العمود الثامن: محكمة مثنى وعليوي

علي حسين 2020/09/06 09:07:58 م

العمود الثامن: محكمة مثنى وعليوي

 علي حسين

يوميا يؤرقني سؤال، متى يمكن أن نتخلص من هذه الوجوه الثقيلة التي تطلع علينا من شاشات الفضائيات؟ وصور الصفحات الأولى التي تحاصرنا أينما كنا؟، سياسيون يخرجون من دهاليز الظلام، يتصورون أنهم زعماء لمعسكرات تنظيم الأخلاق والفضيلة..

يتخيلون أنفسهم أصحاب مشروع للقضاء على الرذيلة وإعادتنا من عصور الجاهلية إلى عصور الإيمان، جزء كبير من مشكلاتنا اليومية يكمن في هذه الكوميديا التي يريد من خلالها البعض إيهامنا بأنهم أوصياء على المواطن الذي هو بالأساس بلا حول ولا قوة. في الآونة الأخيرة ارتدى عدد من النواب زي الوعاظ ليتحولوا إلى دراويش، كُل يفتي بما يروق له، لتتحول مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة يحكمها وليُّ الأمر الذي بيده مقاليد السلطة، وما على الرعايا إلا الطاعة والتسبيح بحمده ليل نهار، بل ذهب الخيال بالبعض حتى تصور نفسه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ هذا الشعب المارق وإخراجه من الظلمات إلى النور.

ففي فصل كوميدي لا يريد أن ينتهي خرج علينا النائب مثنى السامرائي مطالبا بان تكون المحكمة الاتحادية بالمحاصصة ، فيما يصر النائب كريم عليوي على ان تتشكل المحكمة من عدد من القضاة وخبراء الشريعة ، فلا محكمة اتحادية في البلاد ما لم يتم إجراء تعديلات على بعض الفقرات لكي تنسجم مع الدستور الذي رسخ المحاصصة ومع الشريعة الإسلامية .

إن أي عاقل يدرك جيدًا أن تصرفات العديد من النواب، تدخل في باب النصب والتدليس السياسي، حين يتم استدعاء الدين وتسخيره لخدمة المصالح الشخصية، خاصة إذا كان المقربون من السلطة لا يتذكرونه إلا عند الدفاع عن مصالحهم . 

لماذا يتذكر البعض الدين فقط عندما يتعلق الأمر بأمنه وبقائه في السلطة، وينساه عندما يتعلق بحقوق المواطنين وما يرتكب في حقهم من جرائم؟

ولطالما شاهدنا نوابًا تأخذهم نوبة من الدروشة حين يتم الحديث عن الفساد وسرقة المال العام ، مرات كثيرة نسمع ونشاهد نوابًا يخرجون الدستور من جيوب جُببهم ويصرخون ضد كل من يطالب باحترام حقوق الآخرين، أو لأن البعض يريد أن ينتصر لحق العراقيين في العيش بمجتمع يحترم خياراتهم السياسية والفكرية والاجتماعية.

لماذا أصبحت الطائفة أهم، وأقوى، والتعامل بمنطق الطوائف هو البديل للمواطنة، لماذا نجد أنفسنا أمام ساسة يتصورون أن الإسلام في العراق بخطر، فيما الواقع يقول إن العراقيين متدينون، بالفطرة ولا يعيشون في عصور الجاهلية. وكأن هؤلاء النواب يمثلون شعبًا غير الشعب العراقي. ولهذا نراهم في مرات كثيرة ينتفضون من أجل التستر على الفاسدين والمخربين .

السادة دراويش البرلمان، سيظل الناس لا يصدقون كلامكم إلى أن تجيبوا عن السؤال الذي تخافون الاقتراب منه وهو: لماذا تصابون بنوبة من الدروشة كلما حاول الناس محاسبة الفاسدين والمفسدين؟.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top