53 م

مصارحة حرة: من أين لك هذه الوثيقة؟

 إياد الصالحي

ظلّ ميثاق العمل الإعلامي في العراق يعاني وهناً كبيراً في مبادئه وأسّس ارتباطه بواقع تنفيذ السياسة المهنية لمئات الصحفيين الممارسين لتخصّصات متنوعة بينهم من لم يراعِ الميثاق سلوكاً وحِرفة، فأنعكس ذلك على تأجيج أزمات حادة لم تخلُ من شبهة التواطؤ وانبطاح الصحفي نفسه لمساندة الباطل عَلَانية، مستفيداً من غطاء الحرية غير المُراقبة التي تعرّضه للمساءَلة إذا ما أساءَ بحق فرد أو مؤسسة.

قبل ستة وستين عاماً، فطن الاتحاد الدولي للصحفيين الى ضرورة وضع معايير ممارسة مهنة الصحافة تحمي حقوق الصحفي وتنأى به عن خرق سقف حريته، فباشرت منظمات واتحادات دولية وتلتها مؤسسات إعلامية تلفازية وصحفية لتنظيم مبادئ ممارسة المهنة، مُكيّفة وفقاً لأنظمة وقوانين البلد دون المسّ بالثوابت المحدّدة من الاتحاد الدولي، وأجمع الكل على أن الميثاق الأخلاقي ركن مهم من أركان بناء المجتمع دينياً وثقافياً وقانونياً، ولا يمكن أن ينسلخ عنها.

وفي خضم التحدّيات الصعبة التي واجهها الإعلام العراقي ما بعد عام 2003 لم تتم معالجة سقف حريته الذي أخذ بالانفتاح سلبياً من قبل أفراد وربما مؤسّسات لم تراعِ منهج وسلوك ممارسة المهنة، وتقلّبت مواقفها الموثقة بالكلمة والصورة والصوت حسب ظروف الانشطة والأحداث التي سَلّطت الأضواء عليها بما يُعزّز شُبهات الخروج عن الإطار المهني الصِرف والميل للانحياز الى طرف يواجه منافسة أشبه بمعركة (كسر العِظام) في خصومة بائنة حول موقع ما تدفعه لتوظيف كل ما يتيح له التفوّق لحسم النتيجة، وللأسف أصبح بعض المحسوبين على الإعلام أدوات مشبوهة لتحقيق مآرب هذا الطرف على حساب القضية ذاتها لطرف آخر!

من بين الأساليب غير الشريفة في كسب معركة شخصية للاستئثار بموقع رسمي في الرياضة هو التسابق المحموم بين بعض الصحفيين لإشهار وثائق حكومية وشبه حكومية تدين رئيس اتحاد أو رئيس نادٍ أو عضو في اللجنة الأولمبية أو مدير عام في وزارة الشباب والرياضة أو وزيرها نفسه ربما مضى عليها زمن طويل أو قصير لا فرق، فالمشكلة الحقيقية تكمن في توقيت كشف الوثيقة وماذا يروم الصحفي من وراء سبقه هذا؟

إن وثائق الإدانة بشبهة الخرق المالي والإداري في أي نظام مؤسسي بالعالم ترتبط بدورة زمنية من الإجراءات التحقيقية البدائية والقضائية قبل أن تصدر بحقها أحكاماً باتة، منها ما يُحال من وزير الشباب والرياضة الى مجلس القضاء الأعلى بعد تسلّمه تقرير الرقابة المالية وتأخذ هيئة النزاهة دورها الكامل في تقصّي حقيقة البيانات والأرقام وعلاقة المشتبه بهم قبل استكمال الملف سواء ببراءة المتهم أو إحالته الى المحكمة، وفي كل الأحوال يقتصر دور الصحفي على مواكبة حيثيات القضية من البداية حتى اصدار الحكم القضائي النهائي بحيادٍ تام.

ما يحدث في وسطنا الإعلامي فوضى عارمة لم يسيطر عليها لا من الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية الذي لم يعرف الاستقرار الإداري منذ ست سنوات بعد انتهاء آخر دورة شرعية له عام 2013 واستنفد سنة أخرى تحت مسمّى (هيئة تحضيرية للانتخابات) تقمّصتْ دور الهيئة المؤقتة فيما بعد لتبقى خمس سنوات إضافية دون أي مسوّغ قانوني، لم يسيطر الاتحاد على هكذا خروق بتسريب وثائق قضائية وكُتب مخاطبات داخلية وخارجية لوزارة الرياضة أو اللجنة الأولمبية أو ما يردهما من الأمانة العامة لمجلس الوزراء وبالعكس، وأغلب تلك الوثائق تحمل اسماء الصحفيين بالخط العريض للتنويه عن حصر إشهار الوثيقة به دون أن يُبرّر أو يُظهر مناسبتها بمعلومات مُحدّثة أو التحذير من قبول ترشيح رئيس اتحاد مثلاً بينما هذه الوثائق تخص إجراءات بدائية إن لم تكن قد حُسمت بوثيقة أخرى لم تصلها يد الصحفي نفسه!

لم يقم أي مسؤول عن مهنة الصحافة الرياضية بتقييم عرض الوثائق الحصرية خارج وسائل الإعلام المعروفة مثل برنامج تلفازي يتناول شأنها وفحواها باحترام مُعزّز بتوضيح شفّاف وليس بدافع الانتقام أو الابتزاز أو الكراهية أو النكاية، وكذلك بالنسبة للصحيفة أو الإذاعة أو الموقع الإلكتروني المُعتمد، هناك حسابات في مواقع التواصل تتسلّى وتتباهى بالوثائق بدوافع شتّى تتزامن مع حملات انتخابية يترصّد المتنافسون لبعضهم البعض ولا يجرؤون على إظهار تلك الوثائق في حساباتهم، بل يتخذون من بعض الإعلاميين (الأوفياء) وسيلة ميسّرة لتمرير أهدافهم التي تتمحور في فضح وتسقيط وتأليب الرأي العام ضد خصومهم!

أحد رؤساء الاتحادات المركزية توّعد بمقاضاة بعض المتمادين في استهدافه بين الحين والآخر بعرض وثائق تخصّ اتحاده عن إجراءات مضت عليها سنتان أو أكثر دون أن يكون هناك مُبرّر موضوعي ومهني يمكن أن يَصدر بشأنه بيان يوضّح نقاطاً جوهرية خافية أسقطت عنه التهمة وتبعاتها وأضرارها على استمراره في موقعه أو نيّته المشاركة في مؤتمر انتخابي.

من أين لك هذه الوثيقة؟ سؤال بسيط وأجابته صعبة على كل من تورّط في لعبة التعاطف مع أشخاص سبق لهم أن استحوذوا على مكاتب إدارية ومالية تابعة للوزارة أو الأولمبية سواء مازالوا مستمرّين في الخدمة الرسمية أم أصبحوا في خدمة مطامِعهم محاولة منهم الاستحواذ مجدّداً عبر تبييض صفحاتهم وحرق سمعة منافسين لهم بحرب الوثائق التي يقودها بالوكالة بعض الإعلاميين .. وحصراً!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top